نبيلة هي الحالة التي يحرص فيها بنو البشر على استحضار رائحة الغائبين، وتلمس دروب ومسالك أرواحهم ونبض أشواقهم وخلجات قلوبهم، إذ دأب العباد على الانتباه للأحياء والتزلف لأصحاب الشأن والتنكر للغياب ...
من هنا تستمد الوثيقة التي بين أيدينا رصانتها ورشاقتها وأصالتها، فهي تقف في خضم التجاذبات ووسط الاضطرابات والاهتزازات والعواصف واالتزلزلات التي تميد بالمجالات المغناطيسية لكيمياءات السياسة واختلالات منظومات ومناهج الفهم لتحاول تكريس نوع من الإحداثيات والمعايير محاولة وضع علامة في منتصف الضباب ...
وهي وإذ تحاول فعل ذلك فإنما هي تدرك صعوبة المشهد الراهن وصعوبة الخروج منه بدون شواهد الطريق ... تلك التي اختفت أو كادت واختفت معها معالم الطريق ..
وهي ربما تحاول تكريس معلم وبوصلة لا خلاف عليها، فهي نماذج بشرية تاريخية عايشت طريق ومسار التجربة الفلسطينية المعاصرة، ويمثل اختيارها عنوانا يجمع عليه الوجدان الجمعي الفلسطيني والإنساني، ومثل دوما مصدر إلهامٍ تاريخي للشعوب في حقب التحرر والمجد والنمو .....
ولا يخفى علينا المعنى المتميز حين يتعلق الأمر بمناضلة لها سيرة زكية شموط ... ولا تخفى القيمة المضافة حين يكون العنوان امرأة تتسرب من كبد الوطن ومن داخل الداخل إلى ضباب المنافي وغموض الدروب البعيدة ...
للذين ساهموا فيها وتلمسوا معانيها وتتبعوا آثارها في هذه الوثيقة .. أولئك الذين رأوا أهمية حبرهم وسط هذا الدم والصراخ .. وتوقفوا قليلا ليرسموا خطوطها آملين أن تدل الراحلين إلى الغد .. وللذي أشرف على هذه الوثيقة الأخ المثابر عز الدين خالد ....
له ولهم كل التحية والإكبار