تصريحاتٌ في غير وقتها ومكانها

بقلم: مصطفى يوسف اللداوي

طالعتنا صباح هذا اليوم تصريحاتٌ باسم "عضو مكتبٍ سياسي" لحركة حماس، غير الأعضاء الرسميين الذين نعرف، تشير إلى اعتذار مصر عن استقبال ورعاية الحوارات الداخلية الفلسطينية، وأنه قد تم نقل الحوارات إلى غزة، وكأنه ينعي إلى الشعب الفلسطيني مصالحته، ويبشرهم بخراب بيتهم، وتقويض حلمهم، وانتهاء أملهم، وعودتهم من جديد إلى ساحة الاحتراب، وميدان الخصومة.

وبمراجعة بعض الجهات المعنية تبين عدم دقة هذه المعلومات، وأنها لم تصدر عن أي جهةٍ رسميةٍ، كما لم يتم تحديد مواعيد معينة لهذه الاجتماعات، فضلاً عن أننا ننتظر بفارغ الصبر متى تتم التفاهمات الفلسطينية الداخلية، ليصار إلى تنفيذ الالتزامات والتعهدات، لينعم الشعب ببعض الراحة التي فقدها، ويستريح من عناء وشظف الانقسام الذي عانى منه طويلاً، وشاهت سمعته بسببه كثيراً.

أنا هنا أتساءل لماذا هذه التصريحات، وفي هذا الوقت بالذات، وهل لهذه التصريحات من أصلٍ نعتمد عليه، أم أنها فقط أماني وأحلام، لتنهار المفاوضات، وتتوقف جلسات الحوار، ويصبح للمشغولين شغل ووظيفة، ويجدون دوراً ومهمة.

فنحن الفلسطينيين عموماً، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص نتطلع بفارغ الصبر إلى انتهاء الانقسام، وبداية عهدٍ جديد، لينعم الفلسطينيون قليلاً ببعض الهدوء، ليتمكنوا من إعادة إعمار ما دمره العدوان، وخربه الاعتداء، وفاقم من سوء حاله الانقسام والحصار، وأخَّرَ الوصول إلى حلولٍ له مثل هذه التصريحات.

ألا ينبغي أن نترك لأصحاب الشأن أن يعلنوا بأنفسهم موقفهم، وأن يقولوا للعالم كله قبل الفلسطينيين أننا لا نرحب بكم، ولا نريد رعاية حواراتكم، ولا نقبل أن تلتقوا على أرضنا، ولا نريد الوساطة بينكم، فهم أولى بالتعبير عن أنفسهم، وعندهم ناطقون رسميون، ومتحدثون أصلاء، ولديهم وسائل إعلامٍ عديدة، ومحطات فضائية شهيرة، وإعلاميون يسبقون الحدث وقد يصنعونه، وليس في هذا دفاعٌ عن مصر، فهي في غنىً عن دفاعنا، ولكنه دفاعٌ عن شعبنا، وحمايةٌ له من شرور وانعكاسات تصريحاتٍ مضرة.

لست أرى إلا أن هذه التصريحات للتخريب والإفساد، أو أنها محاولة فقط للظهور والإشارة إلى الأنا، فهي لا تخدم شعبنا، ولا تعود عليه بالنفع، بل تضره وتزيد في مأساته، وتعمق الشروخ فيما بين فرقائه، وتفسد علاقات الفلسطينيين في قطاع غزة تحديداً مع مصر، التي لا نرى غيرها –الآن- بوابةً لنا إلى العالم، وهي بهذه التصريحات قد تزيد تعنتاً، وقد تفاقم من إجراءات المنع، وقد تقلل من ساعات الفتح، ولا يتضرر من هذه المواقف سوى المحاصرين، بينما الجوالون والأحرار، والمتنقلون بين العواصم، لا يضرهم من فعلهم شيئاً، ولا ينعكس عليهم من تصريحاتهم إلا الإشارة إليهم بالبنان.