ذبح غزة

بقلم: عامر أبو شباب

رغبة الفلسطينيين خصوصا في قطاع غزة الحصول على أي مبرر للتفاؤل وجدت ضالتها –سابقا- في اتفاق المصالحة الاخير الموقع في مخيم الشاطئ، وما تلاه من تشكيل أول حكومة توافق، رغم الحديث الواضح عن ترك الحكومة والاستمرار في الحكم؟، هذا التقدم يبدو الآن أنه وليد لحظات ضعف سياسي أو محاولة جديدة لتغيير لون الأزمة أو مرحلة جديدة من ادارة الانقسام.

العقل السياسي المتنفذ في الحالة الفلسطينية كان من المفروض أن "يخجل" أمام الحرب الشرسة ضد قطاع غزة والاجراءات الاسرائيلية غير المسبوقة في القدس والضفة، مع توفر فرصة مواتية لتحقيق شراكة سياسية أوسع من شراكة ادارية في الحكومة من خلال الوفد الفلسطيني الموحد الذي فاوض الاحتلال عبر مصر ليحصل على اتفاق هزيل ظهرت عورته في المعابر والاسمنت وصمت الموقعين أمام طحن اسرائيل "رأس غزة".

اذن كل محاولات التفاؤل التي صنعها بعض المراقبين من باب "دفع الأمور للأمام"، أو الترويج للرداءة السياسية، التي اكتشفها المواطن من اليوم الاول بفطرته التي فقدت الامل في قيادة لا لون لها، وغير قادرة على كسب احترام المواطنين بعد سجل حافل من الكذب بدءاً من مصطلحات الشراكة السياسية الى تحسين برنامج الكهرباء.

الرجوع خطوات للخلف أو رؤية المشهد من جهة جبل الريس تؤكد ان ما حدث منذ خطة شارون للانسحاب من غزة حتى اللحظة هدفه نحر غزة على مذبح العجز السياسي الذي يصل حد الخيانة.

جميع المخارج سدت امام غزة، والفتحاوي والحمساوي بامتداداته يرتوي المياه غير صالحه للشرب والتي قد تؤدي الى هشاشة العظام، ويقبع في الظلمة بدون كهرباء من 18الى 12 ساعة يوميا، والخطباء والمتحدثون باسم الازمات لا يجدون حرجا في تغطية شمس القهر بغربال السذاجة باستخدام نفس المصطلحات والعبارات نفسها على مدار سنوات الأزمة بدون تجميل او اعادة انتاج، والجميع بغض النظر عن توصيفه السياسي علوا وهبوطا هو متحدث باسم ازمة لا أكثر.

بقاء الحمدالله في رام الله مع أربع وزراء في غزة مهمتهم التدرب على التصريحات وحضور اللقاءات بدون قرار، مع تصعيد الأمور بتفجيرات واتهامات كشفت أن الازمة راكمت خلال السنوات الكثير من التعفن، وأن الانقسام لا يزال في دائرته الأولى مع جبل من الأورام.

تحويل أصحاب البيوت المدمرة لمتسولين وتوزيع الكرفانات وآليات ادخال مواد الاعمار، وغلق كل أبواب الحياة الطبيعية، ونتائجها من بيوت عزاء أبناءنا المحاربين في سوريا والعراق، واختصار طرف الأزمة في استيعاب الموظفين بلون واحد ماليا واداريا وفق الكشوفات ذاتها وابقاء الآخر على عشرات الاف الموظفين خارج نطاق الخدمة المدنية كلها تؤكد فشل القيادة أو القيادات الفلسطينية على الأقل في اختبار الضمير. فشل ليس في اطار مباراة ودية، انما فشل أدى الى شد وثاق قرابة 2 مليون مواطن على مذبح اليأس والفقر والبرد والموت ومشاريع التفجير والذبح.

يضاف للمشهد الحسم الاسرائيلي في القدس، واطلاق يد المستوطنين في الضفة، يؤكد أن الوضع لا يحل بتغيير وزاري أو جلسة للمجلس التشريعي.

نحر غزة ومص دمها وانعدام الخيارات والعودة للردح الاعلامي، وفن فتح جبهات التراشق الاعلامي للتكسب الوهمي من الأزمات، واطالة عمر الأزمة يدفعنا لطرق جدار الخزان بعظام الشهداء، والقول باسم سنوات الانقسام وعذابات غزة: حرام عليكم أيها الداعشيون الانيقون من اسلاميين ووطنين.. انتم تذبحون غزة ببشاعة.