أبناء فتح في غزة بانتظار قيادتهم أن تقدم لهم زجاجة ماء

بقلم: رمزي النجار

في الحركات الوطنية الديمقراطية يحق للفرد مخاطبة قيادته من خلال تقديم العرائض والشكاوي بهدف رد الجور أو إزالة ضرر وغير ذلك من أمور الحياة، والقيادة الحقيقية هي التي تقوم على تعزيز العلاقات الإيجابية والتواصل الجيد مما يجد بيئة إيجابية يشعر الأفراد خلالها أنهم منتمون إلى قيادة رشيدة، ويعطي القادة المهتمون بالعلاقات أولوية لرفاهية كل فرد من أفراد مجموعته، وتخصيص الوقت وبذل الجهد لتلبية الاحتياجات الفردية لكافة الأشخاص المعنيين، والتدخل لمعالجة المشاكل التي تطرأ عليهم في الظروف العادية أو الاستثنائية، والاهتمام بدعم مزيد من التفاعلات العادية مع الأفراد نحو تجسيد فهم عميق حول آلية التواصل لتلبية احتياجاتهم.

ولكن يبدو أن مفهوم القيادة لدي قيادة حركة فتح له أسلوب عكسي يختلف تماما عن نظرية القيادة المتعارف عليها، فمنذ أن بدأ العدوان الأخير على قطاع غزة لوحظ غياب قيادة حركة فتح عن مشهد التواصل مع الأطر القيادية ولم تكلف قيادة الحركة نفسها للتواصل مع أبناء الحركة أو الاطمئنان عليهم، وزاد الطين بله أن قيادة الحركة غابت عن الوقوف بجانب أبنائها المتضررين جراء العدوان ولم تلتفت لهم ولم تقدم لهم حتى زجاجة ماء حتى هذه اللحظة، في المقابل أصغر فصيل في منظمة التحرير قدم الكثير لعناصره ولأبناء شعبه، فالقيادة الميدانية اجتهدت وبادرت وفقا لإمكانياتها الذاتية القليلة بالتواصل الخجل مع أبناء الحركة المتضررين وخاصة ممن فقدوا بيوتهم أو أبنائهم خلال هذا العدوان الغاشم، فالتقصير كان واضحا من قبل قيادة حركة فتح العليا ولم تكلف نفسها بزيارات ميدانيه للمناطق المتضررة والبيوت المهدمة أو زيارة بيوت الشهداء والجرحى، فالظروف التى عاشها أبناء شعبنا خلال الواحد والخمسين يوما وما ترتب عليها من أثار ونتائج كفيلة بأن تضع القيادة أمام مسئولياتها للوقوف بجانب أبنائها ولو بكلمة طيبة ترفع المعنويات، ودائما في مثل تلك الظروف هناك موازنات طارئة تصرف في الحال لإدارة الواقع الميداني ومساعدة الناس في غزة، فالقيادة الحقيقية هي التي تسارع إلى تقديم الخدمات، وينظرون إلى الحياة كرسالة ومهمة لا كمهنة, إنهم يشعرون بالحمل الثقيل وبالمسؤولية، يتكاملون مع غيرهم ويحسنون أي وضع يدخلون فيه, ويعملون مع الآخرين بروح الفريق لتلبية احتياجات الناس، ولكن تركت القيادة الميدانية لحركة فتح لوحدها في الميدان تصارع مع أبنائها وتحاول اقناعهم بأن ليس لديهم أي امكانيات لتقديم المساعدة لهم فالعين بصيرة و اليد قصيرة، فقيادة حركة فتح لم تبذل أدنى جهد ممكن للتخفيف عن معاناه أبنائها وتقديم المساعدة الانسانية لهم وتلبية احتياجاتهم في ظل النظرة الفئوية السائدة من القوى الأخرى على الساحة الفلسطينية.

وإذا نظرنا إلى واقع حال القاعدة الفتحاوية في غزة ترى الغضب والسخط على قيادتهم سيد الموقف، والكل يتسائل أين دور حركة فتح في مثل هذه الظروف تجاه ابنائها ؟! أين اللجنة المركزية ؟! أين وأين؟! وإذا مر أبناء فتح بكل هذه الظروف الصعبة ولم تقدم قيادتهم لهم شيء، فمتى إذاً ستقدم لهم المساعدة، أم أن تقدير الظروف الصعبة يحتاج لدراسات وبانتظار التوصيات، اين حركة فتح في الماضي والحاضر والمستقبل، فالقاعدة الفتحاوية لم تستوعب بعد هذا التقصير تجاهها في ظل هذا العدوان والحرب الضروس على شعبنا، وباعتقادي أن هذا التقصير لن يمر مرور الكرام إذا لم تستيقظ قيادة الحركة من غفلتها قبل فوات الآوان، أبناء حركة فتح بغزة ليسوا أرقاما للتفاخر والتباهي بهم بل هم أرواح بشرية تحمل قصص وحكايات ومعاناه مستمرة بحاجة للمساعدة والتخفيف من آلامهم، وحيث عدم الرضا عن الأداء والشعور بالاستياء وحتى الضجر قد يعمل على خلق فجوة كبيرة بين القاعدة والقيادة مما يؤثر على شعبية الحركة بطريقة كبيرة، لذا على القيادة القيام بوضع أمور غزة على رأس أولوياتهم لضمان فعالية الحركة لأن القاعدة الفتحاوية تدرك جيدا أن القائد موجود لتوفير الدعم الذي يحتاجونه إذا دعت الحاجة لذلك .