هكذا هي السياسة ..قيعانها غنية بالمفاجآت فتارة تحمل شعابا مرجانية زاهية ألوانها ،وتارة أخرى تتحول وفي لمح البصر لمكب للنفايات أو بئرا لتجميع مياه الصرف الصحي ،وبين القيعان والأسطح تناقضا واسعا كما بين المتجهات السينية والصادية رياضيا.. والتي لا يمكن أن تنطبق على خط ٍ واحد ..فليس في دنى السياسة تطبيقات عملية يمكن أن نرتكز عليها كما في علم الهندسة من تطبيقات عملية ..فالمعماريون والنجَّارون إذا كانوا يحتاجون لفهم خواص الأشكال الهندسية لتشييد مبانٍ آمنة ورائعة فليس في علم السياسة أو كل من يشتغل بالسياسة لأن يحتاج إلى معرفته بمثل تلك التطبيقات ما دام أنه يملك لسانا سليطا ،ولباقة زائفة وما دام يقف وراءه تنظيما أو جهة رسمية أو غير رسمية تحتضنه وتدافع عنه لحظة السقوط ..لذلك علينا ألا نتعجب أو نستغرب ما حدث على الساحة الفلسطينية وما وصلنا من أنباء ايجابية وتوافقية فيما يخص بالاتفاق على تطبيق بنود اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس والذي جرى مؤخرا .. بعد ما أذاعت الوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام المختلفة خبرا مفاده أن هناك خلافا عميقا جرى بين الأطراف المتحاورة ..إلا أنه تم لملمة الخبر بسرعة وتغيرت ملامح الصورة التجميلية ..لكن المحك هو حيز التنفيذ على أرض الواقع ..وبعيدا عن الاتفاق أو الاختلاف أقول هل يمكن أن تثمر الأشجار بعيدا عن التربة بعدما انسخلت منها واقتلعت جذورها أعني لابد بعد الاقتلاع من غرسٍ جديد من نظام فكري جديد ينقلنا نحو العلياء والشموخ والرقي ..وهل يمكن أن تمطر السماء دون السحب صيفا فتحيي الأرض بعد موتها ، رغم يقيننا المطلق بقدرة الله سبحانه وتعالى فإن حدث ذلك وسقطت الأمطار فهل تتلطف الأجواء الساخنة بصورة مستديمة في مثل تلك الأجواء ..وهل يمكن أن تبسط حكومة التوافق نفوذها على الأرض قريبا في قطاع غزة بعد عيد الأضحى كما يُزعم .. فيتنفس الناس الصعداء ..رغم الاختلاف في الملف الأمني الشائك أو ملف الموظفين .. ورغم عدم وضوح صورة التطبيق وأي آلية يمكن اتباعها ..وهنا أعني هل يمكن أن يتم بسط النفوذ لأي مؤسسة بمعزل ٍ عن رجال الأمن ..فما بالنا بإدارة دولة تعرضت أواصرها للانقسام والتفتيت.. أليس المفروض هنا أن نطبق قاعدة نحوية لا يجوز فيها تقديم الخبر عن المبتدأ أي أن يتم الاتفاق على ملف الأمن قبل كل شيء أي بسط رجال الأمن أولا ومعالجة كافة القضايا الأمنية تمهيدا وحماية واحتضانا لدور مثل تلك الحكومة ثم بسط النفوذ أم المهم في قضايانا المعاصرة في معالجة مثل تلك الأمور أن نهتم فقط بالشكل دون المضمون .. عموما اسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما فيه الخير ويجنب شعبنا الويلات وان تكون مصالحتنا الوطنية حقيقة واقعية يتلمسها الجميع عما قريب .. !!