من المفارقات العجيبة والغاية في السوء ان يتحول النظام العربي من عنصر اساسي فاعل في النزاع العربي الاسرائيلي ، ليتحول الى مرتبة وسيط في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ، لقد تخلى العرب عن اولوية القضية الفلسطينيه وأصبحت تشغلهم قضايا اهم وأولى وهي قضايا تتعلق بمصير النظام العربي الذي ربط مصيره ووجوده ورهنه بأمن اسرائيل والمخططات الامريكيه الصهيونيه للشرق الاوسط الجديد ، امن اسرائيل مرتبط بمصير ما يشهده العراق من فتنه مذهبيه طائفيه وما يستهدف سوريا ولبنان وصولا لاستهداف ايران وهو استهداف لمحور المقاومه حيث تستهدف قوى المقاومه الفلسطينيه ، التآمر على سوريه هدفه تفكيك الدوله السوريه وتقسيمها لدويلات وتفكيك منظومة الجيش العربي السوري الذي بوجهة نظر المخططين ان هذا الجيش بقوته وتماسكه يشكل خطرا داهما على امن اسرائيل والمنطقة ، وان تقسيم العراق وإغراق العراق بالفتنة المذهبيه هو ضمن مسلسل حلقات التآمر التي تستهدف امن المنطقه ، وان النظام العربي بدعمه لتنظيمات التطرف والتكفير هو يستهدف ايران الذي يرى فيها العدو حيث هناك تحالف استراتيجي يجمع النظام العربي مع اسرائيل ضمن استراتجيه تقوم على ضرورة تفكيك القوى التي تهدد امن النظام العربي ، حرب اسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزه واستهداف قوى المقاومه هي ضمن حلقات التآمر لإسقاط قوى المقاومه في المنطقه لتحصين النظام العربي ، والمفارقة العجيبة هو ان يصبح النظام العربي وسيط في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ، وان تصبح الجامعه العربية اداه من ادوات التشريع لهذه الوساطة وان يخرج النظام العربي في اجتماعات وزراء الخارجية العرب الطارئ في 17 تموز بالإعلان عن دعم المبادرة المصريه لوقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، ليس بالمستهجن والمستغرب لهذا النظام العربي الذي ارتقى لمرتبة الوسيط في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي بينما انخرط في الصراع على سوريا ونهج نهجا غير ذلك في دعم العصابات الارهابيه والتكفيرية وتواطأ مع قوى تآمرت على سوريا ، ودعى المجتمع الدولي للتدخل في سوريا وشرع للتدخل الاجنبي في سوريا ونادى الى ادخال العقوبات ضد سوريا تحت الفصل السابع لنظام الامم المتحدة ، بينما اكتفى بالشان الفلسطيني بدعم المبادره المصريه لوقف اطلاق النار وشرع للوساطة المصريه بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، هذا النظام العربي شرع للتدخل الاجنبي في ليبيا وأعطى المشروعيه لتدخل حلف الناتو ضد نظام معمر القذافي ، وان هذا النظام العربي اقر تقسيم السودان ، ليس بالمستغرب او المستهجن ان يصبح النظام العربي وسيط غير نزيه في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ، حكومة نتنياهو قبلت بالوساطة المصريه وقبلت المبادرة المصريه وجعلتها اولويه على التحرك الامريكي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل ووجهت اصابع اتهامها للاداره الامريكيه بينما اشادت بالموقف المصري والعربي ، رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو اشاد بموقف العديد من الدول العربية ودعمها لإسرائيل في حربها على غزه واعتبر ذلك تحولا كبيرا وعدها من اهم منجزات حرب اسرائيل على الشعب الفلسطيني ، النظام العربي ممثلا بالوسيط المصري للتوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يرقى الى مستوى الوسيط النزيه حيث رأى الكاتب الامريكي ستيفن كوك ، خبير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن القاهرة لم تكن أبدا وسيطا نزيها بين إسرائيل وفلسطين، ونظام السيسي اليوم يستفيد فعلا من العدوان على غزة، وأوضح أن المسؤولين المصريين يريدون منع الصراع من التمدد إلى شبه جزيرة سيناء.وقال "كوك" في مقاله بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن "وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وقع في حب الرئيس الراحل أنور السادات" خلال السبعينيات من القرن الماضي، خصوصا عندما وصفه بأنه "رجل ذو قدر من الحكمة والشجاعة ولديه بصيرة النبي".ومن هذه الرومانسية، كما رأى الكاتب، شكلت الولايات المتحدة أفكارها عن مصر، وأصبحت ترى فيها حصنا ضد الاتحاد السوفيتي، وقاعدة انطلاق القوات الأمريكية حال حدوث أزمة في الخليج ووسيطا بين العرب -وخاصة الفلسطينيين- والإسرائيليين، غير أن القاهرة لم تزدد إلا التصاقا بالسياسة الأمريكية. وعليه، وفقا للكاتب، فإن هذه الصورة "الرومانسية" ليست أكثر من "خرافة" يتناقلها المسؤولون والمحللون الأمريكيون. وأوضح "كوك" أنه مع دخول عملية "الجرف الصامد" أسبوعها الثاني على قطاع غزة، لم يكن يهتم نظام السيسي إلا بـ"البحث عن مصلحته"، مضيفا أن المخابرات العسكرية تريد إبقاء الفلسطينيين، وخصوصا حماس، في صندوق بعيد لمنع الصراع من زعزعة الاستقرار في شبه جزيرة سيناء، وضمان أن قطاع غزة لا يزال مسؤولية الإسرائيليين في الأساس، فضلا عن استبعاد غيرهم من اللاعبين الإقليميين من القيام بأي دور في غزة.