لا يخفى على أحد منا حال واقع مدينة القدس العربية التي لا تزال مطمعا للغزاة والمحتلين منذ فجر التاريخ وحتى الآن، وما تقوم به حكومة الاحتلال الإسرائيلي من تهويد للمدينة المقدسة تدريجيا يهدف إلى تمرير مشروعهم الخاص القاضي بتفريغ المدينة من سكانها الاصليين عبر سياسة التطهير العرقي واقتحام المسجد الأقصى من قبل العصابات اليهودية وإغلاقه امام المصليين في انتهاك واضح للحق في حرية العبادة، واستهداف كل من هو فلسطيني على هذه الأرض المباركة وكل قطاعات شعبنا لخلق واقع أمر جديد تمشيا مع أهداف الجماعات الاسرائيلية العنصرية والمخطط الاسرائيلي لفصل القدس القديمة عما حولها وهو بحد ذاته أمر خطير, والواضح أن الجماعات اليهودية المتطرفة التي تحاول الدخول واقتحام المسجد الأقصى بين الحين والآخر والإساءة والاستفزاز لحرمة المقدسات الاسلامية, لا تخفي حقدها ونيتها المبيته تدمير الاقصى وإقامة الهيكل في خطوه لتزوير التاريخ, ولما يتعرض الاقصى لمئات الاعتداءات من قبل تلك الجماعات العنصرية منذ الاحتلال الاسرائيلي من إحراق واقتحام للأقصى وإطلاق نار وقتل وجرح المصلين, بالإضافة إلى السرقة والاغتصاب والاستيطان وتواصل الاحتلال مخططه في عمليات التنقيب والحفريات أسفل المسجد الأقصى في مخالفة لكل القوانين الدولية المتعلقة بوضع الأراضي تحت الاحتلال، وتلك الممارسات الإسرائيلية تتعارض مع القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية لا تعطي الحق للاحتلال في فرض واقع جديد على الشعب المحتل يتناقض ويتعارض مع حقوقه الأصلية، فإسرائيل تعودنا عليها دولة خارجة على القانون الدولي، في ظل غطاء أمريكي لها في المحافل الدولية ضد أية قرارات او عقوبات قد تفرض عليها.
ومما لا شك فيه بأن تلك الاعمال الاحتلالية بمثابة حرب ضد المسجد الأقصى والقدس وهي حرب دينية حضارية أثرية وتاريخية، وهى شاملة وواسعة لكل مكونات الحياة الانسانية الفلسطينية في القدس, لذلك تقع المسئولية على العرب والمسلمين، فالقدس ليست للفلسطينيين بل للمسلمين جميعهم، وهي أمانة في أعناقهم الى يوم الدين لا يجوز التفريط فيها, واذا كانت اسرائيل تستغل حالة الصمت العربي والإسلامي والدولي للتسريع في تهويد المدينة المقدسة والاستيلاء عليها، إلا أن الشعب العربي الفلسطيني وأهل القدس خاصة لن يسمحوا لهذا الاحتلال العبث في القدس على حساب أرواحهم ودمائهم, وهم جاهزون للمعركة من أجل القدس، وما دماء الفتي أبو خضير والشلودي وحجازي والعكاري ألا الطلقة التحذيرية للاحتلال لرفع يده عن القدس، وإسرائيل التي بدأت في اشعال الحرب الدينية والمقدسة في القدس يجب أن تعلم بأنه لن يكتوى بنارها سوى اليهود أنفسهم، وعلي الاحتلال أن يدرك بأن معركة القدس هي المعركة الكبرى, والقدس أكبر من الجميع وغير قابله للقسمة، وهى خط أحمر يزداد احمرارها بدماء الفلسطينيين التي يمكن لها أن تمتد الى كل ارجاء فلسطين التاريخية، بل إلى كل أرجاء العالم الذي سوف يقف النظام العالمي عاجزا أمامها نتيجة تواطئه مع الاحتلال, كما أنها سوف تزيد من حالة العداء والغضب والسخط على الدول والحكومات التي سوف تساند دولة الاحتلال، فمعركة القدس الكبرى لم تحن بعد، واذا حان وقتها ستكون معركة مفتوحة بلا حود.
باعتقادي أن الحرب التي تشنها اسرائيل على القدس تستدعي تجميع الجهود وتوحيد الطاقات لدعم الصمود الفلسطيني بالقدس والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية ضمن خطة وتحرك شامل فلسطيني شعبي ورسمي للدفاع عن القدس وتحميها وكل إمكانياتها مسخرة لدعم القدس، والحفاظ على عروبتها، بحيث تخاض المعركة قانونياً وشعبياً ، وعلى السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية امتلاك الإرادة السياسية وترجمة شعارات دعم صمود المقدسين الى ترجمات عملية على الأرض وفق رؤيا واستراتيجية واضحة ومحددة .
بقلم/ رمزي النجار
[email protected]