قوى المقاومه الفلسطينيه تخلخل نظرية الامن الاسرائيلي

بقلم: علي ابوحبله

ان الخطر الذي يتهدد الشعب الفلسطيني بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزه انما يهدد ألامه العربية باجمعها ، خاصة وان اسرائيل تحاول فرض نفسها ووجودها كقوة اقليميه في المنطقه ، العدوان الاسرائيلي على قطاع غزه تحت اسم الجرف الصامد ، المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي درعي قال ان اختيار الاسماء للعمليات العدوانية الاسرائيليه يتم بطريقه لا يفهمها مضيفا عندما يتم اقتراح اسم نجري فحصا لملائمته مع الجمهور اليهودي والجمهور الدولي ومن ثم فان المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي لا يملك تفسير محددا للأسماء التي يختارها جيش الاحتلال الاسرائيلي لعملياته العدوانيه العسكريه وآخرها الجرف الصامد التي ينفذها ضد قطاع غزه ودلالة اسم العدوان الاسرائيلي على قطاع غزه بالعبري يقول درعي ان الاسم بالانجليزية يحمل معنى دفاعي وقد تم اطلاق الانجليزية على العمليه الحاليه ويعني الحافه الواقيه وأشار الى ان اسم العمليه سواء بالعربية او العبريه "الجرف الصامد " يحمل ذات المعنى وذات الاسم ويقول انه عندما تم عرض الاسم باللغة العربية قال انه ملائم تماما ففيه كلمة صمود وكمجتمع اسرائيلي فانه يجب ان يبقى صامدا في وجه ما يسميه التهديدات مضيفا اننا بدأنا المعركة وسنخرج منها منتصرين وأكثر تماسكا ، اذا تمعنا في المعاني والمفردات والكلمات نجد ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي اصبحت تدرك معنى وخطورة المواجهة العسكريه وان نظرية التفوق الاسرائيلي وتحقيق الحسم العسكري انتهت وللأبد ، وان القياده العسكريه الاسرائيليه منذ حرب تموز 2006 ضد حزب الله ولغاية الان لم تعد تملك قوة الردع التي بإمكانها التحكم بالمعركة وحسم نتيجتها وان هزيمة اسرائيل في لبنان وفشل عدوانها على غزه في 2009 في عملية الرصاص المصهور وعملية عمود السحاب في 2012 ، وان في دلالة العملية الاسرائيليه الجديدة التي تستهدف الشعب الفلسطيني في تموز 2014 ما يحمل اهداف عده حيث ان اسرائيل تريد من عملية الجرف الصامد اختبار قوة الردع لديها واختبار صمود الجبهة ا لداخليه لديها لان هناك مخاطر قادمة تتهدد الكيان الاسرائيلي وتتخوف اسرائيل من اية مواجهة مع حزب الله وسوريا معا ، لقد كرست قوى المقاومه الفلسطينيه مرة اخرى نظرية الامن الاسرائيلي واستطاعت ان تضرب في عمق الكيان الاسرائيلي حيث وصلت صواريخ المقاومه الى قلب تل ابيب والقدس والمستوطنات في جنوب الضفة الغربيه ووصلت الى الخضيره ، وهذه معادله تفرض نفسها على قيادة الجيش الاسرائيلي ، اذ ان قطاع غزه المحاصر بحصار محكم يملك هذه الترسانة والنوعيه من الاسلحه ، فكيف الحال مع ما يملكه حزب الله وسوريا وإيران معا ، ان تاريخ ألامه العربية يصنع اليوم على اصغر بقعه في الارض ، على ارض غزه التي تمثل فقط 2% من مساحة فلسطين التاريخيه وهي تعد من اكثر بقاع الارض من حيث الكثافة السكانية ، ان قوى المقاومه الفلسطينيه تخلخل نظرية الامن الاسرائيليه وتعمل على تغيير معادلة الصراع مع اسرائيل ، المقاومه الفلسطينيه والشعب الفلسطيني منذ العدوان المستجد للاحتلال الاسرائيلي على الضفة الغربيه والعدوان العسكري على قطاع غزه حيث تسطر قوى المقاومه اروع ملحمة يمكن ان تحدث في التاريخ من خلال التلاحم الشعبي مع المقاومه وهذا دليل على ان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يستسلم امام الة العدو الاسرائيلي وانه مصر على ا لمقاومه حتى نيل حقوقه الوطنيه ، ان قوى المقاومه الفلسطينيه قلبت المعادله وهي تسدد ضربه قاصمه اخرى لنظرية الامن الاسرائيلي بضرب تل ابيب