استراتجية الردع لمحور المقاومه جر اسرائيل لحلبة الصراع في الشرق الاوسط

بقلم: علي ابوحبله

استراتجية الردع لمحور المقاومه هو جر لإسرائيل لحلبة الصراع في الشرق الاوسط ، اذ ان مؤشرات الاحداث تقود الى انه لا يمكن لإسرائيل ان تبقى لاعبا اقليميا تدعم مجموعات مسلحه تعبث بالأمن القومي العربي وتعبث بأمن سوريا وتبقى بمنأى عن الصراع في المنطقه ، ان التحالف الاقليمي بقيادة الولايات المتحدة الامريكيه لمحاربة داعش وقوى التطرف في المنطقه هدفه تحقيق امن اسرائيل وترسيخ وجودها من خلال استهداف الجيش العربي السوري وقوى المقاومه ، ويدرك محور ايران وسوريا وحزب الله مخاطر استراتجية الرئيس الامريكي اوباما على المنطقه وأهدافها التي تهدف الى تقسيم وتجزئة المنطقه العربية ، احتلال امريكا للعراق وحل الجيش العراقي كان هدفه ضرب العمق العربي واستهداف للجبهة الشرقيه التي كانت تشكل خطر على اسرائيل.

وان هدف التآمر على سوريا هدفه استنزاف قدرات الجيش العربي السوري ومحاصرة ايران وإضعاف حزب الله ضمن استراتجيه امريكيه صهيونيه غربيه لتحقيق امن اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينيه ، ان اعلان حزب الله مسؤوليته عن عملية تفجير عبوه ناسفه في دورية اسرائيليه في مزارع شبعا هو تأكيد على نهج جديد واستراتجيه جديدة للمقاومة اللبنانيه وهي ردا على دعم اسرائيل للمجموعات المسلحه التي تعمل في القنيطرة وتهدف الى ايجاد منطقة عازله تمتد من القنيطرة الى سهل حوران وصولا الى درعا وتشكيل هذه المجموعات خطرا يتهدد العاصمة السوريه دمشق وهي ضمن حلقه متواصلة من المخطط التركي الذي يهدف للضغط على قوى التحالف الاقليمي لإنشاء منطقة حظر طيران في شمال سوريا وإيجاد منطقة عازله ضمن استهداف سوريا وإضعاف قدراتها تمهيدا لتقسيم الدوله السوريه.

الاستراتجيه التي يتهجها حزب الله في تغيير معادلة الصراع في المنطقه ضمن محاولات جر اسرائيل لحلبة الصراع تربك الاسرائيليين وحلفائهم الامريكيين والغربيين والنظام العربي المنخرط في التحالف الاقليمي تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكيه ، وان هذا التغير في عملية ضبط النفس من قبل حزب الله مع اسرائيل تفرضه معادلات جديدة بعد ان رفضت ايران المشاركه في التحالف الاقليمي قابله تشدد امريكي في عملية المفاوضات حول البرنامج الايراني مع الدول الكبرى ، ضباط اسرائليين في قيادة المنطقه الشماليه عبروا عن قلقهم من النهج المتشدد الذي يتبعه حزب الله والذي تغير قبل فترة.

ليس مصادفة توافق عملية شبعا مع انعقاد مجلس النواب اللبناني لاختيار رئيس جديد للبنان الذي يعيش فراغا رئاسيا منذ زمن ، حيث تحولت انظار اللبنانيين مع تنفيذ العملية النوعيه والتي تحمل ابعاد متعددة في مزارع شبعا المحتله واستهداف دورية اسرائيليه مؤلله ، هذا الهجوم تصادف في اليوم ذاته الذي اسرت فيه المقاومه اللبنانيه قبل ما يقارب اربعة عشر عاما ثلاث جنود اسرائيليين داخل مزارع شبعا بتاريخ 7/10/2000 الامر الذي ينطوي على تزامن رمزي في التوقيت لا يخلو من الدلاله ،وما زاد من أهمية العملية أنها نجحت في اختراق كل «شبكات الأمان» الإسرائيلية التي تنتشر في منطقة زرع العبوة، والمصنفة بأنها منطقة استراتيجية يتوزع فيها عدد من المواقع المحمية برادارات وأجهزة رصد حراري، لم تنفع كلها في منع مجموعة «الشهيد حسن علي حيدر» من تنفيذ مهمتها، والعودة الى قواعدها سالمة.وكان لافتاً للانتباه أن اسرائيل التي فوجئت بالعملية، اقتبست هذه المرة مقولة «الاحتفاظ بحق الرد».

