الزيارة غارة
غدا لغزة موعد ,بعد غمزات ولمزات وهمسات وعشق حاولت كثيرا إيصالها لفارس أحلامها ولكن كانت على الدوام تلقى الصد والرد وكأنها باتت وعشقها عبء غير مرغوب فيه ,فغزة اليوم فيها الكثير من الغم والهم والكسر والتجبير ,فكل ما في غزة معاق من كهرباء وماء وبطالة وعيشة من خلال الأنفاق ,فلا يوجد في غزة مغريات ولا مجريات وكل ما فيها حفنة من الشعارات يجلب من خلالها بعض الساسة على أرواح من قتلوا بعض الفتات ,ويرقصوا ويهللوا ويطبلوا بهجة في الانتصارات ,والغائب الوحيد عن الحضور هو ذاك المواطن المكسور الذي عليه كل الثبور أن صرخ وقال أو فكر في طرح السؤال ,ماذا بعد كل موال .
وهنا تأتي حكومة الوفاق ,حكومة السرك الوطني ومطلوب منها أن تتحدث كل اللغات وترقص على كل النغمات وأن تتبنى كل الروايات وتحكي كل الحكايات ,كما هو مطلوب من ذاك الذبيح أن يكون وجه بشوش مريح يوزع الابتسامات ويرفع الشعارات ويصرخ مهلا مرحبا مغبوط سرورا من الحضور ,على الرغم من أن نتاج الحرب الأخيرة أفقدته القدمين واليدين ولم يبقى فيه سوى اللسان لكي يشعر من حوله أنه مازال أنسان لكنه يرفض مبدأ المنة والإحسان والتبعية وكأننا لاجئون نتلقاه مساعدات من دولة أجنبية وليس لنا حق ولسنا أصل في القضية ومطلوب منهم أن يحددوا لنا نوعية الطعام والكلام وكيفية العشق والهيام .
فالحكومة لديها سمات وصفات بات مطلوب من المواطن أو التابع التحلي بها ,أذا هدم بيتك أصمد ,أذا قتل أبنائك أصمد أذا شردت من وطنك وأصبحت طعاما لسمك أصمد ,أذا منعت من العمل في وظيفتك أصمد ,أذا قطع راتبك أصمد أذا خصم من راتبك أصمد ,أذا لم تعد ترى في الوطن ما يدعوك الى الثبات والصمود من رأس الهرم حتى مصاصي دماء القدم أصمد ,تحول كباقي مؤسسات شبه الدولة لديكور وللصور التذكارية والشعارات التي ترفع في المحافل الدولية ,أو كصورة لمجموعة من الأطفال المكفوفين يرفعها كفيق لكي يستجلب المشاعر الإنسانية .
أطمئن يا شعبي فلم تعد أنت القضية ,الكل له حسابات شخصية لكن مذيلة بشعارات وطنية ,كتلك المفاوضات التي لم تحمل سوى جلسات وتلد حوارات وتدفن اتفاقات وتذيل كل لقاء ببيانات يتبعها تفسيرات وتوضيحات ووقفات أمام الكاميرات ,وفي النهاية الحكومة تأتي الى الجزء الجنوبي من رئتها بعد كل الموافقات والمرافقات الداخلية والخارجية ,فهل حقا تلك حكومة أم أنها حكومة مخصيه ,كشباه الرجال لا يمارسون الا الدعارة السياسية ,فلم يبقى لهم من الرجولة الا الصورة وباقي الأمور مكسورة .
على الرغم من كل ما فات على الجميع غدا الخروج صبيان وبنات ,أباء وامهات وحتى من هم في اللفات ,ليس ترحيبا بالقادم ولا بما يحمل من فتات ,ولكن لتكتمل صورة الوطن وليعلن الجميع انتهاء مرحلة المحن ,انتهاء حالة التشرذم والتلعثم وانتهاء زمن العزب والحارات وزمن النشوة والصحوة من السكرات وزمن بيع الصكوك في المزادات وزمن الحواري والجواري وزمن الخليفة المبجل صاحب الوعد المؤجل زمن الشعارات والرقص على الجراحات والآهات وليعلن انقشاع زمن الانقسام زمن حفنة اللئام .
غدا للوطن موعد ,وللقضية مولد جديد ,فلا أحد يأمل بعصى سحرية ولا بحل كل مشكلات السنوات السبع المطوية ولا بعودة القدس عزيزة حرة أبيه ولا بتحرير غزة والضفة الغربية ولكن فلنحفظ الانسان ولنعد رص البنيان ونجيد صياغة البيان ولنصنع لشعب عنوان .
فليكن الوطن للجميع والقانون هو الحكم وراية فلسطين هي العلم ,دون أصنام وأزلام ,دون شعارات لا تصلح الا لتزيين الرايات ,دون حكايات وبطولات فالركام يغني عن الكلام
وأخيرا اتمنى الا تكون هذه الجلسة أول جلسة وأخر جلسة للحكومة في الركن الثاني للوطن وأن تذهب كل مقومات الازدواجية دون رجعة وأن تعود اللحمة الى كل مؤسسات بقايا السلطة في بقايا الوطن عل جيل يأتي يرمم ما أنهدم والسلام على الحكومة
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
9-10-2014