اليوم بدعوة من الأصدقاء الأعزاء مصعب عباس وحنين جابر من الشباب القائمين على معرض صوت وصورة في مؤسسة الجالية الأفريقية في البلدة القديمة، وجدت بأن هذا النشاط يتميز عن الكثير من الأنشطة الشبابية التي حضرتها من حيث ليس فقط تجسيد البعد الوطني في المعروضات،بل هناك الجانب التحريضي والتعبوي ليس من خلال الكتيبات والنشرات والبوسترات كما تعودنا عليه دائماً،بل كان ذلك من خلال شكل إبداعي جديد لشباب إمتلكوا الوعي والخبرة والتجربة والإرادة لمثل هذا العمل الإبداعي من خلال شعارات مطبوعة وصور معروضة،كل واحدة منها قضية بحد ذاتها او عنوان مقالة،شعارات سهلة وترسخ في الذهن ولكنها تحمل نقداً لاذعاً لما يسود مجتمعنا من مظاهر وظواهر سلبية،او انها تشدد وتؤكد على ثابت من ثوابت شعبنا وحقوقه،حقه في العيش في وطن حر،حقه في حرية الحركة والتنقل،حقه في التعليم،حقه في أن يحيا ويعيش بكرامة وعزة..إلخ، شعارات تؤدي نفس الغرض الذي كانت تؤديه كاريكاتيرات الشهيد الراحل ناجي العلي،والتي كانت تلخص الحالة والواقع العربي،طريقة جديدة ونوعية،كل شعار منها،يلخص ظاهرة باكملها،وكذلك كان واضحاً ما بذلته الصديقة الرائعة حنين جابر والتي هي بمقام بنتي في مجموعة صور لها زينت بها المعرض،عكست من خلالها ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من قمع وذل،وعلى وجهه الخصوص الإنسان المقدسي،من حيث الحصار والمنع من أداء الشعائر الدينية،والإعتقالات للشبان والفتيان....صور فيها الكثير من واقعنا ومعاناتنا أبدعت في تصويرها وإخراجها وعرضها.
هذه انشطة ومجموعات شبابية لديها الكثير من الطاقات،وهي قادرة على العطاء والإبداع،تعمل في أرض الواقع من اجل بناء وتربية وتوعية اجيال،تتعرض الى حملة تشويه في وعيها ومحاولة السيطرة على ذاكرتها الجمعية من قبل محتل غاصب،مجموعات وأنشطة تزرع في زهراتنا واشبالنا الإنتماء وحب الوطن والعمل الجمعي والطوعي،مجموعات وقادة لها مؤمنين برسالة وهدف،بالضرورة ان نلتف حولها نسندها وندعمها ونحتضنها،فهي معول بناء على طريق صقل خبرات وتجارب أشبالنا وزهراتنا والإرتقاء بوعيهم وتبصيرهم بواقعهم،من اجل العمل ليس على تشخيصه ونقده ،بل العمل على تغييره،.
نعم شعارات خطت بشكل سهل وقوي،يختزل كل واحد منها قضية باكملها،ويطرح مشكلة ظاهرة سلبية قائمة وموجودة في مجتمعنا،او يؤكد على ثابت من ثوابت وحقوق شعبنا وقضيتنا،فعلى سبيل المثال لا الحصر،حول طول طريق الوصول للقدس بسبب جدار الفصل العنصري وتقطيع اوصال المدينة،تجد شعار"الطريق للقدس صارت ليموزين من طولها"،وحول ما يسود مدارسنا من جهل وتخلف وتلقين وتدني المستوى التربوي والتعليمي تجد الشعار التالي بطريقة فيه من التهكم والسخرية الكثير"مدارس اليابان بتغار من مدارسنا لو نساعدهم...تخيل" وكذلك حملت الشعارات نقداً ساخراً للعملية التفاوضية العبثية من خلال شعار يقول"قضيتنا كل أربع سنين مع دولة"،وأيضاً هناك شعار يؤكد على دور التعليم في تحقيق الحرية لشعبنا،فالعلم شكل من أشكال النضال الذي يجب ان نحرص عليه "التعليم صاروخ يحقق الحرية"، وشعار آخر حمل نقداً للشخوص التي تركز على المظهر والشكل والمفرغ من الجوهر والمضمون،شخوص كما يقول المثل والمأثور الشعبي "من برا رخام ومن جوا إسخام" حيث إستخدم القائمين على المعرض شعاراً لاذعا وناقداً في محله "في ناس مخها زي الشنطة الجديدة من برى حلوة،من جوى فاضية"،وكذلك لا ننسى الشعار الذي يحثنا على إستخدام العقل والفكر،بدل التكلس والجمود والركون للعاطفة والمشاعر،والحجر على الفكر والعقل والإجتهاد "عقولنا صار لازمها بري"، وننسى الشعار الذي ينتقد القيادة التي تتعامل مع شعبها على أساس انه مجرد قطيع،لا تصارحه بحقيقة ما يجري،فهي تفتي وتتخذ القرارات بشأن قضيته وحقوقه دون الرجوع إليه "القضية مثل كأس العالم ،الكل بحضر بس محدش فاهم" وهناك أيضا تاكيداً على الدور التوعوي والتحريضي والتعبوي للملصقات الهادفة والمعبرة "الملصقات لا تصدر صوتاً ولكنها تستطيع كسر الصمت"،وتجد شعارات تؤكد على أن كرامة شعبنا،هي خط احمر لا يمكن لحد ان يدوس عليها او يحط من شأنها،فهذا الشعب جزء من نضاله الوطني من اجل الدفاع عن كرامته"ألواني أبيض وأسود ....وكرامة شعبي أحمر الخط"،في حين هناك تأكيد على أن هذا الوطن بدون أبنائه او شعبه لا يساوي شيئاً،وهذا تاكيد على ضرورة التمسك والتشبث والبقاء على ارضنا وفي وطننا،وفي مدينتنا المقدسة التي تتعرض للأسرلة والتهويد "....شعارات كثيرة ،فيها الكثير من المعاني الكبيرة التي تلخص وتختزل ظواهر بأكملها...بروكت جهود كل القائمين على هذا المعرض صورة وصوت،تحية لمن أبدعوا في مثل هذا المعرض الرائع والمتميز،خطوة نوعية تستحق الإحترام،وزهرات وأشبال يستحقون الرعاية والإهتمام والدعم والمساندة والإحتضان.
دمتم ودام عطاؤكم وتميزكم.