مع كل حادثة قتل أو حصول مشكلة كبرى ذات أبعاد عشائرية او طائفية،يتجدد الحديث عن الظلم الإجتماعي وغياب السلم الأهلي في مدينة القدس... ونستل سيوفنا و نشذ خناجرنا وتبح حناجرنا ونتبارا ونتسابق في خطب ومؤتمرات عن ان الإحتلال هو جذر كل مشاكلنا ومصائبنا وما نحن فيه،ونعفي انفسنا من المسؤولية ،ونبقي النار تحت الرماد، قابلة للإشتعال مستقبلاً على نحو اكثر سوء واخطر تداعيات،ونحن في اغلب حلولنا ومعالجاتنا للمشاكل والحوادث التي تجري في المدينة على خلفية خلافات أسرية وعائلية وعشائرية وقبلية وجهوية ،او عمليات قتل ،او المرتبطة بتغول وتطاول وإعتداءات البعض على حقوق وكرامات الناس والتعدي على أعراضها وممتلكاتها،نعمد الى سياسات إطفاء الحرائق،ولا نضع أية حلول من شأنها ان تساهم في وضع خطط وبرامج لكيفية الخروج من هذا المازق...من خلال آليات تنفيذية يجري العمل على تطبيقها وتنفيذها...عبر عملية محاسبة رادعة من شأنها ان تجعل من يقدمون على مثل هذه الأعمال يحسبون الف حساب قبل القيام بها..وهذا الخطر الداهم والجدي على نسيجنا المجتمعي والوطني في مدينة القدس والآخذ في التفاقم والتصاعد بشكل لافت،حيث شهدنا مؤخراً عملية قتل على خلفية نزاع عائلي على أرض وممتلكات كان نتيجتها قتل أخ لأخيه وإصابة والده بجروح خطيرة، وكذلك في مخيم شعفاط وصل الأمر حد قيام مجموعة خارجة عن الصف الوطني بإطلاق النار على المناضل خضر الدبس في مخيم شعفاط لتصيبه بجروح،وبما ينذر بان الأوضاع تتجه نحو المزيد من التازم،وخصوصاً باننا نشهد يومياً عمليات تعدي وتزوير لوثائق ملكية أراضي وعقارات لمواطنين في القدس،من قبل مافيات وعصابات اعماها جشعها وطمعها وفقدانها لأي وازع قيمي او اخلاقي او وطني،للقيام بمثل هذه الأعمال،واللافت للنظر بان تلك العصابات والمافيات قادرة على ان تجد لها حواضن تغطي عليها وتتستر على اعمالها من بعض الشخصيات النافذة وطنيا ومجتمعياً،بما يخلق قهر إجتماعي عند الناس البسطاء او غير المسنودين او المحمين وطنياً وعشائرياً،وبالتالي يجعلهم عرضة للإبتزاز او الرضوخ للحلول التي تفرض عليهم بطريقة الإستقواء وبدون أي إنصاف،بما يولد عندهم قهر وشعور بالظلم الإجتماعي،والذي قد يدفع بالبعض منهم لسلوك وتصرفات قد تضر بمصالحهم ومصالح الوطن او حتى الرحيل عن هذا الوطن،لشعورهم بان هذا الوطن لا يوفر لهم لا الأمن ولا الأمان لا على كراماتهم ولا على ممتلكاتهم ولا حتى على أفكارهم ومعتقداتهم.
مع كل حادثة او مصيبة تحدث في المدينة،يحدث حراك محدود،ويقوم الوجهاء ورجالات العشائر بالتحرك لكي يمارسوا سياسة إطفاء الحرائق،ومحاصرة مفاعيل المشكلة او القضية وتداعياتها،ولكن لا ينجحون في كل مرة ،وكذلك تولد شعور عند الناس بان الحلول العشائرية،فيها الكثير من المحاباة "والطبطة" وهي ليست بالأسلوب ولا بالطريقة المثلى لمعالجة المظاهر والظواهر السلبية والمشاكل المجتمعية المتفاقمة،والتي أصبحت تشكل خطر جدي على لحمتنا ووحدتنا ونسيجنا الإجتماعي والوطني في مدينة القدس،وفي المقابل وطنياً وسلطوياً،بحكم خضوع المدينة لسلطة الإحتلال فهي غير قادرة على لعب دور مركزي في هذا الجانب،وليس هذا هو السبب الوحيد بل ضعفها وتراجع دورها،وغياب مرجعيتها وعنوانها الموحد،يفسح المجال للاخرين ليكي يصادروا دورها،ولكي تسرح وتمرح المافيات والعصابات في البلد،تمارس بلطجتها وزعرنتها وتعدياتها على حقوق وكرامات وممتلكات المواطنين.
الآن بالضرورة ان يجري حراك جدي على كل المستويات ،حراك تبادر إليه وتقوده قوى ومؤسسات القدس،من اجل العمل على إيجاد جسم جدي وحقيقي وموحد،قادر على التعامل بقوة وصلابة مع كل تداعيات هذا الملف،فهذا ملف على درجة عالية من الأهمية والخطورة ،يتطلب ان يفرد له وقت كاف وان توضع فيه جهود جدية وحقيقية،وان يجري التوافق على جسم يحظى بالدعم الكامل من كل قوى وهيئات ومؤسسات القدس وفعالياتها ووجهائها وعشائرها،جسم يحمل على عاتقه مهمة حماية النسيج الوطني والمجتمعي من التهتك والتدمير،جسم يحمل برنامج ورؤيا قادر على أن يجعلها قابلة للتطبيق في المجتمع،جسم يغلب المصلحة الوطنية للبلد والوطن على اي مصلحة اخرى،جسم يعمل على صياغة مواثيق وقواعد للحلول والمحاسبة،يجب ان تحظى بالإحترام والتطبيق، وهذا يتطلب ان يكون المقدسيون موحدين خلف هذا الجسم،وهذا اول ما يتطلب العمل من خلال لقاءات موسعة في كل مناطق القدس،تفضي لعقد مؤتمر عام مقدسي،يخرج عنه قيادة منتخبة متسلحة بإجماع مقدسي،وبقرارات وتوصيات تصبح نافذه وقابلة للتطبيق عبر سياج شعبي وجماهيري يدعمها ويقف الى جانبها.
علينا كمقدسيين التنبه بان الإحتلال كواحد من اهدافه لإحكام السيطرة علينا في القدس،فهو يعمل بكل الطرق والوسائل من اجل تفكيك وهدم جدار وسياج وحدتنا المجتمعية في القدس،وبما يعمل على تفتيتنا مجتمعياً،وتحويل كل قرية الى مجتمع قائم بذاته غير مرتبط بالآخر،ولذلك آن الآوان لدق جدران الخزان بشكل جدي ووضع النقاط على الحروف.
0524533879