كثيرة هي الأمور المختلطة والمتضاربة والمتناقضة ليس فقط على مسرح العمليات السياسية وإنما في جميع مناحي الحياة هي أمور معقدة التركيب كما الجليكوجين تلك المادة التي لا يوجد مصدر غذائي محدود للحصول عليها وكما اللافقاريات أو البناء الضوئي وكثيرة هي التعقيدات في حياتنا ، والتي تجعل الحليم حيران ..حتى بات الملايين من بني البشر يبايعون بمخيلتهم من توسموا فيهم الحق ونشر العدل ففي معتقداتهم تلك.. اليقين وما دون ذلك فهو الباطل ولا مجال للنقاش أو التحليل أو الاستئناف الفكري يعني بلغة الهاتف يصبح فكر أولئك القوم وكيانهم ووجدانهم بلغة الاتصال خارج التغطية أي بلا أدنى تردد استقبالي ولو متناهي الضعف أي يصبح الواحد منهم مجرد مرسل محض كما الدمى أو الجمادات التي تحيط بنا من كل جانب ..لذلك صارت عقولهم الواهية بقايا صخور مفرغة المحتوى وليتهم كانوا كالصخور التي يتفجر منها الأنهار .. فتارة يهللون ويكبرون الله أكبر ..الله أكبر ..ظهر الحق ..وقد رست السفينة ..سفينة النجاة والخلاص على الشاطيء ،وعلى الجميع أن يلحق بهم وإلا سيغرقهم الطوفان ..وأمثال هؤلاء كثيرون فمنهم من نجده يبايع تنظيمات وخلايا وقواعد لا يعلم عنها إلا كما يعلم الفنانون والسحرة والدجالين عن الذرة أو الأجرام السماوية .. فنجده مثلا يبايع تنظيم القاعدة ذلك التنظيم الجهادي السني الإسلامي الأصولي ، كما يدعي أصحابه والذين يدعون للجهاد الدولي ولو دققنا النظر بعنوان أو مسمى التنظيم لتيقنا أن المضمون أو الهدف يتناقض مع العنوان فالمسمى لغة واضح أي الأساس أما الباطن فنجده من وجهة نظري لا يحمل سوى مفهوما واحدا يقترن بالقاعدة الفقهية من الجانب الاصطلاحي والذي اختلف الفقهاء في تعريفه وأنا أقول برأيي الشخصي رغم أني لست فقيها ولا مفتيا أن سبب الاختلاف هو الاكتفاء بالقاعدة الجانبية دون الكلية أي لا يمكن أن تكون هناك أي محاولات عملية لمواصلة البنيان أو الإعمار والرقي لأعلى القمم ،ويعني ذلك أن الذين كانوا يبايعون القاعدة من قبل عندما ولدت هم اليوم في شك وريبة لأنهم لا يميزون أساسا بين القاعدة والوتر ولا بين الدائرة والمثلث لكن الكارثة أنهم رغم اعترافهم بحماقاتهم عندما كانوا يدافعون بل يضحون بأرواحهم وأموالهم إلا أنهم لا يتعلمون أبدا فيتحولون بسرعة كالحرباء لطالما خفق نجم القاعدة فنجدهم يبايعون جبهة النصرة لأهل الشام ذلك التنظيم الذي ينتمي للفكر السلفي الجهادي والذي ولد من رحم الأزمة السورية أواخر عام 2011 فيسارعون لتلبية نداءاتهم لبيكِ يا نصرة ..فيدافعون باستماتة عنها وكأنها الطائفة المنصورة أو الناجية من الطوفان ثم ما يكادوا وإلا ليكتشفوا فيما بعد أن هناك دولة للجهاد فلا قاعدة ولا تنظيم فيغادرون النصرة بل منهم من يلعنها بعدما انقلبت عقيدتهم الهشة على عقبيها نحو الدولة التي صاروا يمتدحونها ويدافعون عنها بقوة ..تلك الدولة الإسلامية في العراق والشام تلك الدولة والتي تسمي نفسها الآن الدولة الإسلامية فقط والمعروفة اختصاراً بـ داعش والتي نشأت حديثا ..والمنبثقة أساسا من أغوار تنظيم القاعدة وهي أيضا تتبنى الفكر السلفي الجهادي وتهدف حسب اعتقادهم إلى عودة الروح من جديد لتدب في جسد الخلافة الإسلامية ..والسؤال الذي اعتبره بيت القصيد من سلسلة تلك التنظيمات التي لن تنتهي طالما هناك أعداء يحاربون الإسلام..