من الطبيعي في كل حرب إسرائيلية يتعرض لها شعبنا ـ تبدا الكثير من الجهات الدولية والعربية والإقليمية في طرح مبادرات سريعة الغرض منها إنهاء القتال وحقن الدماء ، قد تكون هذه المبادرات أو بعضها مقبولة لدواعي إنسانية فقط ، وأقول بعضها لان هذه المبادرات إنما تعالج مسألة سياسية من منظور أنساني محض ، وتنسى هذه المبادرات الجانب الأهم في هذا الصراع الدائر، ألا وهو القضية الجوهر قضية شعب فلسطين الذي يتعرض إلى محاولة الاجتثاث ، عبر التصفيات الجسدية ،حيث سقط في هذه الحروب المئات بل الآلاف من أبناء شعبنا ، وآلاف آخرين أصبحوا في عداد العجزة بعد أن تعرضوا إلى إعاقات جسدية دائمة ، بالإضافة إلى تدمير المنازل والمنشآت ومرافق البنية التحتية ، في الوقت الذي تعمل إسرائيل على جلب أعدادا كبيرة من المهاجرين اليهود لتوطينهم في المستوطنات المقامة على حساب الأراضي الفلسطينية ، هذا هو جوهر الصراع وهو الأرض والإنسان الفلسطيني .
تأتي هذه المبادرات لتتجاهل جوهر الصراع وتقوم بالتركيز على أمور ميدانية دون الالتفات إلى احتمالية عودة القتال كل فترة، وهذا ما حدث في ثلاثة حروب شهدها قطاع غزة اثنتان انتهتا باتفاقيات هزيلة اللهم بالعمل على امن إسرائيل التي لم تلتزم أبدا بكل ما تم التوقيع عليه .
في خضم هذه المبادرات تأتي المبادرة المصرية الخيرة التي نراها لا تختلف كثيرا عن اتفاق عام 2012 ، إن لم تكن منبثقة من روح هذا الاتفاق ، وتظهر عجز الفكر العربي السياسي أمام الضغط الصهيوني الأمريكي عند صياغة هذه المبادرة، حيث استخدمت عبارة الأعمال العدائية مرتين ، في مساواة واضحة بين الضحية والجلاد ، وهذه العبارة التي أثارت جدلا كبيرا في الأوساط الفلسطينية التي عارضت هذا الاتفاق في حينه، وفي الأوساط المصرية التي عارضت حكم الإخوان الذي اشرفوا وضمنوا هذا الاتفاق ، تأتي هذه المبادرة ومن أركان العهد المصري الجديد ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على عدم ايلاء القضية من الأساس بالاهتمام الكافي .
كما يلاحظ أن هذه المبادرات لا تهتم إلا بشان قطاع غزة ، صحيح أن الأوضاع الإنسانية تفرض نفسها في مثل هذه الظروف، لكن إذا كان مبادرات فلماذا لا تشمل نقاطا رئيسية في جوهر الصراع كالاستيطان والجدار ومصادرة الأراضي والحصار بشكل عام الخ ، ما لفت نظري في شروط الفصائل التي تم توجيهها ردا على المبادرة المصرية، أجد أن القضية الفلسطينية حصرت في قطاع غزة ، بدءا بالتهدئة لمدة عشر سنوات ثم المطار والميناء ومسافة الصيد والأراضي الزراعية، أما الأسرى فحصر الأمر على الأسرى الجدد بعد 23 يونيو أما الأسرى القدامى وعددهم 5000 أسير فلم يتم التطرق لبيهم .
مقصد القول ونحن نعيش الحرب بمعنى الكلمة ، قلنا ونقول أن هذه الحرب ربما تكون حربا مفصلية في تاريخ صراعنا مع عدونا ، لذلك ومع قولي دائما بان غزة هي أول الوطن ولن تكون هناك دولة فلسطينية بدون غزة ، إلا إننا ونحن نقف في غزة فخطانا وأنظارنا إلى هناك إلى القدس ونابلس والخليل وكل الأراضي الفلسطينية حتى الأراضي المحتلة عام 1948 .
في ضوء ذلك نرجو ممن قدر لهم الإمساك بزمام الأمور في بلادنا من قيادات عدم اختزال قضيتنا في قطاع غزة ، لأننا في فلسطين ولفلسطين ، ورحمك الله يا أبا عمار عندما سئل وهو على ظهر الباخرة المغادرة للشواطئ اللبنانية إلى أين آنت ذاهب قال : إلى فلسطين .
نعم فلسطين ثم فلسطين ثم فلسطين ولتبدا من غزة ، النصر لنا إنشاء الله ، لأننا مؤمنون بالله أولا ومؤمنون بعدالة قضيتنا .
أكرم/ أبو عمرو
غزة- فلسطين
15/7/2014