نحن على أبواب عيد الأضحى المبارك، أغتنم هذه المناسبة الكريمة ، لأقدم لشعبنا الفلسطيني المناضل بكل مكوناته وطوائفه وأثنياته، ولكل قوى شعبنا الوطنية والتي تمتد بجذورها لرحيق هذا الوطن المعطاء ، ولكافة عوائل واسر شهداء فلسطين والامة العربية ، ولكل شعوب امتنا وقوى التقدم والخير والسلام ، والى القوى الأسلامية التنويرية والتي تؤمن بالتنوير والتجديد وقبول الأخر ، والتي تصون وتدافع عن حقوق الجميع ، والى كل المناضلين من أجل غد أفضل ، والى المرأة المكافحة والمناضلة والصابرة والساعية لمساواتها ولأسترجاع حقوقها كاملة غير منقوصة ، لكل هذه الجموع أقول كل عام وانتم بخير .
نعم امام عيد الاضحى المبارك نقف لنوجه التحية للشهداء الابرار ، ونحن نتطلع كشعب فلسطيني الى الحرية والاستقلال والعودة ، نتطلع الى الحياة الحرة والكريمة ، نتطلع الى ان تعود فلسطين محررة ويعيش شعبنا مثل بقية شعوب العالم على ارض وطنه ، نسعى مع جميع الشعوب والدول لبناء حاضر ومستقبل المنطقة على أسس العدل والمساواة والتعايش ، خالية من الظلام والظلاميين والأرهابيين وشذاذ الأفاق للأبد ، هذا ما نسعى من أجله.
الشعب الفلسطيني اليوم يقدم التضحيات الجسام ، فكانت معركة غزة حيث انتصر الدم على السيف ، حيث انتصرت اشلاء الاطفال والنساء والشيوخ على العدوان ، حيث انتصرت الوحدة الوطنية والمقاومة على الاحتلال ، فاكد الانسان الفلسطيني الذي تعرض لأبشع أنواع العدوان والقتل والقهر والتدمير والتي أقترفت بحقه أبشع وأشنع أنواع الظلم والقهر والأستبداد ، من قبل الأحتلال الصهيوني الاستعماري ، وبهستيرية منقطعة النظير، انه قادر على الصمود والعطاء حتى الانتصار .
عيد الأضحى عند الشعب الفلسطيني يختلف عنه في بقية دول العالم مع أن العيد هو العيد بإدخال الفرحة على قلوب ملايين المسلمين. مع تواصل المعاناة في العيد لأكثر من 12 مليون فلسطيني في الضفة والقدس وغزة والأراضي المحتلة عام 48 وملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات؛ أصبح كل فلسطيني مقهور ومكلوم والعالم من حوله يتجاهل معاناته وكأنه من عالم آخر.
عيد الأضحى يتميز في هذا العام بتزايد الأخبار ، فالعدو يتربص بالشعب الفلسطيني والامة العربية شر ، ومعاناة الأسرى في سجون الاحتلال تزداد ومعهم عائلاتهم لم يتذوقوا طعم الفرحة والسعادة في هذا العيد، وبات له طعم آخر غير الفرحة والسعادة. من بين الأسرى توجد أسيرات فلسطينيات لم يذقن طعم الحرية ولا طعم العيد مع سجان لا يعرف الرحمة، وعرب بلا نخوة المعتصم، وأصبحن منسيات وسط غابة من الوحوش الآدمية.
تتفاقم المعاناة لمختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم ولجوئهم قبل وبعد العيد، ولكنها في العيد أشد، كونه يفتقد الفرحة والبهجة كبقية دول العالم. في الضفة الغربية حواجز تذل وتحط من كرامة كل فلسطيني في العيد، عدا عن الاستيطان والجدار والاقتحامات والاعتقالات اليومية.
عيد الأضحى، ومع زيارة قبور الشهداء، وكون آلاف من الشهداء هم تحت الثرى، يتم تذكرهم وسط الدموع والذكريات الحزينة والأليمة، فهم من قدموا أرواحهم رخيصة فداء لفلسطين والعيش بكرامة لمن بعدهم .
هكذا هو الحال في فلسطين في كلّ بيت مأساة و في كلّ زاوية كارثة أو مصيبة ، هذا ما فعله الأشرار من الصهاينة الذين اقتلعوا الشعب الفلسطيني من وطنه بقوة السلاح ، مما ادى تشريد الملايين من أهلنا أصحاب الأرض الشرعيين من وطنهم ليعيشوا المرارة و الحرمان على مدى ما يزيد عن ستة و خمسين عاماً .
