محادثات باريس انعكاس للواقع الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي في ظل سياسة التمحور والخلافات التي تنخر في الجسم العربي والإسلامي ، لقد اذهل صمود المقاومه الفلسطينيه في تصديها للعدوان الاسرائيلي محور التآمر الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينيه ، وان عدوان اسرائيل على الفلسطينيين تم بتوافق محوري اقليمي ضمن مخطط لاستهداف وإضعاف السلطة الوطنيه الفلسطينيه لتمرير شروط التسوية وإفشال المصالحه الوطنيه الفلسطينيه وإسقاط حكومة التوافق الوطني الفلسطيني وذلك من خلال استغلال عملية خطف ثلاثة مستوطنين تمت على خلفيه جنائية كما ذكر برنامج المجلة الدوليه الذي يبث على المحطة الالمانيه الثانيه ZDF قدم من خلاله الصحفي المحقق كريستان سيفرس الاثنين في 21 /7/ 2014 تقريرا صحفيا جريئا حول مقتل المستوطنين الثلاثة في شهر حزيران يونيو وكشف بعد تحريات دقيقه ان قتل المستوطنين الثلاثة كان جريمة مدنيه قام بها رجل بدافع اطماع ماديه بحته وقد قام بقتل الثلاثة مستوطنين وحرق السيارة وجثثهم بها بالقرب من الخليل ( كل المعلومات موثقه في التقرير المذكور ) وأفاد الصحفي ان جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي شين بيت كان على علم بتفاصيل الحادث عن طريق الشرطه وأوضح التقرير ان الشين بيت فرضت بأمر نتنياهو حظر تام على المعلومات ومنعت الشرطه من اية تصريحات واحتكرت التحقيق في الجريمة للجيش رغم اختلاف الصلاحيات وكل ذلك بغرض استثمار الحدث من اجل ضرب التوافق الوطني الفلسطيني وإنهاء المصالحه الوطنيه الفلسطينيه وضرب قوى المقاومه الفلسطينيه بناء على خطط كانت معده سلفا وينتظرون مبررا لتنفيذها ، وقد وجه الصحفي كريستيان اتهامات واضحة للحكومة الاسرائيليه بالتلاعب بأجهزة الدوله والتآمر على المدنيين وارتكاب جرائم حرب في حق المدنيين وذلك ضمن مخطط افشال المصالحه الفلسطينيه وفرض تسويه وفق الشروط الاسرائيليه ، وإذا اضفنا الى ذلك ما كشف عنه الاعلام من فضيحة تتعلق بتحريض محوري اقليمي لإسرائيل لاجتياح قطاع غزه فان ما تواجهه القضية الفلسطينيه هو صراع احلاف بادراه دوليه محوره القضية الفلسطينيه ويهدد الى قيام انتفاضه ثالثه تؤدي الى تفجير المنطقه بأكملها.
اجتماع باريس لبحث وقف اطلاق النار يكرس الانقسام في صراع المحاور حيث مصر والسعودية والإمارات والأردن في موقف وتركيا وقطر في موقف اخر وهناك تقاطع في المصالح ولو مرحليا بين ايران وتركيا في غزه بسبب تباعد الخيارات ألاستراتجيه والأهداف بين البلدين ، عدوان اسرائيل على غزه هو تصفية حسابات لبعض دول المحور وذلك من خلال استغلال العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني للقضاء على حركة حماس على اعتبار البعض من المحور العربي انها الذراع العسكري لحركة الاخوان المسلمين وهي كذلك بذهن المصريين والسعوديين وحلفائهم في المنطقه وبوجهة نظر الاسرائيليين فان القضاء على قوى المقاومه الفلسطينيه يعد نصر استراتجيا بما يتوفر من غطاء لإسرائيل بارتكابها جرائم حرب ضد الانسانيه بحيث يعد انتصارها في هذه الحرب نصرا استراتجيا عظيما بحسب ما اعلن عنه كبار المسئولين في شعبة الاستخبارات العسكريه الاسبق عاموس يدلين.
منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزه والعيون تشخص نحو نتائج العدوان الاسرائيلي على غزه ، لم تصدر بيانات الشجب والاستنكار لهذا العدوان وان اجتماع الجامعه العربيه الطارئ لبحث عدوان اسرائيل على غزه جاء بعد اسبوع من العدوان الاسرائيلي حيث ترافق ذلك الاجتماع مع المبادرة المصريه لوقف اطلاق النار بدون اية شروط وكانت المبادرة المصريه بمثابة تغطية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزه ، عدوان اسرائيل على الشعب الفلسطيني كان بمثابة تصفية الحسابات الاقليميه بين القوى المحوريه المتحالفة وان الشعب الفلسطيني يدفع ثمن تلك الخلافات ، عدوان اسرائيل على غزه لها ابعاد وتداعيات وانعكاسات لما لها من نتائج بفعل صمود قوى المقاومه ونجاح خلخلة النظريه الامنيه الاسرائيليه وان تداعيات تلك الحرب بنتائجها ووفق ما اعلن عنه اوباما وفي اكثر من مناسبة ان امريكا لن تسمح لإيران باستنساخ نماذج للمقاومة على شاكلة حزب الله اللبناني في دول المنطقه وان هدف الادارة الامريكيه هو نزع سلاح المقاومه في غزه ليسار بعد ذلك الى نزع سلاح حزب الله قبل التسليم لإيران بحقها في التخصيب النووي السلمي ، هذا هو الجوهر الحقيقي لحقيقة الصراع في المنطقه ولما يستهدف غزه اليوم والشعب الفلسطيني.
وهذا ما يؤكد ان كل المعطيات تشير الى ان المرحله ترجح للتصعيد العسكري وان صمود غزه سيعزز من دعم القضية الفلسطينيه ودعم المصالحه الوطنيه الفلسطينيه وتفويت الفرصه على المخطط الاسرائيلي ، التي تهدف من عدوانها على غزه لفرض تسويه بالشروط الاسرائيليه الامريكيه بدعم محوري اقليمي ، وهذا ما تكشفه حقائق فشل تحقيق وقف لإطلاق النار وفق المبادرة المصريه بالشروط المصريه ، ان نجاح قوى المقاومه الفلسطينيه في التصدي للعدوان ورفض وقف اطلاق النار بدون تلبية المطالب الفلسطينيه برفع الحصار وعدم التدخل بالشأن الداخلي الفلسطيني ادخل المحور الداعم للحرب على غزه بمأزق اصبح يتطلب مخرج من الحرج الذي وقع فيه ، محادثات باريس تعد انعكاس لواقع وحقيقة الصراع المحوري وان انتقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى باريس بعد عدة ايام امضاها في القاهره هو دليل فشل تمرير المبادرة المصريه لوقف اطلاق النار مما اجبر وزير الخارجية الامريكي لإدخال تعديلات على المبادرة المصريه ضمن محاولات اقناع قوى المقاومه الفلسطينيه للقبول بالمبادرة المصريه بعد التعديلات.
اجتماع باريس الذي يضم كلا من امريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وايطاليا والاتحاد الاوروبي وتركيا وقطر هو ضمن محاولات تطويق نتائج ما قد تتمخض عنه نتيجة العدوان الاسرائيلي على غزه وما ستخلفه من انعكاسات بفعل الاخفاق الاسرائيلي من تحقيق اية نتائج تذكر على صعيد القضاء على المقاومه الفلسطينيه وان اسرائيل وقعت في مأزق غزه وان الدول الداعمة للعدوان الاسرائيلي وجدت نفسها هي الاخرى بمأزق دعمها لهذا العدوان وان استمرار العدوان الاسرائيلي على غزه سيجر المنطقه برمتها للاشتعال مما ينذر بعواقب وخيمة تمس بأمن المنطقه برمتها ، وان اجتماع باريس وفق توقعات مصادر فرنسيه لشرق الاوسط ان تعلن في اعقابه هدنه في غزه لمدة اسبوع تترافق مع عيد الفطر في اطار خطة بلورها كيري الذي عقد اجتماعات متواصلة في العاصمه المصريه مع وزير الخارجية المصري سامح شكري وبان كي مون الامين العام للأمم المتحدة ونبيل العربي امين عام الجامعه العربية.
وان حضور قطر وتركيا لهذا الاجتماع وذلك بغية ممارسة الضغوط على حماس للقبول بالتهدئة ووقف لإطلاق النار ، وفق ما طرحه بان كي مون بعد مباحثات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية الامريكي جون كيري وهي هدنه لمدة سبعة ايام –بداية حوار لحل سياسي وليس عسكري ومعالجة القضايا الاساسيه ووضع حد للاحتلال الذي استمر نصف قرن والعمل للتوصل الى حل الدولتين ضمن هذا الاطار تنصب الجهود المبذولة والتحركات الدوليه والاقليميه ، فهل اجتماع باريس يعد مقدمه لاجتماع دولي لحل القضية الفلسطينيه بعد ان ثبت فشل اسرائيل بتحقيق اهدافها وان اسرائيل لم تعد القاعدة في المنطقه لحماية المصالح الامريكيه الاوروبيه.