بعد الطفرة في النتائج التى حققتها حركات الاسلامية ، ولاسيما في تونس والكويت والجزائر ومصر وغيرها ، إلا اننا كمراقبين لأداء حكوماتها كنا نتوقع تراجع نجم تلك الحركات في أي انتخابات مقبلة ، طبقا لقراءات موضوعية وذاتية
وفي ابسط تحليل سياسيي يمكن القول أن أكثر ما يلفت الانتباه هو ما أفرزته الانتخابات الاخيرة في معظم الاقطار العربية هو .
استمرار ظاهرة تراجع الإسلام السياسي خلال السنتين الأخيرتين بالمنطقة العربية ...
قبل هاتين السنتين كان انتصار التيارات الدينية السياسية بكافة أطيافها هو السمة الطاغية في نتائج الانتخابات العربية سواء كانت برلمانية أو بلدية أو نقابية.. لكن الوضع تبدل دراماتيكياً منذ تراجع حركات الإسلام السياسي في الانتخابات التشريعية الأردنية في نوفمير 2007، وتقدم مرشحي العشائر ورجال الأعمال وما شهدناه هذه السنة في فبراير بالعراق في الانتخابات المحلية والبلدية من تراجع ملحوظ لمرشحي الحركات الدينية..
ثم بعد ذلك التراجع الحاد للإسلاميين في انتخابات الجزائر
مع حذري الشديد ككاتب من سرعة الاستنتاج سواء بصحة ظاهرة تراجع التيارات الدينية ، أو بإمكانية استمرار التراجع خلال السنوات القادمة، فإنه من المهم تحليل المزاج العام للواقع السياسي الانتخابي في العالم العربي..
رغم أن أهم أسباب نجاح حركات الإسلام السياسي في الانتخابات كان قرب خطابها من مشاعر وعواطف الجماهير المحافظة والمتدينة بطبعها ،
أسباب تراجع التصويت لهذه الحركات..:
اولا : استخدام هذه الحركات الخطاب الديني الوعظي بطريقة عاطفية جذبت لها أصوات الناخبين في البداية، لكن عندما انتهى وقت العواطف وجاء وقت المحك العملي عبر التجربة الواقعية التنفيذية، لم يكن لدى تلك الحركات مشاريع ولا برامج عمل بل واصلت حضورها الخطابي من خلال العاطفة الدينية ، والعلاقة المتوترة مع الآخرين المخالفين وتأزيم العلاقة مع الحكومات والشعوب والمختلفين ، معهم ، لأسباب إيديولوجية أكثر مما هي أسباب عملية،..
ثانيا : لم تتمكن معظم هذه الحركات من تخطي خطابها الوعظي ، ولم تجري مراجعة ذاتيه لأداء ها ، وابتعدت عن هموم الجماهير الحقيقة،.. كل ذلك أدى إلى عزوف كثير من الأصوات عنها ..
ثالثا : ابتعاد ورفض معظم دهاقنه العمل الوعظى في تلك الحركات عن تأصيل فكرة المشاركة الفاعلة مع الاحزاب الاخري الفاعلة في مسرح السياسيى في تلك الاقطار...
رابعا : التدخل الحكومي المباشر وغير المباشر ، وبموضوعيتنا كمراقبين لابد من الاشارة الى عومل ذاتية في بعض الاقطار ادى الى اجهاض بعض اداء الحركات الاسلامية مثل التدخل الحكومي ضدها والمضايقات التي تتعرض لها والحملات الإعلامية ضدها وشبهات التزوير ودخول المال السياسي في اللعبة الانتخابية ..
خامسا : :طبيعة النظام الانتخابي في بعض الدول ، ادى الى إحباط عام ، ومن ثم عزوف كثير من الناخبين عن التصويت ككل
سادسا: بروز التيارات الاسلامية المتشددة ودورها في الحروب الاهلية في المنطقة واخص بالذكر سوريا والعراق واليمن ، وتباري وسائل الاعلام العربية والدولية في نقل سلبيات ممارسات تلك التيارات كان لها مردود سلبي وانعكاسات على واقع وفكر وذهنية الناخب العربي..
سابعا :الخلل المنهجي داخل حركات الإسلام السياسي والتي أشرت إليها في عدم قدرة خطاباتها وبرامجها من التحول من شعارات أخلاقية وعظية إلى مشاريع سياسية وعملية لبناء مجتمع حديث وتتماهي مع المعطيات الراهنة ، عبر التركيز على القضايا الكبرى كالفقر و والبطالة والتعليم والصحة ، مقابل تركيزها على من قضايا أقل أهمية بالنسبة للناخبين مثل التركيز على الصراعات الفكرية والأخلاقية مع الحركات والأحزاب المخالفة فكرياً ،..
تأسيسا لما سبق ، نرى انه من الضروري اللازب أن تدرك الحركات الاسلامية انه لابديل لها إلا اجراء مراجعة ذاتيه لنفسها ، والاهم من ذلك الايمان بمنهج الحوار والتبادل الحضاري ، والنظر بعمق الى القضايا المحيطة ، واحترام الخصوصيات
العقائدية والفكرية للآخرين ، وتعزيز فلسفة التسامح والحوار والتبادل البناء ، وتدريب قادة الاحزاب المتقوقعين في كهفهم على سنه التغيير والخروج من اوهام الكهف والقبيلة والمسرح ، فالحزب المؤمن بفقه الاختلاف ومنسجم مع فقه الواقع ، هو المجتمع الذى يحظى بالاحترام محليا ودوليا ..
أمين عام مبادرة المثقفين العرب لنصرة فلسطين ومناهضة العنصرية والصهوينية