أعداء من المغرب والمشرق لسان حالهم يقول اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين ..!! والتساؤل الذي لا يراودني فحسب بل يراود ذوي العقول الرشيدة وحتى البسطاء أو العوام من الناس وذلك السؤال هو ..أين تلك التنظيمات اليوم من صدقها والتي تدعي الجهاد والنصرة والدولة من قضية القدس و الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ومدينة القدس، وأين هم من استباحة قطعان المستوطنين المتلاحقة للحرم القدسي الشريف ..بل أين كانت ردود أفعال تلك التنظيمات الجهادية المزعومة من الحرب الأخيرة على غزة وأين هي من المذابح التي جرت وما زالت ترتكب في بورما وفي الصومال أو المجازر التي ترتكب بصورة عامة في بلاد المسلمين ..بالأمس ضحكت وبشدة .. لما قال لي أحد الأصدقاء بعفوية ضمن حوار مطّوّل ومتنوع حيث قال يا أخي الغريب أن التنظيمات الإسلامية التي تتصدر عنوانين الصحف في بلداننا العربية والإسلامية والتي تهز الرأي العالمي بأسره أن تلك التنظيمات لا تقاتل في بلاد الفرنجة أو بلاد الغرب بل أنها لا تشهر سيوفها ومعداتها وأسلحتها سوى في وجه الذين يقطنون ذات البقعة التي تأويهم ..فأين جبهة النصرة أو القاعدة أو داعش من محاربة اليهود العدو المركزي والمتفق عليه بالنسبة للمسلمين ولما لا توجد ولو خلية ناشطة لداعش في إيطاليا أو ألمانيا أو روسيا..حينها قاطعته قائلا له يا عزيزي أنت الآن تكاد باعتقادي تقترب من الحقيقة المخزية ،ثم استطردت بحديثي هل الدين الإسلامي أو الخلافة الإسلامية الحقة تدعو إلى الاقتتال الداخلي أو التصفية الجسدية والتي مركزها قطع الرؤوس ..رؤوس من أعتبرهم برأيي أبرياء حتى يثبت العكس من ذلك سواء كالذي حدث في العراق مثلا لا حصرا .. منذ أيام قلائل ولا زال يحدث إلى اليوم حيث ..يقدم تنظيم داعش على اقتراف العديد من المجازر ضد عشيرة البونمر السنية في غرب العراق لأنها قاتلت ضده في محافظة الأنبار، وبالتالي لم تركب موجتها وهل أن الإسلام يدعو إلى الترهيب والفظاعة و قطع الرؤوس وتصويرها على الملأ عبر الفضائيات أو مواقع الشبكة العنكبوتية .. ياعزيزي أمثال هؤلاء قد أساءوا إلى الإسلام.. دين التسامح والرحمة ودين المغفرة لقد بدل هؤلاء القوم آيات الله فصار بأسهم على المسلمين شديد ..أين هم أصحاب تلك التنظيمات من قول الحق سبحانه:" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ"..رد عليّ صديقي متسائلا يعني أفهم من ذلك أنك لاتبايع أمثال هؤلاء ..قلت يا عزيزي ومن أنا حتى أنكر الخلافة ..
رغم أني مؤمن جدا بالخلافة الإسلامية إلا أني أرى أن ملامحها لم تظهر بعد في أنحاء المعمورة ..لطالما لم يظهر الخليفة الذي يرقد تحت ذات الشجرة التي كان يرقد تحتها عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه بلا حرس أو تأمين المكان ..لكن ما معنى أن يجيش الغرب الطائرات من أكثر من 44دولة لقصف داعش والقضاء عليها بعد وصفها بالإرهاب ..هل أن الأمر يحتاج إلى ذلك أن تحارب دول تنظيم محدود التسليح ومحدود العدد ..إذا هناك فتنة ومؤامرة وخديعة تحاك ضد المسلمين وتستخف عقولهم ..الأمر أشبه بمسرح العرائس ..قال لي صديقي عفوا ..هل لك أن توضح لي أكثر ..قلت إذا كانت جبهة النصرة على خلاف اليوم مع داعش رغم المسمى الجهادي الوحدوي بينهما ..إذا هناك أيد خفية تمسك بحبال تلك العرائس فتحركها كيفما تشاء وما خُفي كان أعظم فلا تغرنك العناوين يا صديقي العزيز ولا المظاهر إن أردت أن تحكم على شيء فقل له من أنت ومن غرسك ..أقل لك من تكون ..!!