الدم الذي ينزف في غزة دم عربي فلسطيني، والبيت الذي يدمر في غزة بيت عربي فلسطيني، والموت الذي يطوف على الشوارع والحارات في غزة، ويقصف الأعمار دون تمييز هو موت تقذفه الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإسرائيلية.
الحرب المجرمة على غزة واضحة المعالم، حرب مدمرة لا تحتاج من الإنسان العربي إلى تفكير كثير كي يحدد العدو من الصديق، ولا تحتاج إلى محاكم دولية ومنظمات حقوق إنسان كي تحدد المجرم عدو الإنسان، وتحدد هوية المدنيين الذين داستهم الدبابات على حين غفوة، فما تركته هذه الحرب من وجع ونزف داخل النفس الفلسطينية هو أعمق بكثير مما تركته القذائف الإسرائيلية من دمار وخراب سكن المباني والممتلكات،
الحرب على غزة حرب إجرامية أيقظت ذاكرة الفلسطينيين، ونبهتهم إلى أن قضيتهم لا تقف عند حدود سنة 67، وإنما قضيتهم تمتد حتى فلسطين المغتصبة سنة 1948، حين أعلن اليهود عن قيام دولتهم على أنقاض الفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم، ليعيشوا حتى يومنا هذا لاجئين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وباقي دول الشتات.
الحرب على غزة أكدت للشعب الفلسطيني بأن لهم عدو واحد مجرم اسمه (إسرائيل)، هذا العدو المجرم الذي لا يصح أن نلتقي معه إلا في ساحات الانتقام، هذا العدو الإسرائيلي الذي يحض بجرائمه الفلسطينيين على التفكير ألف مرة قبل النطق بكلمة سلام، فالسلام يتحقق بين الشعوب التي خاضت معاركها بشرف، والسلام ممكن بين الشعوب التي حاربت ضمن لوائح القدماء في التعامل مع الأطفال والشيوخ والنساء، بينما هذا العدو المجرم قد تجاوز العصور المظلمة في حربة على غزة، ومارس القتل بتلذذ، ونشر الخراب بإحساس متبلد.
الشعب الفلسطيني لن ينسى المجازر، ولن يغفر للجزار، والشعب الفلسطيني الذي عبأ صدره بالحقد سيقطع كل لسان ينطق لفظة سلام مع الصهاينة، والشعب الفلسطيني سيكسر كل يد تمتد لمصافحة صهيوني، والشعب الفلسطيني سيدوس على رأس كل من يفكر بالتوقيع على اتفاق سلام مع الصهاينة، والشعب الفلسطيني سيحتقر كل مسئول يردد مصطلح "جيراننا" أو مصطلح "الطرف الآخر" أو مصطلح "أنباء عمومتنا"!!
الشعب الفلسطيني لن ينسى ولن يغفر، وسيحاسب كل فلسطيني ينسق مع مخابرات العدو الإسرائيلي، الشعب الفلسطيني لن يسمح بعد اليوم لأي مسئول بأن يقول: "إسرائيل" دون أن يسبقها بلفظة "العدو" إنها دولة العدو الإسرائيلي التي سرقت الفرح من عيون الأطفال، ودمرت المحبة في قلوب الأجيال، ونشرت الغضب جمراً يتأجج في النفوس.