الدبلوماسية السورية ضمن مفهوم الأمن القومي السوري في الحفاظ على الثوابت الاستراتجيه

بقلم: علي ابوحبله

السياسة السوريه سياسة منهجيه واقعيه تتعامل مع الاحداث وفق مفهوم واستراتجيه ترتكز على الحفاظ على وحدة سوريه الجغرافيه ووحدة المجتمع السوري والحفاظ على موقع سوريه الاقليمي ضمن تحالفاتها الدوليه والاقليميه ، والديبلوماسيه السوريه هي مدرسه اثبتت للعالم بأسره مع مرور الزمن صوابية اتجاهاتها وخياراتها المرتكزة على ثوابت تقوم عليها مطالب غالبية الشعب السوري ، مبادرة المبعوث الاممي ستافان دي مستورا الى سوريا والمتعلق بتجميد القتال في حلب شمال سوريا تعاملت معها القياده السوريه بحكمه واقتدار وهذا ما دفع الناطق باسم الخارجية الامريكيه للتشكيك في امكانية تمرير وقبول المبادرة لعلمها ان القياده السوريه تتعامل بواقعيه ومنهجية علمية في التعاطي مع كافة المبادرات تجاه انهاء ألازمه السوريه ، عبر الرئيس السوري بشار الاسد وخلال استقباله للمبعوث الاممي الذي اطلع الرئيس بشار الاسد على النقاط الاساسيه وأهداف مبادرته بتجميد القتال في حلب ، وقد عبر الرئيس السوري للمبعوث الاممي عن اهمية حلب وحرص الدوله على سلامة المدنيين في كل بقعه من الارض السوريه وقد تم الاتفاق خلال الاجتماع على اهمية تطبيق قراري مجلس الامن 2170-2178 وتكاتف الجهود الدولية من اجل محاربة الارهاب والذي يشكل خطرا على العالم بأسره ، المجموعات المسلحة السوريه ترفض اقتراح المبعوث الاممي لسوريا ستيفان مستورا لتجميد الصراع في حلب واجراء مصالحات وطنيه شهدتها بنجاح معظم الجغرافيه السوريه ، ويبدوا من معطيات الاحداث ان المجموعات المسلحه تخشى على مصالحها ووجودها في حال تم انهاء ألازمه السوريه ،وذلك ضمن مسعى المجموعات المسلحه لاستدامة الصراع واستباحة دماء السوريين خدمة لاهداف مشغلي هذه المجموعات حيث ان الدول المتصارعة على سوريا تختلف اجنداتها وفق مصالحها بخلاف ما يهم السوريين في الحفاظ على وحدة سوريا والشعب السوري ، تدرك الديبلوماسية لحقيقة الصراعات الاقليميه والدوليه وانعكاسها على الازمه ، وان سوريا تتعامل بديبلوماسيه محترفه ضمن المصالح القوميه السوريه ، امريكا تدرك ان سوريا مستعصيه عليها وان مخططها للشرق الاوسط الجديد يصطدم في صمود دمشق وتموضع سوريا في تحالفها الاقليمي والدولي ، وان هذه الحقيقه دفعت الرئيس الامريكي اوباما ان يبلغ حلفائه الغربيين والعرب بضرورة التخلي عن فكرة اسقاط سوريا والعمل على محاربة تنظيم داعش ، ان خطوة المبعوث الاممي دي ميستورا مرتبطه بالمصالحات الوطنيه والاعتراف بهذه المصالحات ، مؤشرات الاحداث تشير كما كانت تشير اليه المبادرات السابقه للمبعوثين الامميين السابقين ان التحرك الدولي ياتي في سياق حماية المجموعات المسلحه وفق التغيرات على الارض وهي ليست في صالح المتصارعين الاقليميين في سوريا ، وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي الدخول الى موضوع حلب حيث اصبحت المجموعات المسلحه محاصرة داخل احياء المدينه ، وان الحكومه السوريه تدرك لحقيقة المعادله وهي تتعامل مع كل المبادرات وفق المفهوم الامن القومي السوري ، خطة المبعوث الاممي ستيفان مستورا مرتبطه بتطورات الاحداث ووفق مصالح اقليميه ودوليه حيث تشير مصادر فرنسيه في باريس ان واشنطن التي دخلت في كباش مع تركيا حول الحرب على داعش تضع امامها حاليا خيارات عدة للتعاون مع قوات على الارض في الحرب ضد داعش ، ومن ضمن الخيارات الامريكيه التعاون مع قوات الدفاع الوطني في سوريا تجنبا للدخول في تعاون مكشوف ومباشر مع الجيش السوري في الحرب ضد داعش ، . وتقول المعلومات ان المعضلة الاساس تكمن في ان واشنطن كانت قد وضعت قوات الدفاع الوطني السوري على لائحة الارهاب الأمريكية وهذا ما يعقد عملية التعامل معها كقوة على الارض يتم دعمها جوا لحرب داعش، ويجري تداول مقترحات حول كيفية الالتفاف على هذه ألمشكلة خصوصا ان الامريكي أصبح مقتنعا ان لا نفوذ يذكر لمن يسميهم المعتدلين في جسم التيارات المحاربة في المعارضة ألسورية واتت معركة ريف إدلب وجبل الزاوية لتثبت هزل هذه المجموعات وضعفها أمام المجموعات المتطرفة، وقد اعتبرت واشنطن ان هزيمة ( جبهة ثوار سوريا) و (حركة حزم) امام الهجوم الكاسح لجبهة النصرة ضربة قوية للولايات المتحدة في ميدان الحرب السورية.