الناخب الامريكي عبر عن سخطه وعدم رضاه من سياسة الرئيس الامريكي اوباما وذلك بتفوق الجمهوريون على الديمقراطيين في الانتخابات النصفية ، وقد حاز الجمهوريين على 52 مقعد مقابل 45 للديمقراطيين في مجلس الشيوخ ووفق نتائج التصويت ارتفع عدد المقاعد التي حصل عليها الجمهوريون في مجلس النواب الى 242 مقعدا مقابل 173 مقعد للديمقراطيين ، هذه النتائج كانت متوقعه بالنسبة للمراقبين الامريكيين والملمون بالوضع الداخلي الامريكي نتيجة التخوفات الامريكيه بفعل اخفاق السياسة الامريكيه الداخليه وتأزم الوضع الاقليمي والدولي وانعكاسه على الرأي العام الامريكي ، هناك شعور لدى الامريكيين بان الاقتصاد الامريكي لم يتعافى بعد وهذا احد اهم الاسباب الذي حذا بالناخب الامريكي الى منح صوته للحزب الجمهوري ، اضف الى ذلك اهتزاز صورة امريكا في العالم وأنها لم تعد القوه التي تقود العالم وتحمي السلام ، ايقن الامريكيون لحقيقة الوضع الامريكي المهتز بالعالم وان الرئيس الامريكي اوباما فشل في سياسته الخارجية وان المشروع الامريكي للسيطرة والهيمنة على الشرق الاوسط تحطم على صخرة الصمود السوري وان السياسة الامريكيه الخارجية منيت بنكسات اثرت على امريكا مما دفع الناخب الامريكي لمعاقبة الحزب الديمقراطي ، الخوف الامريكي يتجسد اليوم من الهجرة غير الشرعيه والخوف من المقاتلين الامريكيين المنضوين تحت لواء داعش وعودتهم لأمريكا وتهديد الامن الداخلي وان تراجع القوة الامريكيه انعكس على الراي العام الامريكي اضافة للمشكلات ألاقتصاديه وجميعها مشكلات دفعت بالناخب الامريكي لإيصال مرشحي الحزب الجمهوري الى الكونغرس الامريكي ، والسؤال كيف ستكون شكل العلاقة بين اوباما والجمهوريين خلال الفترة المتبقية للرئيس الامريكي وهي السنتين القادمتين ، هناك مصادر ترجح ان يكون من المستبعد ان تؤدي الانتخابات النصفية الامريكيه الى تغيير سياسي كبير خلال السنتين المقبلتين المتبقية للرئيس الامريكي اوباما ، فالكونغرس الأمريكي الذي يتكون من هيئتين تشريعيتين هما مجلس النواب الذي يعتبر الغرفة السفلى ويضم 435 عضوا ومجلس الشيوخ وهو الغرفة العليا ويضم 100 عضو.
وبحسب النظام الامريكي يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب لمدة سنتين من 50 ولاية على ان يتم توزيع المقاعد على الولايات وفقا لعدد السكان ما يعني أن أكثر الولايات من حيث عدد السكان تحظى بعدد أعضاء في مجلس النواب أكثر من الولايات التي يقل عدد سكانها.أما مجلس الشيوخ والذي يعتبر الأقوى فيتم انتخاب أعضائه لمدة ست سنوات بواقع عضوين لكل ولاية وبالتساوي أي بغض النظر عن عدد سكانها.
لذلك فإن الجمود السياسي في واشنطن يعزى إلى حد كبير للاستقطاب الحالي الحاد بين الحزبين الا انه يعود أيضا في قسم كبير منه لتصميم النظام الدستوري حيث انه ولكي يصبح التشريع قانونا يجب أن تتم الموافقة عليه من قبل مجلسي النواب والشيوخ قبل أن يوقع عليه الرئيس اي انه اذا اعترض أحد المجلسين على مشروع قانون أقره المجلس الآخر فإنه لا يصل الى الرئيس للتوقيع عليه.
وحتى لو حصل ذلك فإنه بإمكان الرئيس استخدام حق النقض ضد التشريع الأمر الذي يتطلب أغلبية الثلثين بالمجلسين لتجاوز الفيتو الرئاسي وهو أمر صعب جدا في الوضع الراهن.
لهذا السبب فإن سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ تعني ان التغيير مستبعد وهو ما سيجعل تمرير الأجندة الخاصة بالرئيس أوباما خلال السنتين الأخيرتين من ولايته امرا شبه مستحيل.
ويبدو ان الهدف من هذا النظام هو ان يجعل من الصعب جدا على أي حزب سياسي أو حتى على الرئيس أن يهيمن على الاتجاه السياسي للبلاد في وقت تم منح الفرع الثالث من الحكومة أي السلطة القضائية سلطة واسعة برئاسة المحكمة العليا التي تقوم بالتحقق من صلاحيات السلطتين التشريعية والتنفيذية وتتمتع بحق إبطال القوانين اذا رأت انها لا تستوفي المتطلبات الدستورية.وفي الآلية القضائية يقوم الرئيس بترشيح القضاة أعضاء المحكمة العليا التسع لمدى الحياة لكن تسمياته تتطلب موافقة الكونغرس وبالتالي تكون المحكمة بذلك خاضعة بدورها للتحقق من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وحتى في حال فوز أحد الحزبين بالغالبية في المجلسين معا فإن التصميم الدستوري للحكومة الامريكية حدد معايير سياسة القوة حول ما يمكن توقعه بعد الانتخابات في ظل سيطرة حزب واحد.