في تعبير عن حذرها في التعاطي مع التطور المستجدّ، وتحاشيها الانزلاق إلى تصعيد واسع ضد لبنان و«حزب الله» وفي مقاله نشرها في صحيفة هارتس العبريه اليوم الاربعاء دعا المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إلى أخذ تهديدات حزب الله على محمل الجد، معتبرا أن الصراع يدور حول ميزان الردع.وقال إن ما حصل يشير مرة أخرى إلى أنه ينبغي أخذ تهديدات حزب الله على محمل الجد فالحركة تسعى بشكل دؤووب لتحديد ميزان ردع جديد مقابل إسرائيل، ولا تعتزم الحفاظ على رباطة الجـأش على ما تعتبره عدوانا من جانب إسرائيل.

وأضاف: رغم تصريحات القادة الإسرائيليين بشأن الحرب على غزة يبدو أن حزب الله ليس خائفا ولا يرتدع عن شن هجمات بوتيرة منضبطة ضد جنود الجيش الإسرائيلي.وقال إنه حسب التحقيقات الأولية يبدو أن مقاتلي حزب الله رصدوا مقاتلي وحدة نزع الألغام حينما كانوا يحاولون تفكيك حقل عبوات ناسفة فشغلوها بتحكم عن بعد.وأضاف هرئيل أن الخط الأحمر الذي حددته إسرائيل بشأن الهجمات في الشمال خرق منذ زمن. فمنذ آب أغسطس 2013 وقعت على الخدود الشمالية 11 عملية تفجير عبوات ناسفة وإطلاق قذائف وإطلاق نار بأسلحة خفيفة.الهدوء في الشمال انهار لكن لا زال الرد الإسرائيلي منضبطا نسبيا. فقد قامت إسرائيل بالرد على العملية بقصف مدفعي استهدف موقعين لحزب الله. وذاك لأن إسرائيل تدرك جيدا قواعد اللعبة الجديدة في المنطقة وتسعى لعدم إشعال المنطقة دون حاجة ولأنها تدرك أنه سيكون من الصعب بعد ذلك إطفاءها.وأصاف رغم التقديرات الإسرائيلية بأن قوة حزب الله تآكلت نتيجة للأزمة ألسورية إلا أنه ثمة إدراك بأن الأمر أكثر تعقيدا، صحيح أن حزب الله يخسر في سوريا مقاتلين لكنه يكتسب خبرة قتالية لا يستهان بها. ففي الوقت الذي يبدي فيه الجيش السوري قدرات عسكرية متواضعة، فإن حزب الله يسجل لنفسه إنجازات قتالية في سوريا. وبالرغم من قلق حزب الله من التطورات في المنطقة إلا أنه غير مستعد لإطلاق يد إسرائيل في لبنان. تنطوي عملية مزارع شبعا على رسائل متعددة موجهة للعدو الإسرائيلي، بعدما تمادى مؤخراً في انتهاك الخطين الأزرق والأحمر. ويمكن تعداد أهم هذه الرسائل كالآتي:

أولاً: إعادة تثبيت قواعد الاشتباك التي حاول الاسرائيلي ان يعبث بها ويغيرها من خلال زرعه جهاز التنصت في عمق الأراضي اللبنانية في عدلون، ثم عبر لجوئه الى القتل المتعمّد لأحد أعضاء الحزب عندما بدأ بتفكيك جهاز التجسس، علماً أنه كان بمقدور الجيش الاسرائيلي أن يكتفي بتفجيره فور اكتشافه، لكنه تعمّد الأذى، ما ضاعف من وطأة الخرق، بحسب رؤيا حزب الله ،وقد أتى تنفيذ العملية باسم مجموعة «الشهيد حسن علي حيدر» الذي سقط في عدلون ليؤكد هذا «المنحى الثأري» للعملية، على قاعدة المعادلة الآتية: «دم بدم».

