تعتبر فتح حركة مهمة ورئيسية وأحد مكونات النسيج الوطنى الفلسطيني فساهم عناصرها وكوادرها وشهدائها ومعتقليها بالدفاع عن القضية الفلسطينية منذ عدة عقود وكان على رأس هذه القافلة القائد الراحل محمد القدوة الحسيني "ياسر عرفات" والتى نحيي ذكرى رحيله هذه الايام . ان حركة فتح بقيادة القائد عرفات ورفيق دربه القائد أبو جهاد خليل الوزير كان لها صولات وجولات مع العدو الصهيوني فعيلبون والكرامة والسافوى والثلاجة وميونخ تشهد على شراسة هذه الحركة وقوتها ولكن هذه المسيرة النضالية والعسكرية بدأت في التراجع احياناً والتقدم احياناً والذوبان في احيان اخرى بناء على ظروف سياسية وواقعية اقتنعت بها فتح والتى كانت ذروتها عام 1974م اثر تبنيها الحل المرحلي والذي ينص على اقامة دولة فلسطينية على حدود الخامس من حزيران 67 تعيش بأمن وسلام بجانب "دولة اسرائيل " وجُسد هذا التبنى عملياً اثر مفاوضات علنية وسرية تُوجت بتوقيع اتفاقية أوسلو 1993م في حديقة البيت الابيض تحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية برئاسة بيل كلينتون ، هذه الاتفاقية اطلق عليها " اعلان المبادئ" تُوصل الطرفان الى حل نهائي عام 1999م بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67.
خلال هذه الفترة وقع ياسر عرفات ومهندسى الاتفاق في فخ الالتزامات الدولية والاسرائيلية والتى تنص على وقف جميع الاعمال القتالية ضد الاحتلال مما ادى الى تنافر فلسطيني فلسطيني بسبب عدم التوافق الفلسطيني كون ياسر عرفات ذهب منفردا لهذه المفاوضات.
رغم قيام سلطة الحكم الذاتى والتى تزعمتها حركة فتح آنذاك بإجراءات كبيرة وقمعية ضد قوى المقاومة الفلسطينية " اخوة السلاح" من اعتقال ومطاردة ومصادرة سلاح الا ان قوات الاحتلال المدعومة امريكيا لم توفى بالتزاماتها التى وقعت عليها وهي الانسحاب من الاراضى التى احتلتها عام 1967م وعلى رأسها القدس الشرقية.
ياسر عرفات فهم العدو جيداً بعد هذا التماطل والتسويف وهذا ما اكده في مفاوضات كامبد ديفيد الثانية 2000م عندما ساومه رئيس وزراء الكيان آنذاك ايهود باراك على قضايا حساسة كالحدود والقدس واللاجئين فرفض هذه المساومات وعاد الى المقاطعة في رام الله بعقلية ثانية وبفكر جديد والتى من خلالها اعطى الاشارة باندلاع انتفاضة الاقصى وتشكيل الذراع المسلح لفتح كتائب شهداء الاقصى، ادى ذلك الى حصاره في مقره فكان الشعار الخالد يرودونني اسيرا يرودونني طريدا واقول لهم شهيداً شهيدا ًشهيدا حتى دبرت له عملية اغتيال عن طريق السم وكان له ما تمنى .
وبعد ذلك فبدلاً من الاستمرار بعمليات النضال والمقاومة والرجوع الى مظلة التوافق الفلسطيني عادت حركة فتح الى مسار التسوية من جديد والتى كان من ابرز شروطها تفكيك كتائب شهداء الاقصى وكل قوى المقاومة الفلسطينية واستئناف التنسيق الامني وكان للإسرائيليين هذا الانجاز الكبير فيما لم يحصل الفلسطينيون على أي شيء مقابل ذلك سوى مزيدأ من قطم الاراضى وتهويدها ومزيداً من الحصار والمعاناة .
ان حركة فتح وهي تمثل مكوناً رئيسياً لها من المسئوليات والواجبات الكبيرة تجاه شعبنا كباقى فصائل العمل الوطنى والاسلامي يأمل الفلسطينيون ان تعود الى مجدها وعنفوانها من خلال:
1- اعادة النظر بشكل جوهرى في مشروع التسوية العقيم الذي لم يجلب لشعبنا الا مزيداً من المعاناة والانقسام.
2- اعادة تشكيل كتائب شهداء الاقصى في الضفة وغزة لتدافع عن شعبنا ولتقوم بواجبها النضالى تجاه الشعب والمقدسات وحركة فتح لديها المئات من الرجال الذين ينتظرون الانخراط في العمل الفدائي.
3- بدء حوار جدى بينها وبين الفصائل الوطنية الفلسطينية وبناء استراتيجية وطنية بعيدأ عن الاستحواذ والمحاصصة والتفرد.
4- العمل من غير ابطاء في اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على اسس سياسية وادارية صحيحة بصفتها الممثل الوحيد لشعبنا.
5- الزام الاجهزة الامنية بالتوقف عن ملاحقة قوى المقاومة ووقف التنسيق الأمني والاستخباراتي مع العدو كون أغلب قادة هذه الاجهزة من حركة فتح.
6- الكشف الحقيقى عن هوية المتورطين بقتل القائد ياسر عرفات.
ان مناسبة ذكرى اغتيال ابو عمار فرصة لإعادة النظر في مجمل القضايا التى تهم شعبنا حتى نحقق اماله وتطلعاته ونخفف من معاناته.