فعلى سبيل المثال وفي حين شهد الحزب الجمهوري ميلا صوب جناح اليمين في السنوات الأخيرة وهو ما يتضح من صعود ما يعرف ب"حزب الشاي" داخل صفوفه الا انه ظهر في السنوات الاربع الماضية نوع من رد الفعل المعاكس لدى العديد من المرشحين الجمهوريين للانتخابات والذين بدوا أقرب الى الوسط في ظل عدم وجود رغبة لديهم بتحدي الرئيس أوباما بشكل مفرط خلال ما تبقى من ولايته.
وفي هذا السياق يبدو ان زعماء الحزب الجمهوري وبينهم عدد من محافظي الولايات الذين لمع نجمهم مؤخرا يهيئون أنفسهم لخوض معركة الرئاسة في عام 2016 في وقت يسعى "طباخو الحزب" الى تقديم مرشحين يتمتعون بحظوظ افضل للوصول الى البيت الأبيض خلافا للمرشحين الذين يحظون برضا أكبر من قاعدة الجناح اليميني في الحزب لكن حظوظهم اقل في حصد ما يكفي من أصوات جناح الوسط علما بأن نتائج الانتخابات الأمريكية عادة ما تتحدد بالمتغيرات أي انها ليست ثابتة.
وفي وقت يثير أعضاء حزب الشاي في صفوف الجمهوريين ومن أبرزهم السيناتور الجمهوري تيد كروز عن تكساس حماس القاعدة الجمهورية عندما يترشحون للرئاسة كما يتوقع أن يفعل كروز في عام 2016 فإن الأموال الذكية ستذهب إلى الجمهوريين الأكثر وسطية وهو السبب الذي دفع للتركيز مؤخرا على ميت رومني الذي خسر امام اوباما في عام 2012 وجيب بوش حاكم فلوريدا السابق والمعروف بوسطيته واعتداله وهو ابن وشقيق رئيسين سابقين وبالتالي ينظر إليهما على أنهما في وضع أفضل لهزيمة الوسطية هيلا ري كلينتون والتي من المرجح ان تترشح عن الحزب الديمقراطي.
ويرى المحللون السياسيون ان كلينتون لن تتأثر بالمرشحة المحتملة لأقصى اليسار في قاعدة الحزب الديمقراطي وهي السيناتور إليزابيت وارين عن ولاية ماساتشوستس والتي تسعى مثل كروز للرئاسة في عام 2016 وستكون قادرة على تحفيز القاعدة الديمقراطية الأكثر يسارية.
لكن معظم المحللين يعتقدون ان الديمقراطيين سيتخذون موقف الجمهوريين نفسه وبالتالي سيدعمون المرشح الاوفر حظا بالفوز بأصوات جناح الوسط. ،امام احتدام الصراع على الانتخابات الرئاسية المقبله بين الديمقراطيين والجمهوريين فان وصول الجمهوريين الى الكونغرس لا بد انه سيعيق توجهات سياسة اوباما تجاه القضايا الداخليه والخارجية ، أوباما يحاول أن يجنب بلاده ويلات حرب في الشرق الأوسط، ويكبح جماع دخول واشنطن في حرب واسعه ،الا ان الجمهوريين سيحاولون جر أوباما إلى مآزق، من دون أن يعني هذا انعدام إمكانية التعاون بينهما، فهم "سيدعمونه في اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي وجنوب شرق آسيا"، وأن الجمهوريين سيكونون على النقيض من أوباما في كل القضايا الأخرى "تجاه "داعش" والهجرة والتأمين الصحي، إسرائيل، والبرنامج النووي الإيراني"، حيث "سيعملون على دفع أوباما إلى مسارات أخرى غير تلك التي يسلكها اليوم وهذا يعطي دلاله ان الفترة المتبقية من حكم اوباما ستتسم بفترة الاستعصاء السياسي وهي ستترك انعكاساتها على الصراع الاقليمي وخاصة في سوريا والعراق وان امريكا لن يكون بمقدورها حسم الصراع في المنطقه ويبقى الباب مجهولا ومفتوحا امام كافة التوقعات التي قد تعصف بالمنطقه وتغير وجه المنطقه بحيث ان سياسة امريكا التي تجنح للتطرف لن تجني سوى المزيد من العنف الذي يعم الشرق الاوسط وان أي عودة للجمهوريين اليمنيين المتصهيين ستدفع لأتون الصراع الذي حتما ستنعكس بآثاره المدمره على الاقتصاد الامريكي والشعب الامريكي وذلك بجره للمزيد من المغامرات والحروب غير المحسوبه والتي تعيشها المنطقه والتي جميعها خدمة لاسرائيل وامنها وفق الاستراتجيه الامريكيه ووفق النهج اليميني المتصهين الذي يهيمن على الراي العام الامريكي في غياب الموقف العربيه