قراءة المعادلة ..../هاني العقاد

بقلم: هاني العقاد

طائرات حربية وطائرات استطلاع تعمل بالتحكم الالكتروني و رادارات واسلحة بالأطنان ,دبابات ومدافع وصواريخ تحمل مئات الكيلو غرامات من المتفجرات, اسلحة محرمة دوليا كالدايم والفسفور الابيض والنابالم ,اسلحة تحدث تهتك في كافة انحاء الجسم , كل هذا لا يكفي اسرائيل لاستخدامه ضد الفلسطينيين في غزة , اكثر من مائة الف طن من المتفجرات اسقطت فوق رؤوس المدنيين في غزة خلال اسبوع ولم تستسلم غزة كما تعتقد اسرائيل ومازالت تعتقد اسرائيل أن مسح احياء في غزة بدعوي الصواريخ سوف تعلن الاستسلام ولن تنطلق الصواريخ البته على مدن اسرائيل وخاصة تل ابيب التي لم يعتقد أي من الصهاينة انها ستقصف يوما من الايام بعد حرب العراق , ولم تعتقد أي قوة دولية ان تل ابيب يمكن ان تكون هدفا لأي عمليات عسكرية بين اسرائيل والفلسطينيين.

المعادلة مختلفة تماما ولا يمكن باي حال من الاحوال قرأتها دون هذا الاختلاف لان ما تملكه اسرائيل من اسلحة يجعل المعادلة مختلفة بالمطلق ,وهنا تحاول اسرائيل امام العالم ان تسوق للعالم قراءة المعادلة بالتساوي بين الضحية والجلاد ,بين الاحتلال والشعب المحتل , اسرائيل تحاول ان تسوق للعالم ان يقرأ المعادلة على أن اسرائيل تحارب كيان متفوق استراتيجيا بالأسلحة النوعية ولكن دون جدوي فالعالم يعرف ما يملكه الفلسطينيين من صواريخ قد لا تقارن ولا يمكن ان تدخل في معادلة مقارنة مع اسلحة اسرائيل وامكانياتها العسكرية المتطورة, ومع فشل اسرائيل في تسويق المعادلة للعالم تزداد الاحتجاجات الدولية الشعبية في دول كثيرة بالعالم منها بريطانيا التي خرج لشوارعها بالأمس اكثر من عشرة الاف من المتظاهرين اغلقوا شارع السفارة الاسرائيلية ورفعوا اللافتات وهتفوا ضد اسرائيل وضد الحرب التي وصفوها بالمذبحة وطالبوا بوقف هذه الحرب المجرمة فورا وتوفير الحماية للفلسطينيين ,ووقف وانهاء الاحتلال بالكامل , ليس لندن بل استراليا وامريكا واسبانيا وايطاليا والسويد والنرويج والعديد من دول العالم احتجوا اما سفارات اسرائيل في اشارة الى ان العالم يفهم المعادلة بعدالة .

ادرك هؤلاء الاحرار ان المعادلة مختلفة وان ما يجري على ارض غزة هي حرب تدميرية انتقامية بامتياز , حرب تستهدف الكل الفلسطيني لتصفية جزء اصيل من الصراع ومسح احياء كاملة من غزة وتوسيع خطوط المناطق العازلة ورسم خارطة جغرافية جديدة لغزة على اعتقاد ان هذا سوف يوفر الامن لسكان اسرائيل بالمستقبل ويبقي سكان غزة دون حياة تناسب حياة الادميين ,انتفض العالم ضد هذه الحرب واعتقد ان الاحتجاجات ستستمر طالما استمرت الحرب الانتقامية التدميرية وسوف تزداد وتيرة هذه الاحتجاجات يوما بعد اخر لتشكل ضغط دولي كبير ليتحرك العالم المركزي وهيئاته الاممية , الامم المتحدة ومجلس الامن لوقف هذه الحرب و توفير الحماية الدولية للفلسطينيين الى أن يتمنوا من تقرير مصيرهم واقامة دولتهم , ادرك العالم ان الفلسطينيين غير متاح لهم في غزة والضفة والقدس ان يبنوا بيوتا او يطورا حياتهم ,غير مسموح لهم التحرك والنقل والسفر غير مسموح لهم امتلاك مطار ولا ميناء ولا حتي قطار , غير مسموح لهم ان يتحركوا خارج غزة بالمطلق , ادرك العالم ان غزة سجن كبير له مواصفات مختلفة عن السجون التقليدية يعيش فيه اكثر من مليون ونصف فلسطيني دون امل في حياة تتساوي او تقارن مع باقي شعوب العالم , هكذا فهم العالم المعادلة بالمقارنة مع سكان اسرائيل على تخوم غزة ومدن اسرائيل الذين تتوفر لهم كل عناصر الحياة والامن والاستقرار والتطور والنمو الاقتصادي واصبح يطالب بالمساواة والعدل في التعامل مع دوائر الصراع .
لان المعادلة مختلفة فإن أي نهاية للحرب على غزة هذه المرة يجب الا تكون عل حساب هؤلاء الصابرين المحتسبين امرهم لله تعالى , هؤلاء الذي يعيشوا بلا عيش ويموتوا بألة الموت الاسرائيلي من حرب الى اخري , يجب ان يتحقق للفلسطينيين نصرا مؤزرا بإرادتهم وارادة المقاومة , يجب ان يفك حصارهم ويفك اسرهم وتحطم تلك البوابات التي تتحكم فيها إسرائيل وحدها من خلال فتح المعابر وانشاء الموانئ والمطارات التي تمكن هذا الشعب من التواصل مع العالم والنمو والتطور , لا اعتقد بغير هذا ستنتهي الحرب الحالية وان انتهت بتهدئة كالسابق فإن علاج المشكلة سيكون مؤقتا وستتراكم مشاكله بمجملها وترحل لحرب اخري بعد فترة قليلة, وتعود المعاناة ويعود العالم لقراءة المعادلة من جديد , لقد بات مهما ان تقرأ اسرائيل و ساستها واحزابها وقادة جيشها المعادلة الان فالصواريخ حلها لن يأتي بالحرب وبالدمار وبالقتل وقصف البيوت وارتكاب المجازر, حلها يأتي بالاعتراف بالمقابل انه شعب يحتاج ان يعيش كباقي الشعوب, وان لم تعترف اسرائيل بالمقابل وتتخلى عن اغتصابهم لأرض فلسطين وتقر بحل الصراع على اساس مشروع الدولتين الحد الأدنى للسلام وعلى اساس القرارات الشرعية , فإنها بذلك تحمي شعبها ومدنها من صواريخ الفلسطينيين الان وفي المستقبل, وغير ذلك ستبقي تل ابيت وحيفا والقدس والمستوطنات حولها وكل مستوطنات الضفة ستكون تحت مرمي الصواريخ الفلسطينية والعمليات الدفاعية عن الحق والهوية الفلسطينية حتى لو كلف هذا الامر الفلسطينيين مليون شهيد ومليون خيمة يعيشوا فيها بدل بيوتهم التي دمرتها طائرات الاحتلال امريكية الصنع .
[email protected]