ثانياً: تلاحقت في الفترة الأخيرة الاعتداءات الاسرائيلية التي توزعت بين إطلاق النار على موقع للجيش اللبناني في جبل سدانة وبين استهداف رعاة ماشية في مزارع شبعا او في محيطها، ما استوجب لجم هذه الانتهاكات الآخذة في التمادي.

ثالثاً: سبق للحزب أن أكد مراراً أن حسابه مع الإسرائيلي مفصول عن أي حساب آخر مفتوح في مكان آخر، وأنه حريص على ان تبقى المبادرة في يده فيقرر وفق توقيته أين ومتى وكيف ولماذا يهاجم هدفاً إسرائيلياً، وهذا ما ثبّتته عبوة «المزارع».

رابعاً: أعاد الحزب التأكيد مرة أخرى أنه لم ولن يضيّع البوصلة وأن الوجهة الأصلية لسلاحه كانت ولا تزال صوب اسرائيل، وحتى صراعه مع القوى المتطرفه ينظر اليه باعتباره الوجه الآخر للمعركة ضد العدو الإسرائيلي، لاسيما بعدما ثبت التواصل والتنسيق بين «النصرة» والاحتلال في الجولان، وصولاً الى مزارع شبعا، حيث رصدت المقاومة مؤخراً تواجداً لبعض المجموعات االمسلحة من مجوعات اسلاميه وقد حظيت بضيافة مميزة من قادة الكيان الاسرائيلي وصلت الى حد تقديم الوجبات الساخنة للمسلحين، وفق معلومات «حزب الله».ويعتقد الحزب أن هناك خيطاً يربط بين المواجهة التي حصلت قبل أيام على الحدود الشرقية وبين عملية أمس على الحدود الجنوبية، معتبراً أنه أمام وجهين لعدو واحد.

خامساً: أراد الحزب أن يبلغ قيادة الاحتلال أنها يجب ألا تظن أن انشغاله في هذا الظرف بمعركة شرسة مع المتطرفين يمكن أن يلهيه عن أولوية التصدّي للخطر الآتي من فلسطين المحتلة، أو يمكن أن يشكل فرصة لتعديل قواعد ألاشتباك انطلاقاً من وهم ان المقاومة باتت عاجزة او محشورة او منخفضة الجهوزية، بفعل انخراطها في المواجهة ضد المجموعات المسلحة من سوريا الى جرود السلسلة الشرقية.سادساً: أعاد الحزب تذكير من يعنيه الأمر ان مزارع شبعا هي ارض لبنانية محتلة، ينبغي تحريرها بكل الوسائل المشروعة.امام الوقائع المستجدة ووفق رؤى محور المقاومه الذي يجمع ايران وسوريا وحزب الله من انه لا بد من تغيير في قواعد الاشتباك وتغيير في قواعد اللعبه في المنطقه.

ووفق ألاستراتجيه المستجدة لا بد من جر اسرائيل لحلبة الصراع في الشرق الاوسط ، مؤشرات ودلائل الاحداث تشير الى ان المنطقه مرشحه لمزيد من التدهور ، خاصة وان الانضباط الاسرائيلي قد لا يستمر طويلا اذا ما تدهورت الاوضاع الامنيه من خلال استمرار العمليات العسكريه في الشمال بين حزب الله وإسرائيل ، ان المنطقه حبلى بالمفاجآت وان تطور الاحداث ينبئ بالانفجار الرهيب الذي قد تشهده المنطقه بفعل التقديرات والحسابات الخاطئه من قبل امريكا وحلفائها ، وان استراتجية الرئيس اوباما لمحاربة ما تسميه الارهاب والتعامل بازدواجيه مع الاحداث من خلال ما تسميه دعم المعارضه السوريه المعتدله تجر المنطقه لحمى الصراع الذي لن يكون بمقدور امريكا وحلفائها من ايقاع ضوابطه ولن تفلت اسرائيل من معادلة الصراع ووفق الاستراتجيه لمحور المقاومه اصبح لزاما جر اسرائيل لحلبة الصراع.