التنسيق بين حماس ومحمد دحلان

بقلم: فايز أبو شمالة

التلكؤ في اعمار قطاع غزة، واشتراط ذلك بنزع سلاح المقاومة، لا يعني إلا استحثاث خطى حركة حماس للتوجه إلى محمد دحلان، والتوحد معه في المواقف الهادفة إلى خلق المعادل الموضوعي القادر على انهاء حالة الانقسام التي استعصت على الجبر.
اعمار غزة هو حجر الرحى الذي يفرز الحَبَّ عن الزوان، ولا ذريعة لأي قوة سياسية فلسطينية لا تضع نصب عينها مصلحة آلاف الناس المكلومين، لا قيمة لأي تنظيم فلسطيني لا يضحي بمصالح أعضائه، ومكتسبات مسئوليه، ونفوذهم، وحضورهم مقابل اعمار غزة، وإذا كان عصياً على لقاء القاهرة أن يتوصل إلى موقف سياسي فلسطيني موحد تجاه القضايا المصيرية، فإن الجريمة عدم توافق طرفي الانقسام على تشكيل لجنة اعمار غزة، لجنة وطنية تتحمل المسئولية أمام المجتمع الدولي، وتبطل الذرائع.
إن التوافق على اعمار غزة هو المقدمة للتوافق على تحرير الضفة الغربية، وفي تقديري أن لقاء القاهرة بين حركتي فتح وحماس؛ والذي تأخر كثيراً ليستبق بيوم واحد مفاوضات التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في تقديري أن هذا اللقاء لن يحمل البشرى للفلسطينيين، ولاسيما أن تباعد المواقف السياسية بين طرفي الانقسام، وتماهي حديث محمود عباس وعزام الأحمد مع حديث الإسرائيليين بشأن اعمار غزة، والذي يشترط نزع سلاح المقاومة، مع التريث المتعمد في ترتيب البيت الفلسطيني، وفي اطلاع حكومة التوافق بدورها، وعدم التوقيع على اتفاقية روما، وتواصل التنسيق الأمني بين رجال السلطة والإسرائيليين، كل ذلك يضع حركة حماس أمام خيار التنسيق في المواقف الميدانية مع القيادي محمد دحلان، وفي تقديري أن هذا الخيار قائم، وضاغط، وقادر على مفاجأة الجميع، وهز البنية التنظيمية في الساحة الفلسطينية.
إن تنسيق المواقف بين حركة حماس ومحمد دحلان لمواجهة خطر تفرد محمود عباس بالقرار السياسي الفلسطيني لهو أمر جائز شرعاً طالما كان التفاوض مع الإسرائيليين جائزاً شرعاً، وهذا التنسيق سيمكن الطرفين من الالتفاف على تحركات محمود عباس العبثية التي تسعى إلى إطفاء شمعة غزة التي بددت الوهم الذي أحاط بالقضية الفلسطينية، وتسعى إلى الزج بالشعب الفلسطيني في أتون الانتظار لسنوات أخرى من المفاوضات العبثية.
ما زال في جعبة حماس ما تفعله في هذا الإطار، وبإمكان حركة حماس أن تنسق خطواتها القادمة مع كل القوى السياسية في الساحة الفلسطينية بما في ذلك محمد دحلان، لتصير الدعوة إلى لقاء وطني فلسطيني موسع، لقاء جماهيري تحضره شخصيات وطنية من غزة ومن الضفة الغربية ومن الشتات، لقاء يسمح بفرز قيادة وطنية بديلة، تنهي قيادة عباس، وتنهي حقبة سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على القرار الوطني الفلسطيني.