لن أرفع شارة النصر

بقلم: حازم عبد الله سلامة

لن أرفع شارة النصر ، لن افرح لن أبتسم ، فقلبي الجريح يرفض الفرح فما عاد به متسع فحجم الألم كبير جدا ، فأشلاء الأطفال ودماء الوطن النازفة مازالت أمام عيني جرحا وألما كبيرا ، صرخات آلام أسرانا مازالت تدوي في ربوع الوطن ، ومازال ركام بيوتنا المهدمة يروي حكاية صمود وصبر أهلنا ، ويكتب الحكاية بالدماء ،

فاعذروني فليس بيدي ولا بإرادتي ، إنه ألم نازف من قلب الوطن ، كنت أتمني أن أفرح ، فمنذ زمن والابتسامة تفارقني وافتقد للحظة فرح ،

سأفرح وأغني وأرفع شارات النصر عاليا ، حينما اذهب بحرية لأصلي في المسجد الأقصى صلاة النصر ، حينما أري علي بوابات القدس شرطي فلسطيني يقف بكل شموخ ليوفر الأمن والأمان لنا ، وينظم السير في شوارع القدس العتيقة ،

سأفرح لفرحة الوطن ، حينما تعود له حريته وكرامته ، حينما نري جيش التحرير الوطني الفلسطيني منتشرا في شوارع حيفا ويافا وعكا والرملة معلنا إقامة دولتنا العتيدة من النهر إلي البحر وإنهاء الاحتلال نهائيا عن كل أراضينا المحتلة ،

فحلم الشهداء مازال يراودنا يلهب الثأر فينا ، يرسم لنا خارطة الوطن بالدماء ، ويُحدد لنا الطريق نحو الحرية ، فبوصلتنا مازالت متجهة إلي القدس ، وعيوننا تنظر بشوق إلي قبة الصخرة ، تحلم بصلاة النصر في أولي القبلتين وثالث الحرمين،

غزة انتصرت بصمود أهلها ، فاحتفلوا بهدوء ، لا تحدثوا ضجيجا ، واتركوا الشهداء يرتاحوا في نومهم ، فمازال الجرحى ينزفون ألما ووجعا ، ومازال النازحين في الإيواء بحزن ، ومازال الفقر مخيما علي أهالي القطاع الصامد ، فاحترموا مشاعر المواطن ، وامسحوا دموع الحزن من عيون الوطن ، واستعدوا لبناء الوطن ، تكاتفوا وتوحدوا فالوطن بحاجة للجميع ، فحربنا مع الاحتلال لم تضع أوزارها بعد ، ومعركتنا مع الاحتلال طويلة ،

أنا حزين وقلبي يتألم بآلام وجرح الوطن ، فطفلتي الصغيرة عمرها 4 سنوات تسألني باستمرار : بابا في هدنة !

وحين سماعها للقصف كانت تلتصق بي هي وأخواتها الأطفال وتصرخ : بابا أنا خايفة اليهود بيقصفوا ، كنت انظر في عينيها وأكاد أبكي وقلبي يتألم ، وأتساءل لماذا لم تسألني طفلتي : بابا متى ستأخذنا للبحر ؟؟؟ متي سنذهب للمنتزه ؟؟؟ فيا صغيراتي صبرا ، فسينتهي هذا القصف وسينتهي هذا الاحتلال ،

كنت انظر إلي بناتي وهم حولي فأتذكر مناظر الدماء النازفة وأشلاء الأطفال تحت الركام ، فلم استطع منع دموعي وآلام قلبي الجريح ،

فمتى سنفرح بنصر ، وننعم بوطن حر يعيش فيه أطفالنا بأمن وأمان وحرية ؟؟؟ فاعذروني فل ارفع شارة النصر ، فالأقصى مازال يدنس تحت احتلال غاشم حقير ، ومدننا وقرانا ومخيماتنا مازالت تنزف وتنزف ،

الوطن يحتاج إلي الجميع ، فتوحدوا كالبنيان المرصوص ، فالأقصى يناديكم ، فصبرا أقصانا لا لن يطول اللقاء وإننا حتما لمنتصرون ، رحم الله الشهداء الأبرار ، والشفاء العاجل لجرحانا البواسل ، والحرية لأسرانا الأبطال ،

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".