سلاح المقاومة.. آخر ما تبقى لفلسطين

بقلم: حازم محمد زعرب

لكل شعب مُحتلّْ الحق في الكفاح ضد الاحتلال بكافة السبل المتاحة بما فيها العسكرية، لاجبار المحتلين على الجلاء عن أرضه، وهذا الحق كفلته الاعراف والقوانين الدولية اذا اردنا التحدث بلغة الدبلوماسية، لكن يبدو ان العالم اليوم قد تغير واصبح هناك فارق كبير بين شعب محتل وشعب آخر محتل، وهناك فرق أيضا بين احتلال واحتلال آخر.

الاحتلال الصهيوني لارض فلسطين جاء بمباركة احدى الدول الكبرى في اعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث هي من جهزت مجموعة من العصابات الصهيونية بأسلحة مدججة منذ الحرب العالمية الاولى، لتقتل العرب الفلسطينيين على أرضهم، ومن ثم طرد من تبقى منهم وإحلال هذا الكيان الجديد على هذه الارض القديمة بعد ازاحة أهلها الاصليون عنها، وتسلمت الولايات المتحدة الامريكية راية حماية الكيان الصهيوني الوليد الجديد على هذا الكوكب، وتكفلت بتقويته وامداده بكل ما يلزم لافتعال الجرائم بحق وطن قائم بشعبه منذ آلاف السنين، واحلالهم محله، وهي التي تعتبر نفسها رائدة "العالم الحر" .

في هذا العالم الجديد تغيرت القوانين وأصبح الكيان المصطنع كيانا معترفا به ضمن كيانات العالم القائمة في زمن قياسي مقارنة بكيانات قائمة محتلة استطاعت من خلال كفاحها ان تنهي الاحتلال عن ارضها، حيث سارعت الولايات المتحدة الامريكية الى الاعتراف بهذا الكيان، ولم يتوقف الامر عند ذلك الحد بل تبنته بشكل كلي وتبنت الدفاع عنه والوقوف بوجه كل قوة تحاول تعريته وفضح جرائمة، بل وتحدت المجتمع الدولي في وقوفها صراحة خلف جرائم هذا المحتل الغاصب، ودفاعها المستميت عنه في حال تعرضه لاي عقوبة دولية جراء ما يرتكب من جرائم حرب ضد الانسانية .

الولايات المتحدة وحلفاؤها يعملون بكل جهدهم من أجل القضاء على أي مصدر تهديد لذلك الكيان الصهيوني، حتى يضمنوا بقائه بشكل مستمر، لضمان مستقبل مصالحهم في بلاد العرب، ولذلك فإن كل قوة يعتقدون أنها من الممكن أن تشكل تهديدا مستقبلياً لهذا الكيان، يتم ضربها وتفكيكها على الفور حتى لا يكون لديها قوة ردع محتملة مستقبلا لهذا الكيان.

فواهم من يعتقد أن الكيان الصهيوني يمكن له أن يتخلى طواعية عما اغتصبه بجرائم حرب، ولذلك حين دخلوا طريقا مسدودا في المفاوضات السلمية مع منظمة التحرير الفلسطينية، وظهر تقاعسهم للعيان وعدم جديتهم في اعادة ايٍ من حقوق الفلسطينيين المغتصبة؛ اخترعوا يهودية الدولة كشرط أساسي للتفاوض مع الفلسطينيين، واليوم حينما فشلوا عسكرياً في التقدم خطوة واحدة نحو تحقيق أهدافهم في قطاع غزة، بعد التدمير الهائل الذي أوقعوه في المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، والتدمير الكبير الذي لحق بالبنية التحتية إثر القصف العشوائي للمنازل، وحين اضطروا للذهاب الى التفاوض بيد خالية الوفاض، اخترعوا قصة "نزع سلاح المقاومة الفلسطينية" .

وهنا تكمن الخطورة، حيث اذا تُرك سلاح المقاومة وحيدا في مواجهة هذه الغطرسة العالمية دون دخول كافة الاطراف السياسية وفتح جبهة في معترك القانون الدولي الذي يتيح للشعب المحتل أن يقاوم الاحتلال بكل الطرق والوسائل المتاحة حتى دحره عن الارض المحتلة، سوف يضيع منا ما أنجزته مقاومتنا عسكريا في المواجهة مع الاحتلال المتغطرس.

فلسطين دولة محتلة ولا يجوز بأي حال من الاحوال الحديث عن نزع سلاح المقاومة طالما أن الكيان الصهيوني يحتل ارضنا و يتمتع بكل اسلحة الدول الكبرى التي تسارع في تزويده به، ليقتل الفلسطينين ليل نهار وعلى مرأى ومسمع من العالم، كما أنه على الفلسطينيين أن يكونوا مستعدين للتصعيد على كافة الجبهات وليس جبهة غزة فقط، في حال تعنت العدو الصهيوني ولم يرضخ لمطالب الشعب الفلسطيني.