تخوف لافروف .. و عدم احترام أوباما لعقولنا

بقلم: نعيم إبراهيم

وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قالها ذات يوم ، بوضوح وبصراحة قل نظيرها في السياسة الأمريكية الخارجية ، إن " الولاء لأمريكا أخطر من معاداتها ، فالعداء لها له مخاطره . و التحالف معها يقترن دائما بالمصائب و الدمار " .
بهذا الوضوح يمكن قراءة تخوف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من قيام الولايات المتحدة بقصف مواقع سورية ضمن سعيها لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية " "داعش" سابقا ، كون بلاد العم سام لا تتدخل في أي حرب خارجية إلا على أساس مصالحها العدوانية و بذرائع خبرها الجميع إلا من تعمد وضع غشاوة على بصره و بصيرته .
التخوف الروسي يشكل رسالة واضحة للمنطقة و للعالم تقول إن مكافحة الإرهاب تستدعي تخلي الغرب عن التمييز بين الإرهابيين وسياسة المعايير المزدوجة ، و ضرورة محاربة الإرهاب ككل و ليس تحييد الخطر في منطقة واحدة دون أخرى . كذلك لا يمكن محاربة الإرهاب في سورية بالتوازي مع مطالبة الرئيس بشار الأسد بالتخلي عن منصبه .
دمشق كانت واضحة منذ البداية عندما قالت للجميع تعالوا إلى جبهة واحدة في وجه الإرهاب لأنه سيطال الجميع و لن يتوقف عند حدود سورية ، و دمشق هي أول من دعا إلى وضع تعريف واضح للإرهاب عبر عقد مؤتمر دولي يضع الأمور في مواضعها الحقيقية و ها هي اليوم تطالب بالتنسيق معها في إطار تحالف دولي دعت إليه واشنطن لمواجهة "داعش " في العراق و سورية .
لكن من يضمن عدم استهداف الولايات المتحدة و حلفائها مواقع سورية و الدخول من النافذة لاحتلال أراض في سورية و الضغط على دمشق لارضاخها و إبعادها عن محور المقاومة و معاداة الكيان الصهيوني و أدواته في المنطقة .
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يجول في المنطقة تحضيرا للائتلاف الدولي العتيد .. وهنا أوضحت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي أن "أكثر من أربعين دولة ستشارك بشكل أو بآخر في هذا التحالف ضد متطرفي "الدولة الإسلامية" .وأما الخطة الإستراتيجية للرئيس الأميركي باراك أوباما، لضرب "داعش"، فستكون على ثلاث مراحل وستشمل مواقع للتنظيم في سوريا بحسب مصادر متعددة . الخطة ستستمر 36 شهراً على الأقل وستحظى بمظلة إقليمية.
- أول المراحل كان في توجيه ضربات للتنظيم في غرب العراق والتي تخطت الـ145 ضربة جوية،
- المرحلة الثانية هي في تشكيل الحكومة العراقية وفتح الباب لتدريب وتجهيز الجيش العراقي والأكراد والقبائل السنية.
- أما المرحلة الثالثة وهي الأصعب بحسب المسؤولين فستكون في ضرب مواقع "داعش" في سوريا .
المسؤولون توقعوا أن يستمر المسعى الأمريكي لـ36 شهراً أي حتى بعد مغادرة أوباما الحكم في 2016. وقالوا إن هذا التحرّك لا مهرب منه، وإن واشنطن طلبت دعماً إقليمياً من السعودية والأردن وتركيا والإمارات. كما أن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة سيدليان بشهادتيهما يوم 16 سبتمبر أيلول بجلسة استماع تتناول السياسة الأمريكية إزاء العراق وسورية والخطر الذي تمثله "الدولة الإسلامية". ومن المقرر أيضا أن يدلي وزير الخارجية جون كيري بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في اليوم نفسه.
غير أن الإرهاب لم يكن وليد اللحظة، فمنذ أوجدوه و رعوه في فلسطين و هو يقتل و يدمر و يشرد ..لماذا لم تشكل الولايات المتحدة حلفا دوليا لمحاربة الإرهاب الصهيوني الذي امتد اليوم عبر روافده المتمثلة بتلك الأدوات الرخيصة من تنظيمات و حركات و أحزاب و أنظمة؟
إن السياسة الأمريكية استغفلت و لا تزال مصالح شعوب المنطقة ولا تحترم عقول البشر فيها، فكيف يمكن الولاء لها و الجميع يدرك أن التحالف معها سيقترن بالمصائب و الدمار ؟ و لعل ما قاله شاعرنا الكبير إبراهيم يازجي يختصر كل الكلام .
تنبهوا و استفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

نعيم إبراهيم