ويأتي العيد ونرى ما يجري في المنطقة من قبل الحلف الامريكي الصهيوني الاستعماري الارهابي التكفيري الذي يهدف الى زرع كل الشرور والأحقاد بين صفوف الشعوب والمكونات ، وتقسيم المقسم وتجزئة المجزء، وبالتالي الأتيان على كل شئ لكي نصبح خاوين القوى، ولا نمتلك القوة والأرادة ،وبالتالي يكون من اليسير الهيمنة والسيطرة ، وأخضاعنا لعجلة نظامه الأمبريالي الجشع والمجوع للملايين من شعوب المعمورة ، حيث تتصدى قوى المقاومة بارادتها الحية لهذا الغزو الاستعماري الارهاب التكفيري
يسقط الشهداء بمواجهة هذا الارهاب الاسود ، هؤلاء الشهداء الذين يسعون بدمائهم منع الانقلاب على مفاهيم وتقاليد الشعوب، هؤلاء الشهداء سيصيرون حاضرين في ذاكرة الأجيال المتعاقبة من المثقفين الثوريين والمقاومين الابطال ، وسائر المقهورين الذين يشكلون غالبية الشعوب ، هؤلاء الشهداء ، بدمائهم يحملون مشاريع تغطي مساحة المنطقة لتنزع حريتها من محتليها، مسالمة وهادئة ولكن لديها أنياباً عندما تدخل معركتها وحين تغرسها في لحم أعدائها، فالمقاومة اليوم لا تنفصل بنضالها بمواجهة الارهاب عن مواجهة الاحتلال، فكروا بذلك وفكروا أكثر كيف نؤمن لها الحماية لتكون هذه آخر حروبها فقد تعبت أن تكون شاخص رماية الأعداء وميدان تجربة ما تنتجه أحدث مصانع من الأسلحة.
هكذا هو الحال في فلسطين والمنطقة في كل بيت مأساة و في كل زاوية كارثة أو مصيبة ، هذا ما فعله الأشرار من الصهاينة وحلفائهم من الارهابين التكفيرين ،ولكن رغم ثقل الكلمة ورغم كل اﻵﻻم واﻷوجاع والقسوة التي تحيط بنا وتلاحقنا ستبقى جملة (كل عام و أنتم بخير ) هي اﻷمل اﻷخير لنا بأن خيرا ما سيأتي لنا ربما يأتي متخفيا على شكل ذهب و ربما يأتي متطورا وحديثا على شكل رادار .
ها هو عيد الأضحى المبارك يدق الابواب على فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وليبيا واليمن ، حيث المشهد في الذاكرة لا يغيب عن الأذهان ، أطفال في عمر الورود ذهبوا ضحية الارهاب الصهيوني الارهابي الاستعماري, ما بين قتل وتشريد، ما بين الخوف واليأس, تتناثر الأفكار وتتبدد الأحلام ، ويبقى الخوف من المجهول سيد الموقف، أطلقت لنفسي العنان لانطلق مع الأطفال وارى العيد بأعينهم, فرأيت ما لم أكن أتوقعه, من اطفال بعمر الورد, فكان الموقف كما انه يدا خفية تتهيأ لقطفهم من حديقة ممتلئة بالأشواك.
عيد الأضحى هذا العام يأتي على أطفال فلسطين والامة العربية وهم مسلوبين من كل شيء, من أحلامهم من براءتهم من طفولتهم من مصروفهم من كل مظاهر الحياة, التي ينعم بها أطفال العالم اجمع ، هاهم يطلقون على العيد أنهم هم ضحيته, كان من الأولى أن يشتري آباءهم أضاحي للعيد قربانا لله, أطفالنا باتوا يرون أنفسهم اضاحى تقدم قربانا لعصابات الجرائم والحروب.
ومع كل الأسى والألم تجد نظرة تفاؤل في عيون الأطفال وهم ينتظرون غد أفضل وتجدهم مع كل هذا القهر ينتظرون يوم العيد لأن فيه سعادة خاصة بهم.
ففي العيد تتجلى السلوكيات الطيبة والأخلاق الحميدة فيسارع الناس إلى تبادل التهاني بقدوم العيد، ويتصالح المتخاصمون وتنعقد مجالس الحب والتراحم والمودة، وتزول الأحقاد من النفوس فتتجدد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف، فالعيد تقارب اخوي اجتماعي وديني وفرص للتصالح مع النفس والخلق وحل النزاعات والخلافات بين الاهل والاقارب والاخوه والاخوات وكل متخاصم ، فالعيد فرصة التصالح والتحابب والتواصل ونزع الحقد والكراهيه والغيرة والبغضاء من القلوب ونجعلها قلوبا صافيا نقيه ومدخل اجتماعي عظيم لكسر ما سببته شواغل الحياة عن القيام بواجب صلة الأرحام والتواصل مع أولي القربى.
ختاما : لا بد من القول في فلسطين وسوريا والعراق دماء أطفال كثيرة ودمار وشباب ترحل ومفاتيح العيد اختبأت في صندوق أسود من قبل الارهاب الذي قرر ذبح الناس قرابينا لعيد يراه هو فقط والعالم يتفرج ويتحالف ويقصف ويصد اﻷبواب بوجه العيد،وهناك عليك زيارة الشهيد وأهل الشهيد و ينتهي العيد ولم تنتهي زيارات الشهيد وأهله لتستمر تلك الزيارات أياما و أيام ﻷن العيد في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان يقتصر اليوم على زيارة شهيد واﻹحتفال بشهيد و ودفن شهيد ، ويصعب التأقلم معه بحيث تصبح الحياة احيانا الما يزداد يوما عن يوم، فواقع الحياة الصعبة والاحتلال والارهاب لن يستطيعوا سلب الكثير مما نملك كالارض والمال من خلال جرائمهم التي ترتكب بحق شبابنا ونسائنا واطفالنا وشيوخنا ، ولكننا نقول علينا الصمود والتحدي ولم نسمح ان يسلب منا ارادتنا للحياة، وكما قال درويش فحتى من زنزانة السجن على هذه الارض ما يستحق الحياة.
وكل عام والجميع بألف خير