والقدس والخضيره وهذا يعني ان اسرائيل اليوم امام معادله جديدة في الصراع العربي الاسرائيلي وان القوه الصاروخيه تضرب كل المعادلات وهذا ما تتخوف منه إسرائيل بعد ان فشلت القبة الحديديه من التصدي للصواريخ الفلسطينيه ، أي حرب قادمة مع اسرائيل لم يعد العمق في الكيان الاسرائيلي امنا لان جميع المناطق في داخل الكيان الاسرائيلي هي في مرمى الصواريخ التي تملكها قوى المقاومه الفلسطينيه وكذلك حزب الله وسوريا وإيران ، الدور الاستراتيجي للصواريخ في حرب المقاومه يقلب موازين القوى فهذه الصواريخ تقوم مقام الطيران والمدفعية وهي رخيصة السعر بالقياس للطلعات الجوية وهي تتمتع بمرونة عاليه جدا تتناسب مع خفة حركة المقاومه وهي تضرب العدو في مقتل الجبهة الداخليه ، وقد قامت نظرية الامن الاسرائيلي على تحصين الجبهة الداخليه المحدودة العمق ، وتعمدت اسرائيل بنقل معاركها الى خارج حدود الكيان الاسرائيلي وحسمها خارج الحدود وبسرعة ، فالكيان الاسرائيلي بحسب المعطيات والدراسات لا يتحمل التعبئة العامه اكثر من ثلاث او اربع اسابيع وأكثر من ذلك فان اليهودي بطبيعته يخشى الموت ويخشى التهديد به ( والايه الكريمة خير دليل على ذلك حيث قال الله تعالى " ولتجدنهم احرص الناس على حياة ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنه وما هو بمزحزحه من العذاب ان يعمر والله بصير بما يعملون " وهم في سبيل ذلك يجتهدون ويضعون دائما في حساباتهم ونظرياتهم الدراسات لكيفية تجنيب الجبهة الداخليه للعدوان الخارجي ، لقد تم تسليط الضوء في مؤتمرات هرتسليا المتعددة تحت عنوان ميزان المناعة والأمن القومي الاسرائيلي ، حيث تم تسليط الضوء على مجموعة التحديات ألاستراتجيه التي تواجه وتهدد الامن القومي الاسرائيلي وكان من اهمها استمرار تنامي قوى المقاومه الفلسطينيه فيما اجمع المشاركون على ان البرنامج النووي الايراني يشكل التحدي الاستراتيجي ، وفي التقييم الاستراتيجي الذي نشر في 23/12/2007 على موقع صحيفة يديعوت احرنوت باللغة العبريه اكد جهاز الاستخبارات العسكريه امان ،ان اسرائيل تقف امام ثلاث تحديات استراتجيه كبيره هي المشروع النووي الايراني ، وإمكانية اندلاع حرب في الجبهة الشرقيه والشمالية مع سوريا وحزب الله بالإضافة للتهديد الذي يمثله قطاع غزه " ان التهديد الذي ينطوي عليه قطاع غزه هو ما سماه بوجود حاضنه لقوى المقاومه في غزه وهو يتطور يوم عن يوم ويتحول لتهديد ينذر بالمس في المستوطنين في منطقة النقب ويجزم التقرير ان هذا التهديد سيزداد خطورة خلال العام القادم وهو عام 2009 الذي شنت فيه اسرائيل عدوانها على غزه وسمتها عملية الرصاص المصبوب ، افي سيخاروف مراسل الشؤون الفلسطينيه والعربية للاذا عه الاسرائيليه باللغة العبريه وعاموس هارئيل المراسل العسكري للصحيفة هارتس يرى الخبراء والمحللون السياسيون الاسرائيليون ان اهم اثر للمقاومة الفلسطينيه على النظام السياسي الاسرائيلي دفعها نحو تآكل النظام الديمقراطي في الدوله العبريه ، حيث بدا وضحا طغيان دور المؤسسه العسكريه على الهيئات السياسيه وتجاوز هذا الدور الحكومات المنتخبه نتيجة لاستمرار حالة النزاع ، وتفويض الجيش لحسم المعركة دون النظر للخيارات الاخرى مما اعطاه زمام المبادرة والتحكم في القرار السياسي اضافة الى جنوح المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين ،( سفركس وأطياس ، 2007 يقول ولعل اوضح معلم ، من معالم تأثير المقاومه الفلسطينيه على النظام السياسي تآكلت السمات الديموقراطيه للنظام عبر اضطلاع الجيش بدور هائل في عملية صنع القرار لدرجة ان عوفر شيلح يصف اسرائيل بأنها اصبحت دوله يملكها جيش ،كما اعتبر وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق