المطلوب الآن ....الوحدة في الميدان

بقلم: راسم عبيدات

واضح بان الإحتلال يصعد من عدوانه على الشعب الفلسطيني،وقضية المستوطنين الثلاثة الذين إختفوا في الخليل لتكتشف جثثهم لاحقاً،وما اعقبها من شن الإحتلال لحرب شاملة على الشعب الفلسطيني،وعلى حركة حماس وباقي فصائل المقاومة،لم يكن هدف تلك الحملة امنياً بالدرجة الأولى،بل هناك اهداف سياسية تقف من خلف هذه العملية المتدحرجة والمتصاعدة،وفي مقالة سابقة لي قلت بأن الحرب على غزة،هي مسألة وقت،وهي الحرب الان تشن على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وفي القدس والداخل الفلسطيني-48 - والضفة الغربية،وهذه الحرب التي تشن على شعبنا الفلسطيني تتواطأ فيها اطراف عربية وإقليمية ودولية،وكما قلت بأن هناك مشروع سياسي يجري طبخه،يحمل في ثناياه وجوهره تصفية القضية الفلسطينية،ولتحقيق هذا الغرض والهدف،لا بد من كسر وتطويع قوى المقاومة الفلسطينية،وخلق حالة واسعة من الإحباط واليأس في صفوف الشعب الفلسطيني،وترهيبهم وتخويفهم بالطرد والترحيل الجماعي،وإفهامهم بأن المقاومة لن تجدي ولن تحقق لهم شيئاً.
عملية الخليل طالت اعتقالاً المئات من المناضلين،بما فيهم من تحرروا في صفقة الوفاء للأسرى"صفقة شاليط"،وكذلك عمليات الدهم والتفتيش والإقتحام والتدمير والتكسير المترافقة مع تلك الإعتقالات،ناهيك عن هدم منازل وممتلكات،وإغلاق العديد من المؤسسات تحت حجج وذرائع علاقتها بالمقاومة الفلسطينية،ومنع الناس من الحركة والتنقل والعمل وغيرها من الإجراءات والممارسات القمعية والإذلالية.

وفي حالة كهذه يفترض ان تنصهر وتتوحد كل قوى المقاومة الفلسطينية ميدانياً في إطار وبوتقة واحدة من أجل مواجهة والتصدي لمثل هذا العدوان،والذي شن على شعبنا الفلسطيني،وفق تحضيرات مسبقة منذ زمن،كما صدر عن قادة واجهزة الإحتلال وأذرعه السياسية والعسكرية والأمنية،والذي جاء بعد ما عرف بحكومة "الوفاق" الوطني،ولكن بدلاً من ذلك وجدنا أن حالة من التحريض والمناكفات والإتهامات،بين قطبي من عملوا على إخراج تلك الحكومة للعلن (فتح وحماس)،بلغت ذروتها أثناء شن الإحتلال لحربه تلك على الشعب الفلسطيني،فحماس تتهم سلطة الرئيس عباس بانها شريك في العدوان عليها،وفي المقابل تلك السلطة،ترى بان حماس في أسرها غير المثبت للمستوطنين الثلاثة ومن ثم قتلهم لاحقاً،تريد ضرب الشعب الفلسطيني والمنظمة والسلطة على اعتبار ان السلطة منجز وطني وليس مشروع استثماري لحفنة من المنتفعين،وتصاعدت الأمور حدة بين الطرفين بعد خطاب الرئيس عباس أمام منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة،حيث اكد الرئيس عباس على قدسية التنسيق الأمني مع الإحتلال،وعلى كون الثلاثة اسرائيليين المختطفين والمقتولين لاحقاً بشر ويجب اعادتهم الى اهلهم،في وقت يخطف فيه شعب باكمله وتمارس بحقه كل أشكال القمع والتنكيل.
عقب ذلك تصاعدت الأمور حيث أقدمت مجموعة من المجرمين والقتلة المستوطنين على إختطاف وتعذيب وقتل الفتى الشهيد محمد ابو خضير من شعفاط،وهذا رفع من حدة ومنسوب الغضب الفلسطيني،وأندلعت مواجهات وهبات جماهيرية غير مسبوقة في القدس وفي الداخل الفلسطيني،وجزء من غضبها كان موجهاً على السلطة الفلسطينية،والتي تهمل قضية القدس،وتتعاطى مع المقدسين بما يشتم منه الإتهام والطعن في وطنيتهم وإنتمائهم،ولإمتصاص حالة الغضب المقدسي أرسل واوفد الرئيس الفلسطيني عدد من اعضاء اللجنة المركزية للإلتقاء بفعاليات ووجهاء القدس من اجل إمتصاص غضبهم تجاه السلطة والعمل على إحتواء الأوضاع ومنع تصاعدها.