وأشار "كوك" إلى أن هجمات إسرائيل على فلسطين خلال عامي 2009 و2012 انتهت بنفس الطريقة على حد سواء، قائلا إنه بعد عدة أسابيع من القتال، عملت دائرة المخابرات العامة المصرية، بالتنسيق مع نظيرتيها الأمريكية والإسرائيلية، على التوصل إلى اتفاق بوقف العنف، وأضاف: "وفي كل مرة، يخرج المصريون بشكل حسن المظهر: حدودهم آمنة، دون الانجرار إلى غزة، وقصف إسرائيل لحماس يضعف المنظمة عسكريا".وتابع "كوك" أنه لم يكن الأمر سهلا دائما.. فقادة حماس ليسوا سذجا، هم يعلمون جيدا أن المصريين بالكاد يهتمون بهم، وبالتالي رفضوا منح القاهرة وسام الانتصار، مما اضطر المنظمة الإسلامية الفلسطينية إلى تلقي المساعدة من السوريين والإيرانيين، وكان هذا مصدر إحباط كبير بالنسبة لرئيس مخابرات مبارك، الجنرال عمر سليمان."ولكن عندما وصل الأمر إلى إبرام صفقة أو اتفاق، لم تستطع حماس مقاومة مزيج الضغوط العسكرية من إسرائيل والسياسية من مصر".ورأى أن فشل مصر حتى الآن في التوسط لوقف إطلاق النار هو إما غدر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أو عدم كفاءة منه، أو تراجع مكانة مصر بين الدول المسلمة، ولكن هناك تفسير آخر، وفقا للكاتب: يبدو أن المسؤولين المصريين يعتقدون أن استمرار العدوان -حتى الآن- يخدم مصالحهم.و بالنظر إلى الدعاية المعادية لكل من جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في مصر، والتي تقوم عليها، بشكل جزئي، شرعية السيسي، وفقا للكاتب، فإن العدوان الحالي على غزة يخدم مصالح السيسي السياسية وأهدافه.وأوضح: "بطريقة ساخرة تماما، هل هناك ما هو أفضل للسيسي مما يجري الآن؟ الإسرائيليون يضربون حماس بتكلفة قليلة أو معدومة من مصر.. وفي خضم الدوامة، اقترح الرئيس الجديد مبادرة لوقف إطلاق النار، إذا تم قبولها، فهو الفائز، وإذا تم رفضها، وهو ما حدث، فالسيسي هو الفائز أيضا".لكن، كما يرى الكاتب، يمكن لإستراتيجية السيسي أن تأتي بنتائج عكسية، مثلما حدث لمبارك خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 2006 عندما دعم العملية الإسرائيلية اعتقادا منه أن الجيش الصهيوني "القوي" سيوجه ضربة لحزب الله، لكن أداء الإسرائيليين المهزوز وقتل عدد كبير من المدنيين اللبنانيين أفشل رهانه.وقد تغير تطورات مماثلة من حسابات السيسي في موقفه من العدوان على غزة. ربما أجج النظام الجديد في القاهرة مشاعر بعض المصريين المعادية لحماس في سياق حربه على جماعة الإخوان، وفقا للكاتب، ولكن هذا لم يقلل من تضامن وتعاطف المصريين مع إخوانهم الفلسطينيين. فرغم كره بعض المصريين للإخوان، لكن كرهم لإسرائيل أكبر، كما إنه مع استهداف العدوان الإسرائيلي لمزيد من المدنيين، فإن تواطؤ السيسي المكشوف مع إسرائيل قد يصبح غير محتمل سياسيا. وفقا لمضون التحليلات للمحللين السياسيين وصانعي القرارات في امريكا والغرب ان سوء التقديرات للانظمه العربيه وضعها في حرج مع شعوبها ، وان قبول النظام العربي للعلب دور الوسيط غير النزيه يكشف القناع عن حقيقة النظام العربي وتواطئه مع اسرائيل وامريكا والغرب على حساب المصالح القوميه العربيه والحقوق الوطنيه الفلسطينيه ، من خلال جولات المفاوضات غير المباشره التي شهدتها القاهره عبر الوسيط المصري ان اسرائيل حاولت التلاعب بمواقفها وبالفاظها وكلماتها بالورقه المقدمه للوسيط المصري للتهرب من المطالب المحقه للوفد الفلسطيني الموحد وان الوسيط المصري مارس ضغوطا على الفلسطينيين للقبول بحلول لا تلبي ادنى مطامح الفلسطينيين ، حين يحاول النظام العربي ان ينتصر لاسرائيل على حساب الحقوق الوطنيه الفلسطينيه وحين يحاول النظام العربي التقليل من حجم الانتصار الذي تحقق للمقاومه الفلسطينيه معنى ذلك ان موقف النظام العربي من القضيه الفلسطينيه يدعوا للريبة والشك وان انخراط النظام العربي للتامر على سوريا ودعم المؤامرات التي تستهدف سوريا بينما هو يسير بعكس الاتجاه مع القضيه الفلسطينيه لدرجة ان النظام العربي اصبح يقايض القضيه الفلسطينيه والحقوق الوطنيه الفلسطينيه لصالح تثبيت النظام العربي الذي في محصلته استهداف للامن القومي العربي وحرف لبوصلة الصراع واولويته مع اسرائيل بهدف تحقيق امن اسرائيل ضمن محاولات تصفية القضيه الفلسطينيه