كان يوم الخميس موعد وصول اعضاء حكومة الوفاق الى غزة، وهدف الزيارة التي حددت سلفا دون لف ودوران هو الترضية وليس بسط سيادتها على غزة، واذا خصصنا ساعات استقبال الحكومة وعقد اجتماعها في منزل الرئيس وزيارة سريعة للمناطق المدمرة وتناول اعضائها للطعام في منزل هنية قبل مغادرتها صباح الجمعة، فإن هذا يعني أن مهمة الترضية استغرقت أقل من أربع وعشرين ساعة، ولكن هل تفلح زيارة ترضية لأربع وعشرين ساعة في حفظ ماء وجه حكومة الدكتور رامي الحمد الله؟ وهل ستعود الحكومة لاستئناف اجتماعاتها بغزة؟ واذا بسطت الحكومة سيادتها على غزة هل سوف تتراجع عن قراراتها العنترية بحق موظفين غزة؟ بالطبع لم تنته الأسئلة عند هذا الحد، وزيارة الحكومة الى غزة تعد الخطوة الاولى في طريق طويل وشائك يصعب السير فيه بسرعة وبسهولة كما هو الحال بالنسبة للسير في الطريق المعبد والسالك في الضفة الغربية، هناك اشكاليات ومآخذ وملاحظات كثيرة على حكومة الحمد الله وخاصة بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة، البعض منها كان مطروحا بقوة على طاولة الحكومة، وهناك نقاط ضعف في الحكومة لم تتوفر في سابقاتها، بعبارة اخرى ان الاخيرة سلبياتها أكثر من إيجابياتها، ولعل ابرز ايجابية هي ان الحكومة تشكلت على ارضية اتفاق بين حركتي فتح وحماس على أساس حكومة وحدة وطنية، وهذا الاتفاق حكمته ظروف معينة ارتبطت جميع اجزائها بالمصالحة على قاعدة توحيد مؤسسات الدولة، وفي مقابل ذلك فإن ثمة سلبيات لا يمكن للمواطن العادي ان يغض الطرف عنها او يتجاوزها، رافقت مجمل خطوات أعمال الحكومة لتلقي بظلالها على صورتها التي برزت وتجلت واضحة بغيابها عن المشهد في الساحة الغزاوية وعدم تقديم المساعدة لأهالي الشهداء والبيوت المدمرة والجرحى.
باعتقادي أنه ارتباطا بهذه الصورة المتداخلة الخطوط والالوان فانه من الصعب بمكان ان نستغرق بالتفاؤل من عقد الحكومة اجتماعها بغزة واتخاذها عده قرارات لصالح غزة، فالاختبار الحقيقي أمام الحكومة هو ممارسة مهامها الطبيعية ومسئولياتها اتجاه غزة والاسراع في عملية الاعمار، ونفترض ان لدى الحمد الله عصا سحرية تتيح له تغيير الاوضاع هناك في غزة بين ليلة وضحاها رأسا على عقب، وان زيارة الوزراء لغزة سيكونون مختلفين تمام الاختلاف عما قبل ذلك، وفي ذات الوقت من الخطأ ان نضيع ونغرق في متاهات التشاؤم واليأس، الذي غرقنا فيه خلال السنوات السابقة، فبين التفاؤل والتشاؤم مساحة واسعة وأفق فسيح يمكن التحرك فيهما، ولتحدد الحكومة ادائها وسلوكها والمناهج والسياسات التي سوف تتبناها بوصلة الاتجاه نحو غزة اما نحو تحقيق التفاؤل ببرنامج واقعي وواضح المعالم والملامح وقابل الى حد كبير للتطبيق وتصميم الحكومة على ترجمته الى واقع عملي على الارض أو باتجاه التشاؤم بأنه لا جديد على أرض الواقع في غزة ليبقي الحال من المحال.
بقلم / رمزي النجار
[email protected]