في هذا الوقت كان الإحتلال يصاعد من عدوانه على قطاع غزة ويسقط المزيد من الشهداء،وكانت قوى المقاومة الفلسطينية ترد على ذلك العدوان بقصف المغتصبات الصهيونية بالصواريخ،وليعلن "الكابينت" الصهيوني المجلس الأمني المصغر بأن العدوان على قطاع غزة قد بدأ.
هذا العدوان الذي يستهدف الشعبي الفلسطيني باكمله وليس حركة حماس او الجهاد او الفصائل المقاومة الأخرى،فهو يريد تدمير وتصفية كل قوى المقاومة وبنيتها وهيكليتها وقياداتها واجهزتها وأذرعها،من اجل خلق بيئة حاضنة او مستوعبه وغير قادره على الإعتراض على المشروع السياسي الجاري العمل على تنفيذه،وهذا العدوان يتطلب من كل القوى الفلسطينية ان تتوحد على المستويين السياسي والميداني،ولكن حتى اللحظة الراهنة لم نجد ترجمات عملية ووحدوية لمجابهة وصد العدوان،ومن يعتقد بانه سيخرج رابحاً او سيحقق إنجازاً سياسياً في كسر قوى المقاومة فهو واهم ،وواهم جداً،فهو يعرف جيداً طبيعة هذا الإحتلال المتعجرف والمتغطرس،وانا أستغرب في ظل تصاعد العدوان على شعبنا على طول مساحة فلسطين التاريخية،هناك من يلقي كلمة امام مؤتمر سلام اسرائيلي،فأي سلام أيها الحالمون،في ظل قتل وبطش وتدمير يطال بشرنا وشجرنا وحجرنا.

العدوان على شعبنا الآن يتطلب منا جميعاً،ان نرتقى الى مستوى المسؤولية وتضحيات شعبنا الفلسطيني،وان نحقق الوحدة بشكل حقيقي والمشاركة في القرار،فأنا ابشركم بأن تدمير غزة وتصفية قوى المقاومة هناك،لن يقدمها الإحتلال على طبق من ذهب لبعض الحالمين،فالمشاريع والمخططات البديلة جاهزة إلحاق غزة بمصر،وإلحاق اجزاء من الضفة بالأردن،بعد ان يضم الإحتلال المناطق المسماة (سي) 60 % من مساحة الضفة الغربية،وفي احسن الحالات الإحتلال، لن يسمح بإعادة وحدة الجغرافيا الفلسطينية،بل سيعمل على إقامة كانتونين منفصلين،يضع على رأسهما مختارين من الحالمين بالسلطة والمصالح والإمتيازات.

إن محاصرة قطاع غزة ورفض دفع رواتب موظفي سلطة حماس(40000 )،ومنع البنوك في غزة من إستلام الحوالات المالية،خوفاً من إتهام حكومة اتفاق الإطار بدعم "الإرهاب"،لم يترك لحماس أي فرصة سوى خيار سموه ما شئتم الهروب للأمام او غيره،يعني بأن هناك من يعمل على تطويع حركة حماس من اجل الإنخراط في المشروع السياسي الجاري العمل على تنفيذه.وهذا المشروع على الجميع ان يعي ويدرك انه يحمل مخاطر جدية لتصفية قضيتنا ومشروعنا الوطني.


القدس المحتلة – فلسطين

9/7/2014
0524533879
[email protected]