تزامنت هذه التطورات الميدانية في ريف إدلب مع تشظ كبير داخل الائتلاف السوري المعارض خلال الاجتماع الاخير وتكشف المعلومات ان احمد عوينان الجربا خرج غاضبا من الاجتماع واتصل بالدول الست الاساس في ما يسمى مجموعة اصدقاء الشعب السوري ( امريكا ، فرنسا، بريطانيا ، السعودية ، قطر ، الامارات) ولم يتصل بالجانب التركي وقال لهم ان الائتلاف السوري قد مات، ما اضطر رئيس الإئتلاف هادي البحرة ان يتصل بالمسؤولين عن الملف السوري في هذه الدول و قال لهم البحرة ان الجربا كان في حالة عصبية ومتعباً وأن كلامه ناتج عن حالته تلك.وتقول المعلومات من مصادر عليمة في المعارضة السورية أن هناك بحثا لايجاد صيغة جديدة للإئتلاف المعارض، بعدما انكشف ضعفه وعدم قدرته على التحكم بأي مجموعة او فصيل مسلح في سوريا، وتقف وراء هذا الاقتراح مجموعة رياض الترك ومجموعة رياض سيف ، استهدفت قوات التحالف الأمريكي مقرات لميليشيا “حركة أحرار الشام” في كل من بلدتي سرمدا و بباسقا في الريف الشمالي لمحافظة إدلب، ولا تهم النتائج الحالية لهذه الغارات بقدرما يهم البحث في أسباب هذه العمليات التي تتزامن مع توقيت ومعطيات حساسة في الشمال السوري.الغارات وفق المصادر المحلية استهدفت مقرات الحركة على امتداد الشريط الحدودي بين سوريا و تركيا في مناطق ريف إدلب الشمالي التي شهدت خلال الأيام القليلة الماضية حرب ثارات شرسة بين جبهة النصرة و ميليشيا جبهة ثوار سوريا التي يقودها “جمال معروف”، المختفي حالياً عن الأنظار و الذي تحدثت الأنباء عن إنه طلب دعماً جوياً من تركيا ليتمكن من استعادة المناطق التي طرد منها مع عناصره على يد جبهة النصرة و ميلشيا أحرار الشام، و على اعتبارات المساومة التركية على موافقتها الدخول إلى جانب واشنطن في حربها ضد داعش و التي حاولت من خلالها أنقرة أن تذهب بالمجتمع الدولي نحو إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، فإن تركيا كانت وما زالت ترغب في أن تستعيد ميلشيا الجيش الحر مكانتها في موازين القوى على الأرض السورية، وذلك بكون أنقرة تسيطر على قرار ميلشيا الحر أكثر من غيرها، خاصة و إن جانب جبهة النصرة لا تضمنه السياسة التركية، فالنصرة قطرية الهوى سعودية التمويل، وأي خلاف قد ينشأ بين أنقرة و هاتين الدولتين سيفضي إلى خروج تركيا من الأزمة السورية خالية الوافض وفق المنظور التركي الذي يقوده رجب طيب أردوغان في تركيا، و بهذا يمكن التأكيد بأن خارطة الأهداف التي أعطيت لطائرات التحالف لتشن غاراتها ضد “حركة أحرار الشام” و “النصرة ” في ريف إدلب، و ذلك بكون تركيا غير مهيأة لدخول حرب ضد سوريا في حال تدخلها عسكريا ً بكون دمشق سترد و هذا طبيعي و حدث سابقاً حين أنزلت الدفاعات الجوية طائرة في المياه الإقليمية قبالة سواحل منطقة رأس البسيط من ريف محافظة اللاذقية، و بالتالي فإن الأسلم لأنقرة أن ينفذ الحليف التركي هذه المهمة، بكونه يحلق في الأجواء السورية لضرب التنظيمات الإرهابية، ولا يغيب عن حسابات أنقرة أهمية و طبيعة القوة التي يمتلكها حلفاء سوريا الإستراتيجيين.