كرافان في شارع . .؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة

رغم أني أثمن جهود كل الدول المانحة التي قامت بمساعدة ،وإغاثة أبناء شعبنا الفلسطيني وكذلك جميع المؤسسات .. الخيرية التي ساهمت بدعمها لتوفير إغاثات عاجلة لإيواء أصحاب البيوت التي دمرها الاحتلال ..ولكني في ذات الوقت وبكل صراحة أقول .. أنه من الشناعة والأسى.. أن يكون البديل للذين هُدّمت بيوتهم بشكل كلي هو إقامة كرافانات لهم قرب ركام بيوتهم من الناحية السيكولوجية والجانب السياسي ..ليس انتقادي هو لأن الكرفان من ناحية الشكل مُصنّع من الصفيح والحديد والخشب وليس لأنه مصنع في غزة أو مستورد من الخارج وليس لأن الكرافان يتسع لغرفتين أوكثر أو ..لأنه لايتسع للعائلات التي عدد أفرادها كبير أو التي كانت تعيش في عمارة واحدة من عدة طوابق أولئك الذين كانوا يغرفون الطعام من طنجرة واحدة لصعوبة الحياة والضوائق المادية المريرة ..!! ولكن ما أزدريه هو تخوفي من أن تصبح تلك المساعدات الطارئة سياسة أمر واقع أو جبري تحت مسمى وهمي بعيد عن الحقيقة المأساوية ..ما أقصده هو أن تبقى تلك الكرافانات هي إيواء نهائي مستديم وحتمي ،وليس فقط إيواء مؤقت كما يُشاع ،وإن تم ذلك فستكون حينها.. تلك هي ولادة جديدة لمخيمات مستديمة جديدة .. قد أصابت البنية التحتية في قطاع غزة ، ولا بديل عن ذلك أبدا للذين يطمحون ببناء بيوتهم الخربة من جديد ..والحل الموضوعي برأيي الشخصي لتلك المشكلة الكارثية والخطيرة يكمن في وضع كل الكرافانات وتجميعها في أماكن محددة مثل أراضي المحررات الشاسعة مقارنة بزحام المدينة أو المخيمات وعلى أن يتم نقل المواطنين الذين تدمرت بيوتهم كليا إليها وذلك بعد توفير كل سبل الحياة هناك من مياه وكهرباء ومجاري أي كما أي قرية تبنى ولكن بعيدا عن السياحة والاستجمام أو المكاسب المادية ..قرية سكنية بصورة مؤقتة وبديلا عن الغلاء الفاحش لاستئجار البيوت التي تكلف إيجاراتها مبلغ لا يقل سنويا عن شراء مساحة أرض تمليك بحوالي 50مترا ..وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد بل أن استئجار الشقق السكنية والتي باتت شحيحة جدا كما حبات الأمطار الصيفية والتي قد تتساقط لمرة واحدة ..تلك الشقق السكنية التي توارت، كما تتوارى الشمس عند المغيب وراء الأفق ،وكما تتوارى جثث الموتى في حنايا القبور ..ولذلك هو أفضل حالا من أن يستشعر أولئك المواطنين أن بيوتهم التي اندثرت وصارت ركام قد تبدلت إلى مجرد كرافان في شارع في نفس المكان لأنه حينها سيقفون على أطلال الديار ..فيصبح لسان حالهم كحال
قيس بن الملوح عندما قال في أحد أبياته الشعرية :“أمر على الديارِ ديارُ ليلى..أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي..ولكن حب من سكن الديار”
لكن هل من مجيب ..بعدما ترحل تلك البيوت فيمسي بناؤها مجرد أضغاث أحلام..؟ !!