ظل السؤال الذي يشغل بال الناس في قطاع غزة، وإلى حد ما في الضفة الغربية قبل ساعات من انتهاء موعد التهدئة مع الصهاينة هو: هل نتائج مفاوضات القاهرة ستفضي إلى تجديد التهدئة، أم نحن ذاهبون إلى التصعيد؟
وإن كان من الخطأ استباق نتائج مفاوضات القاهرة، والإجابة على السؤال السابق بالنفي أو الإيجاب، إلا أن كثيراً من المعطيات لما تزل تؤكد أن التهدئة هي الأوفر حظاً من التصعيد، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: هزيمة الجيش الإسرائيلي المذلة، وعجزه عن تدمير المقاومة، وانكفائه على نفسه بشكل لا يؤهله لدخول أمتار من غزة، فكيف باحتلاله لقطاع غزة كما يتوهم بعض الساسة اليهود؟.
ثانياً: استنفاذ القوة الصهيونية قدراتها القتالية على مدار أكثر من شهر من المعارك، لحيث لم يبق لدى الجيش الإسرائيلي من فعل على الأرض غير قتل مزيد من المدنيين، وتدمير المزيد من البيوت والمستشفيات والمساجد.
ثالثاً: انكشاف الإرهاب الإسرائيلي على مستوى العالم، وخروج مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين حتى في المناطق التي لم يتوقع فيها الصهاينة مظاهرات ضدهم، وهذا الموقف الجماهيري الدولي يشل يد الإسرائيليين عن مواصلة الإرهاب.
رابعاً: بات الإسرائيليون الذي يقنطون غلاف غزة جزء من المعركة، وهذا ما ترك اليهود في قلق ورعب، ينتظرون نتائج المفاوضات، ويتمنون التهدئة بشكل لم تشهده الساحة الإسرائيلية من قبل.
خامساً: أصبح الاقتصاد الإسرائيلي جزءاً من المعركة، وصار يعاني من استئناف المعارك، بما في ذلك أهم مرفأ جوي إسرائيلي، نجحت قذائف المقاومة في شل حركته.
سادساً: ضعف الحجة الإسرائيلية التي يعتمد عليها قادة الكيان الصهيوني في حصار غزة، وفي التضييق على السكان، إذ كشفت المعارك عن تكاثف سكان غزة، والتفافهم حول مطالبهم في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، وفك الحصار، وتصميمهم على ذلك مهما كلف من ثمن.
سابعاً: قدرة المقاومة على ضرب الجيش الإسرائيلي ضربات موجعة متتالية، وعجز الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه، فكيف به يدافع عن الإسرائيليين الخائفين.
ثامناً:عدم قدرة الإعلام الصهيوني وإعلام المتآمرين في اختراق الساحة الفلسطينية، وفشلهم في شق الصف الوطني، وعجزهم عن الفصل بين المقاومة والشعب.
تاسعاً: المفاوضات تجري في القاهرة مع وجود مسدس المقاومة على الطاولة، وهذا الحضور المسلح يخدم المفاوض الفلسطيني.
عاشراً: إحساس المفاوض الفلسطيني أنه يمثل شعب مقاوم، وشعوره بالنصر، وأخص بذلك المفاوضين الذين يمثلون فصائل المقاومة، الذين أمدهم الواقع بالقوة والصلابة، وهذا الحضور اللافت للمفاوض الجديد يقلب الطاولة التي اعتاد عليها الإسرائيليون.
الحقائق العشر السابقة تدركها القيادة الإسرائيلية، وتدرك أن عدم التوصل لاتفاق في القاهرة قد يجرهم إلى حرب غير مضمونة النتائج، لذلك فإن تقديم تنازل على طاولة المفاوضات، وتحقيق التهدئة أهون بالنسبة لهم من العودة إلى حرب المفاجآت.
ما ذكرته سابقاً من معطيات لا تأخذ بعين الاعتبار الخيانة، والتآمر، والغدر، وطعن القضية الفلسطينية في الظهر.