في هذا الصباح الذي أُمطرنا فيه بالماء العذب ، كقلوب نحتاجها بلا توقف ، أحسست أن دفء يسري في قلمي بالرغم من برودة الطقس وعدم القدرة على نزع يدي من جيب معطفي الثقيل ، لكنها محاولة ، ككل محاولاتك في أن تبدأ دوما من جديد وحمل أثقال عنيدة ، وكان يجب أن أحضر الورقة البيضاء لأكتب فيها خاطرتي ، لكن كيف ذلك وأنا تحت غيمة ماطرة ،
حسنا ، فكرت في أن استخدام التكنولوجيا ، بدأت في فتح أيقونة التسجيل في جهازي المحمول ، وبدأت أتحدث بصوت مرتجف من شدة البرد ،لكنه تحول رويدا رويدا إلى صوت دافئ ، حدث الاندماج أخيرا ، واسعفني جهازي لأخرج ما في داخلي دون انتظار الوقت وطول الطريق وضياع الأفكار أو الكلمات.
قلت : روح الإنسان رياح عطرة ، تمتاز بالشفافية والفكرة والحنين ، تحمل جسدا مثقلا بأعباء الحياة ، ومتى استطعنا أن ننثر هذا العطر الجميل، فإننا سوف نغطي مساحات التعب والإرهاق والقلق بالنشوة والحماسة للعمل والعطاء والبناء والانجاز ، ونفكك تلك الأعباء الصلبة، بحيث تتحول إلى أجزاء يسهل التعامل معها والتغلب عليها وبناء خططنا الصغيرة لاحتوائها واحدة واحدة .
وقلت : آخر الاحتمالات أن نفشل ، وان نرتمي في حرقة الهموم ، ونصدق أن العجز سيد الموقف علينا ، وأن روحنا معذبة وجسدنا متهالك وحياتنا معقدة ، ونقتل كل بواعث الأمل والجمال فينا ، ونعطل كل الأشياء ، وندور في الفراغ ويسيطر علينا الألم ، وتخنقنا كل إمكانيات البدء من جديد ،
وقلت وقد تبللت ملابسي بماء المطر وازداد الجو برودة واختفت الشمس : لماذا لا تفكر أن ترمي همومك واحدا تلو الأخر ، وكما علمنا مدرس الرياضيات " اهجم على السؤال قبل أن يهجم عليك" ، ستجد هناك متسعا من الأفكار ومن القدرة على رسم البداية ، ولا تعتقد انك اكبر من السؤال عن الممكن في حال تعذر ما هو بين أيدينا ، حافظ على تبادل فكري وعملي مع الأصدقاء الناجحين والرائعين والذين يتمتعون بالقدرة على العمل تحت مختلف الظروف وفي البيئات المختلفة.