ستبقي مصر بشعبها وجيشها وقيادتها عّصِية على الانكسار

بقلم: جمال أبو نحل

إنها مصر الكنانة أرض الأمن والأمان مُصدرة الإسلام بوسطيتهِ للعالم؛ هي قلب العالم العربي والإسلامي النابض حبًا وحنانًا، هي مصر العروبة أُم الدنيا فيها نهرُ النيل منبعهُ من الجنة؛ فيها كل ما سألتم؛ شعبها يتدفق رحمةً وحنانًا، جيشها المغوار يتصف بأخلاقهِ العالية وأدبهِ الرفيع، خيرُ أجناد الأرض؛ هي وجهة المحبين والعاشقين، إنها مصر التي تعيش في قلب كل فلسطيني وفي عقلهِ وروحهِ ويجري حُبها في دمنا، كيف لا! ومصر قدمت ألاف الشهداء الأبرار الذين قضوا نحبهم شهداء وسال دمهم الطاهر فوق تراب فلسطين؛ مقبرة شهداء الجيش المصري البطل في خانيونس مازالت شاهدة على مر التاريخ، وفي الفالوجة وغيرها امتزج واختلط الدم المصري بالدم الفلسطيني؛ ليكون ويبقي دمًا واحدًا ومصيرًا مشتركًا وحبًا سرمديًا وعلاقة روحية وقلبية كالروح في الجسد لا انفصام بينهما ولا فرقة إلا بالموت والرحيل عن الدنيا؛ لقد حرق قلوب كل الشرفاء والأحرار في العالم عمومًا وفي فلسطين خصوصًا الحادث الإجرامي الإرهابي في منطقة الشيخ زويد والذي راح ضحيته 33 شهيدًا من أبناء الجيش المصري البطل المرابط على ثغور الوطن؛ والذي يعتبر الحادث الدموي الأكبر والأكثر عنفًا وألمًا لنا ولكل غيورٌ ووطني شريف وهنا لابد من وضع تساؤل مهم هو لماذا يأتي هذا الحادث الإجرامي في وقتٍ تتعرض فيه القدس الشريف لأشرس هجمة صهيونية في التاريخ ؟ من خلال الاقتحامات اليومية ومحاولة تقسيمها زمانيًا ومكانيًا وهدمها، وسحب الرعاية الأردنية والفلسطينية؛ ولأي أجندة يعمل أولئك القتلة السفلة المجرمين والذين يسمون أنفسهم زورًا وبهتانًا " أنصار بيت المقدس" بل هم والله أنصار بيت الشيطان، وأنصار الصهاينة والأمريكان؛ وإن فلسطين وشعبها وفصائلها بريئة من هذا العدوان الإرهابي الجبان براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام؛ وقد ألم شعبنا ما حدث أيما إيلام ونشاطر مصر حزنها وغضبها؛ إن قتل الجنود والضباط المصريين المؤمنين الموحدين بالله عز وجل هدفه الواضح هو الفوضى الخلاقة والشرق أوسط الجديد وتدمير جيشها الباسل لا سمح الله؛ والذي يمثل نواة وقلب الأمة العربية والإسلامية حيث كان جيش العراق والجيش السوري يمثلان زوايا المثلث والجيش المصري رأس المثلث وقمة الهرم؛ ولقد استطاعت الصهيونية العالمية والأمريكان تفتيت وتدمير الجيش العراقي وتشتيت وإضعاف الجيش السوري؛ وبقي الجيش المصري البطل عصيًا على الانكسار صامدة في وجه الأمواج العاتية والعواصف المُدمرة متماسكة؛ لأن المطلوب بما يحدث هو رأس الدولة المصرية وجيشها المحترم، ولأن مصر هي الدولة الثالثة في مشروع الفوضى الخلاقة، كدولة مدنية ودولة مؤسسات، ولها جيش وطني كبير وقدير ومحترم عند شعبهِ وعند كل العالم الحُر، والمُخطط هو أن يتم إضعافها وتدمير جيشها وتفتيتها وتفكيكها، حتى تصبح الطريق سالكة أمام مشروع الفوضى الخلاقة على الأرض، وإعادة تركيب سايكس- بيكو القديمة إلى جديدة فيها تقسيم المقسم وتجزئة المجزوء من الدول العربية؛ إن المستفيد الأول والأخير لما يحدث في العالم العربي والإسلامي وخصوصًا مصر هو العدو الصهيوني الذي يقول قادتهُ دع العرب يقتلون بعضهم بعضًا؛ وهم والأمريكان الدو اعش الحقيقين وهم من يدعمون أصحاب الفكر المنحرف والمتطرف بيد؛ ويتظاهرون بمحاربتهم في يدهم الأخُرى!!
بات واضحًا بان هذه العمليات الاجرامية المنظمة، هي ليست فقط من تدبير وصنع جهات محلية بسيناء، وإنما مرتبطة بقوى من دول إقليمية وعصابات إجرام منظم، وقوى تكفيرية منحرفة الفكر ومتشددة ومتطرفة، وإن تلك الجهات الخارجية التي شاركت وساهمت في عملية التنفيذ، تهدف الى زعزعة الاستقرار في مصر، وكسر هيبة الجيش المصري، وبقاء مصر في حالة من الفوضى والفلتان وعدم الاستقرار، والتمهيد لجر مصر الى حروب وفتن داخلية على غرار ما جرى ويجري في العراق وسوريا، وتنفيذ مخطط سايكس- بيكو جديد يقسم العالم العربي ويعيد بناؤه على أساس المذهبية والطائفية والعشائر والقبلية والثروات، ولكي يحصل هذا يتطلب اضعاف وتدمير ثلاثة جيوش عربية هي الجيش العراقي والسوري والمصري؛ ولكن أنيّ لهم ذلك إن مصر بقيادتها وشعبها وجيشها على قلب رجل واحد؛ لا تقبل القسمة أو الضرب؛ ستبقي مصر الكنانة منارةً للعلم والعلماء وصرح شامخ متماسك على مر الأيام والعصور، حاضنة ورافعة للقضية الفلسطينية ولكافة القضايا القومية العربية والإسلامية رغم ما حدث؛ ورغم أنف كُلِ حاسدٍ او حاقدٍ أو مُستغلٍ أو مُستغّلٍ؛ إنها مصر التي ذكرها الله عز وجل بُقرآنه الكريم مراتٍ ومرات؛ هي وفلسطين روح وقلب وجسد واحد كمثل الجسد إن أصابه عضوٌ بألمٌ تداعي له باقي وسائر أعضاء الجسد بالسهرِ والحُمي؛ رحم الله شهداء فلسطين وشهداء الجيش المصري الأبرار وتقبلهم الله عز وجل شهداء في أعلي عليين في الفردوس الأعلى بالجنة، والخزي والعار للتكفيرين المنحرفين المجرمين، وعزاؤنا لشعبنا المصري الحبيب، عاشت مصر وفلسطين عشقًا وحبًا وتلاحُمًا أبديًا سرمديًا ما دام الليل والنهار.
بقلم الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
الكاتب والمحلل السياسي-مديرالمركز القومي للبحوث