شاهدت بــ " الصدفة " مقطعا على " اليوتيوب " , لعرس فلسطيني في غزة , يتم فيه توزيع بطاقات صفراء كبيرة , تحمل شارة رابعة العدوية , ويلوح المعازيم بهذه البطاقات , كأنهم أبناء " الجماعة " في مظاهرة بإحدى مدن مصر , ويتم الرقص على أغنية تقول : " الشعب المصري قرر .. يسقط يسقط حكم العسكر .. هي دولة ولا معسكر " , ثم يتم تقديم سيفين للعريس والعروس , ليرقصا على أنغام الأغنية ذاتها , فلمن يتم التلويح بالسيوف يا ترى ؟
مشاهدة هذا " اليوتيوب " , دفعني لمتابعة ردود الفعل المصرية على ذلك , وشاهدت برنامجا على قناة " الحياة " المصرية , يقدمه الإعلامي القدير أحمد المسلماني , المستشار الاعلامي للرئيس المصري السابق عدلى منصور , حيث استنكر المسلماني في بداية حديثه , هذا الفيديو الذي يتم تداوله على موقع «يوتيوب» لعرس في غزة، يهاجم فيه الحضور النظام المصري والجيش المصري, في أغنيته " يسقط حكم العسكر" , واكتفى المسلماني بوصف هذا الفيديو بـ " البغيض" , دون شتائم أو مسبات , وهو أمر استحسنته في هذا الاعلامي , لكنني أخشى من حملة قد يشنها غيره من الاعلاميين الموتورين والحاقدين في مصر.
وعلق المسلماني قائلا : إن الغناء الفلسطيني الأصيل تحول لهجوم على الجيش المصري، مضيفا توقعت أن يوزع الداعون للفرح علم فلسطين على الحضور وليس شارة رابعة , وأن يرفعوا صورة الأقصى الذي يتعرض هذه الأيام للانتهاك والتدنيس من العدو الاسرائيلي.
وأضاف كنت أتوقع أن يرفعوا في هذا الفرح شارة النصر على إسرائيل التي دمرت غزة في الحرب الأخيرة ، ولكنهم رفعوا شارة النصر على جيش مصر، كما يتوهمون , معتبرا شعار "يسقط حكم العسكر" الذي يتغنون به , هو دعوة لسقوط الجيش المصري.
وأشارالمسلماني في نهاية تعليقه , إلى أن الحاضرين في هذا الفرح لا يمثلون الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن هؤلاء قلة "منحرفة بغيضة" تكره فلسطين وتكره مصر.
مشهد آخر من مشاهد الإساءة لمصر , إبقاء صورة كبيرة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي , في أحد أكبر شوارع غزة ( شارع النصر) , مكتوبا عليها " رمز الشرعية " , مع أن شرعية مرسي ونظامه سقطت بإرادة شعبية , عندما خرجت ملايين الشعب المصري في الثلاثين من يونيو من العام الماضي تطالب بإسقاط نظام مرسي , واستجاب الجيش المصري لنداء الشعب , ورفض الجيش المصري تسلم الحكم , وتقرر قيام فترة انتقالية بإجماع كل المؤسسات الدينية والسياسية والنقابية , جرت بعدها انتخابات حرة ونزيهة , واختار الشعب المصري رئيسا جديدا بأضعاف أصوات ما تم اختيار مرسي.
مشهد آخر يسيئ للفلسطينيين في مصر , عندما لا تزال بعض القنوات التلفزيونية الفلسطينية في نشراتها الاخبارية , وبرامجها الحوارية التي تستضيف بعض الشخصيات المعارضة للنظام المصري , , تقوم بوصف التغيير الذي حصل في مصر بـــ " الانقلاب " .
وهنا لا بد من وقفة وتساؤل : لماذا تتم الإساءة لمصر وجيش مصر , في الوقت الذي تتعرض مصر وجيشها لموجة إرهاب كبيرة , كان آخرها قتل 33 ضابطا وجنديا في مدينة الشيخ زويد , على مقربة من حدود قطاع غزة . وهو ما دفع السلطات المصرية إلى إغلاق معبر رفح لإشعار آخر , فيما خرج بعض الاعلاميين الحاقدين في مصر , إلى التهجم على الفلسطينيين واتهامهم بالمشاركة في الهجوم على الجيش المصري وقتل أبنائه , وهو خطاب مرفوض من طرفنا , فلا يمكن لأي فلسطيني أن يشارك في مثل هذا العمل الدنيء ضد جيش مصر , الذي قدم أكبر التضحيات من أجل فلسطين منذ حرب عام 1948 , بقيادة الزعيم المصري الخالد جمال عبد الناضر , مرورا بحروب 1956 و 1967 و 1973 , مقدما نحو 100 ألف شهيد من أجل فلسطين والدفاع عن مصر العروبة.