لكن لأمريكا في استجابتها للطلب التركي بهذا الخصوص فائدتان، الأولى تتمثل بلّي ذراع تركيا من خلال تنفيذ طلبها و يكون لدى واشنطن مستند ضد أنقرة يستخدم متى لزم الأمر للضغط في أروقة السياسية، و الثاني وهو الأهم أن أمريكا تمهد لتمدد داعش نحو مناطق مدينة حلب، التي تنتشر فيها كل من ميليشيا الجيش الحر و جبهة النصرة بكثافة، و بالتالي يمكن أن تصنف العملية على إنها ضرب القواعد الخلفية لجبهة النصرة في حلب، و يمكن القول أن واشنطن تحاول أن تستفيد من حالة العداء بين داعش و النصرة لتذهب بحلب نحو تأزيم الوضع أكثر، فالملفت في الأمر أن يخرج وزير خارجية فرنسا التي تعد إحدى أولى الدول المتحالفة مع واشنطن ضد داعش ليقول أن الوضع في حلب أهم و أكثر خطورة في عين العرب… والسؤال.. لماذا تأزم عين العرب..؟. وهنا السؤال حول الدعوة التي يطلقها المبعوث الأممي الخاص بسوريا “سيتفان دي مستورا”، باتت مريبة و مثيرة للشك، إذ أن الرجل يطلب تجميد القتال في المدينة لتطبيق “عملية سياسية”، في وقت تتقدم فيه القوات السورية في المدينة على محاور عدة فيها، وهذا يفرض على القوات السورية أن توقف عملياتها، و بالنسبة لدمشق الحسم أبدى من أي عملية سياسية ستحتاج مدة طويلة لتجتمع كيانات المعارضة على وفد يمثلها أولاً، و ثانياً تحتاج إلى أن تمتلك هذه الكيانات منهجية عمل واضحة ومستقلة بعيدة عن التدخلات الخارجية، وبذكر التدخلات فإن الأصل في موقف المعارضة يحتاج إلى توافق بين القوى الداعمة لها، فإن كانت كل من قطر و السعودية و تركيا تريدان تبديل نظام الحكم في سوريا لآخر يضمن لها عودة من انفقته من خلال تمويلها للميلشيات ألمسلحة فإن أمريكا لم تعد ترى في هذا الهدف ما يثير شهيتها كدولة داعمة للميليشيات لكنها في ذات الوقت تتلقى ضغوط قوية من إسرائيل التي تريد تفكيك محور ألمقاومة و على اعتبارات السياسية الداخلية ونتائج الانتخابات النصفية في أمريكا فإن أوباما نفسه لن يعرف ما الذي يريده ممن يتبجح بتسميتهم “معارضة معتدلة”، وهذا كله يعطي وقت لا يفيد أحد بقدر ما سيفيد الميليشيات المسلحة في مدينة حلب لتستعيد توازنها بعد الضربات الموجعة التي تلقتها خلال الفترة الماضية من قبل الجيش العربي السوري في مدينة حلب التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا و التي تؤدي إعادة الحياة الطبيعية إليها واحدة من أهم معطيات نهاية الأزمة في سوريا فهل يعمل ديمستورا على تنفيذ توافق غربي على إيجاد صيغة يتم من خلالها تجميد العمل العسكري السوري من أجل إنقاذ الميليشيات المسلحة في حلب و من ثم خلق “حكومة معارضة” داخل مدينة حلب يعترف بها من قبل دول كقطر و السعودية و تركيا على سبيل ألمثال أم إنه يحاول حقاً أن يخلق عملية تهدف إلى توصيل المساعدات الإنسانية والطبية للسكان ،ان سوريا تدرك لحجم الاخطار التي تتعرض لها وهي مدركة لكل المخططات التي تستهدفها وان تعاطي سوريا مع مبادرة المبعوث الاممي هي ضمن المسعى السوري لتحقيق الامن والاستقرار في سوريا حيث دابت سوريا للتعاطي مع المبادرة العربيه لحل الازمه السوريه وتعاطت مع بعثة المراقبين العرب برئاسة محمد مصطفى الدابي وتعاملت سوريا مع مبعوث الامم المتحده وخطته لاحلال السلام المكونه من ست نقاط وتعاملت مع الاخضر الابراهيمي وحضرت الى مؤتمر جنيف 2 الذي افشلته المعارضه السوريه بعد ان تكشفت حقائق وأوهام الدول المتآمرة على سوريا ، الدبلوماسية السوريه لم تدخر جهدا لوقف الارهاب الممارس على سوريا ، وان سوريا تتعاطى بحكمه واقتدار مع كل المبادرات وان مبادرة المبعوث الاممي التي تحمل شكوك مريبه إلا ان الدبلوماسية السورية تنطلق من انها مدرسة اثبتت للعالم باسره صوابية مواقفها واتجاهاتها وخياراتها المرتكزة على ثوابت ترتكز على الاستجابه لمطالب سوريا الامنيه والشعب السوري ضمن مفهوم ونظرية تقوم على كيفية صيانة الامن القومي العربي ، وكما فشلت كل محاولات الايقاع بسوريا والنيل من صمود سوريا وعزيمة وارادة التصدي للمؤامرة التي تستهدف سوريا وهدفت لحرف سوريا عن اولويات صراعها مع اسرائيل بحيث ان بمقدور سوريا التعاطي مع مبادرة المبعوث الاممي ضمن استراتجية سوريا في التعاطي مع كافة المبادرات والحلول التي تخدم سوريا لان في المحصله يبقى القرار سوري بار اده سوريه بدون اذعان لأحد وبمقدور سوريه بلغة الديبلوماسيه الاجابه بلعم وفق مصلحة سوريا والحفاظ على وحدتها الجغرافيه ورفض اية محاولات لتجزئة سوريا ضمن مفهوم المناطق الامنه او العازله