قف أيها الزمن ولا تتقدم فقد خرجت من فوهة البندقية رصاصة كاذبة قالت أن الياسر قد مات... وانفجرت في العيون ثورة والحناجر صارت كما فوهة البركان والأرض صارت زلزالا تحت الأقدام واندلعت في الجسد نارا صنعت من السماء غيما ودخان.
يلين طوال أكثر من نصف قرن على مختلف الجبهات أعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني ووضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية.
منذ ولادته حتى استشهاده كأن فلسطين كانت على موعد مستمر معه ومع ذاتها فقد حمل "ياسر" في مسيرة حياته كلها فلسطين وطنا وقضية أملا وهما حملها والتصق بها إلى درجة صار فيها الاسمان مترادفين لسنوات طويلة .. إن ذكرت فلسطين ذكر عرفات وإن قلت عرفات عرف الباكستاني والهولندي والروسي والكوبي والصيني والأميركي والاندونيسي ...أنك تعني فلسطين .
ولعل ظروف النشأة الاولى لـ"محمد ياسر " أو "ياسر" هي التي صقلت شخصيته وأكسبته تلك الصبغة والقدرة المتميزة التي جعلت منه باعث الكيانية الوطنية الفلسطينية، وقائد ثورة اللاجئين الذين كادت قضيتهم أن توضع على "الرف " لولا ذلك الجهد الهائل والنضال المتراكم لمئات الآلاف ممن قادهم ياسر عرفات في معركة إثبات الوجود ونفي النفي ... وفي معركة تكريس حقيقة وجود الشعب الفلسطيني ومنع اندثار قضيته أو تبعثرها.
وتلك النشأة أيضا في القدس وفي ملاعب الطفولة بين جنبات الحرم القدسي الشريف ومسجد قبة الصخرة وحائط البراق وكنيسة القيامة ،هي التي جعلت وأبقت القدس حبيبة عزيزة على قلبه وعقله ..رفض التنازل عنها حتى دفع حياته ثمنا لوفائه لها.
حياتة وسيرتهم النضالية
ياسر عرفات 24 أغسطس 1929 - 11 نوفمبر 2004،رمز لحركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال. اسمه الحقيقي محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني وكنيته "أبو عمار". رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب في عام 1996 ترأس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1969 كثالث شخص يتقلد هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1964 وهو القائد العام لحركة فتح أكبر الحركات داخل المنظمة التي أسسها مع رفاقه عام 1959 كرس معظم أوقاته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني مطالباً بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره قاد الكفاح الفلسطيني من عده بلدان عربية بينها الأردن ولبنان وتونس.
ولد "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني الذي اشتهر لاحقا باسم ياسرعرفات في القدس يوم الرابع من آب / أغسطس 1929 ليكون ترتيبه السادس في أسرة الأب عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني والأم زهوة خليل أبو السعود ، وذلك في منزل في الزاوية الفخرية زاوية آل ابو السعود في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف
نشأ ياسرعرفات في أجواء أسرية حميمة برعاية والده الذي كان يعمل في التجارة متنقلا بين القدس حيث كان يمتلك متجرا للحبوب في سوق خان الزيت وغزة والقاهرة وأمه زهوة التي كانت تقيم مع زوجها في القاهرة و تزور القدس في كل عام خاصة في فترات الولادة جريا على عادة العائلات في ذلك الوقت، وكانت تقيم مع اطفالها في منزل شقيقها سليم وقد انجبت ياسر وفتحي في ذلك البيت،وكانت قد سكنت مع زوجها قبل سفر العائلة إلى مصر في" الميلوية" وفي" الواد" قرب الحرم القدسي ورافقت زهوة زوجها عند انتقاله إلى القاهرة التي سافر اليها ليتابع قضية ميراث له من وقف الدمرداش وهو من أكبر الاوقاف في مصر وعمل عبد الرؤوف في تجارة القطن في القاهرة . وكانت زهوة تتردد كثيرا على القدس ومعها ياسر حتى وموتها سنة 1933 بمرض في الكلى وياسر ما زال دون الرابعة من عمره
بعد وفاة "زهوة" وبناء على طلب شقيقها سليم وافق عبد الرؤوف على أن يبقى ياسر وشقيقه الأصغر فتحي الذي ولد في القدس ايضا قبل أشهر من وفاة أمه ليعيشا في كنف خاله سليم أبو السعود وزوجته في القدس
لم يكن سليم وزوجته قد رزقا بأولاد فأحاطا اليتيمين بالحب والرعاية وعاش الولدان معهما سنوات أربع في القدس و كانت الأجواء العامة المحيطة بحياتهما فيها أجواء صراع ونزاع احتلال ونضال ومقاومة فقد ولد ياسر في نفس سنة ثورة "البراق"1929 وعاش طفولته المبكرة ليشهد في القدس إرهاصات وبدايات ثورة 1936 ونشأ في وسط يعج بالمناضلين الوطنيين الأمر الذي أثر عليه كثيرا حتى أن معظم ألعابه كانت تشتمل على بنادق خشبية وتمثيلا لجنود وضباط كما قال شقيقه فتحي الذي يضيف أن ياسر كان يقول له " تعال نلعب لعبة تحرير فلسطين ".
وفي القدس تفتحت عيناه على هذه المدينة المحافظة التي تعبق بالتاريخ وتعج بالقداسة في كل مكان فيها. وتعرف فيها لأحقا الى الحاج أمين الحسيني عن طريق الشيخ حسن أبو السعود .
وفي السابعة من عمره شهد الطفل ياسر عرفات جانبا من أحداث ثورة 1936 وكغيره من الأطفال ساهم ياسر عرفات في رشق الحجارة وفي وضع المسامير أمام عجلات الدوريات البريطانية وكان موجودا عندما دهم جنود الاحتلال البريطاني منزل خاله سليم واعتقلوه بقسوة وعنف،وتعرض ياسر بنفسه للضرب من الجنود البريطانيين الأمر الذي ترك أثرا كبيرا في "الطفل" ياسر معه في بعض سفراته إلى غزة والقاهرة .
نهايات عام 2004 مرض ياسر عرفات بعد سنتين من حصاره داخل مقره في رام الله من قبل الجيش ألإسرائيلي ودخل في غيبوبة. ولا يعرف سبب الوفاة على التحديد، وقد قال الأطباء أن سبب الوفاة هو تليف الكبد، و تشريح ال. وقد مات ياسر عرفات في 75 من عمره .