شلوموا بن عامي ان اخطر نتائج المقاومه الفلسطينيه على النظام السياسي تقديم المسوغات لتدخل الجيش في صنع القرار السياسي معتبرا ان اسرائيل تفقد تميزها في المنطقه كدوله ديمقراطيه منوها الى ان بقاء حالة الصراع على حالها تؤذن بظهور المزيد من مظاهر العسكره التي تؤدي الى خنق المجتمع والدولة ، وجعل القرارات المصيريه في ايدي العسكر ، اسرائيل ترى في المقاومه الفلسطينيه خطرا محدقا بها اذ استطاعت المقاومه الفلسطينيه بإمكانياتها البسيطة ان تخترق الجبهة الداخليه الاسرائيليه وهو ما لم تستطع الجيوش العربية من تحقيقه وان قوى المقاومه الفلسطينيه اثرت على معنويات جيش الاحتلال الاسرائيلي وعرت حقيقة الجيش الذي لا يقهر ، واللافت ان هناك شبه اجماع في اوساط الجنرالات المتقاعدين والخبراء الامنيين الاسرائيليين حول حتمية تطور العمل المقاوم الفلسطيني بشكل يتضاعف معه التهديد الذي تنطوي عليه المقاومه الفلسطينيه ، ولقد اوجز الجنرال غيورا ايلاند مدير مجلس الامن القومي الاسرائيلي الاسبق عندما قال لا شك لدي اننا نتحدث عن كتلة ثلج متدحرجة وان الفلسطينيون سيطورون قدراتهم العسكريه والقتالية والتقنية بشكل يقلص من مدى تفوقنا العسكري عليهم وهو ما يعني ضرورة التسليم بسقوط المزيد من القتلى في صفوف الاسرائيليين ، وختم علينا ان نستعد للسيناريو الاسوأ ، لقد خلخلت قوى المقاومه الفلسطينيه اربعة مبادئ لنظرية الامن الاسرائيليه وهي نظرية الامن التي وضعها بن غوريون منذ اكثر من ستين عاما اراد من خلالها ان يجيب على سؤال مصيري ل اسرائيل وهو كيفية تحقيق الامن لشعب قليل العدد يواجه كثرة معاديه ويعيش على قطعة ارض ضيقه مواردها الماليه محدودة فكان اتجاهه نحو ارساء مجموعه من المرتكزات والمبادئ التي ستنطلق منها لتحقيق امنها فوضع لنظريته ركائز عده اهمها ان كل الشعب هو جيش الشعب المسلح ونقل الحرب الى ارض العدو ، اما اهم المبادئ ألاستراتجيه المطلوبة لتثبيت المرتكزات سابقة الذكر فكانت كالأتي ، ايجاد الحدود الامنه ، امتلاك قوة الردع والعمل على تطويرها ، الحرب القصيرة ، توفير المرونة الميدانيه ، وسرعة الحركة في ارض المعركة ، اسلوب الهجوم في القتال ، نجحت اسرائيل في تطبيق مرتكزات ومبادئ نظريتها على مدار خمسين عاما ولكن ومنذ بروز المقاومه الفلسطينيه وحزب الله بشكلها الجديد حيث بدأت تتآكل بعض مبادئ تلك النظريات وتحقق ذلك بشكل جلي وواضح في حرب تموز 2006 على لبنان وحرب غزه 2009 حيث استطاعت قوى المقاومه الفلسطينيه وحزب الله من خلخلة وتحطيم احدى اهم ركائز نظرية الامن الاسرائيليه اضافة الى مبادئ عديدة ، الركيزة الاساسيه بانتهاء عصر نقل المعركة الى ارض العدو ، فلم يعد بإمكان اسرائيل حماية جبهتها الداخليه ونقل المعركة الى ارض العدو كما كانت تفعل في حروبها السابقه والفضل في كسر النظريه يعود لقوى المقاومه الفلسطينيه والشعب الفلسطيني وان عدوان اسرائيل على غزه 2014 يفرض وقائع جديدة على ارض المعركة وتدرك اسرائيل جيدا ان قوى المقاومه الفلسطينيه في صراعها مع اسرائيل تخلخل نظرية الامن الاسرائيلي وهي تتخوف من أي حرب قادمة مع حزب الله والجيش السوري ان تنتقل المعركة الى داخل الكيان الاسرائيلي الامر الذي يهدد فعلا وجود الكيان الاسرائيلي ، لقد فرضت قوى المقاومه الفلسطينيه معادله ان اسرائيل لن تكون القاعدة الامريكيه المتقدمه التي بإمكانها ان تحمي المصالح الامريكيه الغربيه وان اسرائيل تشكل عبئ اقتصادي على امريكا وان امريكا والغرب قد يعيدان حساباتهما وتحالفاتهم في المنطقه مما يترتب على اسرائيل حقا اعادة حساباتها والقبول بمبدأ السلام والتعايش السلمي وان تكف عن الحروب والقتال بعد انكفاء قوتها وتحطم نظرياتها الامنيه.