غزة ....والمسئولية الضائعة !!

بقلم: وفيق زنداح

قطاع غزة الجزء الجنوبي من الوطن بجغرافيته المعروفة والمحددة شرقا بقوات الاحتلال الاسرائيلي ...وشمالا معبر ايرز ..وغربا البحر المتوسط....وجنوبا مصر الشقيقة ومعبر رفح البري ..ويعيش داخل القطاع ما يقارب 2 مليون داخل هذا السجن الكبير .
يعيش سكان القطاع حالة كارثية أصبحت معروفة للجميع ...وهم لا زالوا علي حالة من الانتظار والترقب لعل وعسي ان يكون الفرج وأن تتحسن الاحوال وأن نخرج من هذا النفق المظلم ...ومن هذا الانقسام الاسود في تاريخنا وما ترتب عليه من قهر وحرمان وحصار وأوضاع اقتصادية غاية في السوء وبنية تحتية مدمرة لا تستطيع أن تستوعب مياه الامطار... وظروف معيشية متدنية وبائسة ...كما ويعيش سكان القطاع ظروف انسانية غاية بالصعوبة في ظل ألاف الاسر المشردة والمهجرة بسبب دمار مساكنهم وحتي الالاف ممن يعيشون داخل منازلهم المدمرة جزئيا والتي هي بحاجة الي اصلاح .
كثيرة هي مشاكل القطاع الانسانية الاقتصادية والاجتماعية ...في ظل أزمة سياسية ما زالت تراوح مكانها ما بين القطبين الاكبر حركتي حماس وفتح والذين ما زالوا علي مواقفهم المتباعدة ...برغم كافة الاتفاقيات والمصالحات والحوارات والتي استمرت منذ الانقسام وحتي قبل أشهر قليلة ...حتي وصلوا الي مرحلة الحوار المتشنج عبر وسائل الاعلام من خلال المناكفات والتجاذبات والتي وصلت الي حد الاتهامات والخروج عن أصول القانون والسياسة التي تحكم العلاقة في ظل سلطة وطنية لها كامل المسئولية السياسية والقانونية والادارية علي كافة اراضي السلطة الوطنية وفي واقع حكومة توافق ارتضي الفصيلين علي تشكيلها وهي ما زالت لا تمارس صلاحياتها وسيطرتها وقيادة مؤسساتها الوزارية وتحمل مسئولياتها ومهامها كاملة.
رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد لله وفي تصريحاته الاخيرة تحدث أنه يجب وحدة الضفة والقطاع ..وأن حركة حماس هي الجهة المسيطرة ...وحماس ردت عبر ناطقها بأن علي حكومة التوافق أن تتسلم مهامها وتؤدي مسئولياتها وأن حركة حماس لا تمثل مرجعية لوزارة الداخلية في قطاع غزة ...وأكد علي هذا التصريح الناطق باسم الداخلية الذي قال بصريح العبارة أن أجهزة الداخلية في القطاع لا مرجعية لها وأن الدكتور رامي الحمد لله بصفته وزير للداخلية لا يجري أي اتصالات .
أي أننا نفهم من مثل هذه التصريحات أن الخطوط مقطوعة ..وأن الاتصالات مفقودة ..وأن المسئوليات ضائعة ..فأين تكمن المشكلة ؟؟ وأين يكمن الحل ؟؟ .
المشكلة عنوانها الانقسام وثانيا الحصار وثالثا فقدان الثقة وعدم توفر النوايا الحسنة كل ذلك في ظل المشهد المصدر للخارج وللجهات المانحة والداعمة اننا ما زلنا علي حالنا من الانقسام ...وأن حكومة التوافق لا تمارس صلاحياتها ومسئولياتها وسيطرتها ..وبالتالي توفر المبرر والسبب في تأخر وصول أموال الدعم لإعادة الاعمار واعادة البناء وبالتالي ابقاء الحالة الكارثية علي ما هي عليه .
ندرك جميعا أن الاعمار وحل مشاكلنا الاقتصادية والمعيشية مرتبطا ارتباطا وثيقا بوحدة الحالة الفلسطينية وبمارسة حكومة التوافق لمسئولياتها كاملة وزارات ومعابر وأمن هذه هي الحقيقة الساطعة التي يدركها الجميع وأن أي اعاقة يمكن أن تحدث من داخلنا توفر الاسباب والذرائع لتأخير المساعدات واعادة الاعمار وهذا ليس مصلحة فلسطينية ...اضافة الي أن ابقاء الحالة الفلسطينية علي ما هي عليه فرصة سانحة للعدو الاسرائيلي لاستمرار التلاعب بنا واظهارنا بأننا منقسمين وغير مؤهلين لإبرام اتفاق سياسي برغم كافة المماطلات والتسويف الاسرائيلي والمعروف لدينا جميعا الا أن مسئولياتنا وواجبنا الوطني أن نهيئ كافة الظروف السياسية والادارية والقانونية علي اعتبار أننا سلطة واحدة ..وقيادة واحدة ..ووحدة سياسية لأراضي السلطة الوطنية لا يفصلها ولا يقسمها الا عدو محتل لأرضنا لا زال علي غيه واحتلاله وحصاره .
رسالتنا الفلسطينية ...ومشهدنا الفلسطيني يجب أن يكون واضحا وجليا ...لأن كل ما يجري اعاقة منا ..وفرصة لعدونا... فكيف يمكن لنا أن نمكن عدونا من استمرار احتلاله واستيطانه وحصاره اذا كنا لا زلنا غير قادرين علي احداث الوحدة بداخلنا وانهاء انقسامنا والالتفاف حول سلطتنا وقيادتنا وحكومتنا التي تم التوافق عليها .
التصريحات الاخيرة بمجملها لا تخدم القضية الوطنية ولا تساعد علي تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني بل كل ما صدر من تصريحات وردود أفعال أساءت لنا ولصورتنا وللمشهد الفلسطيني بأسره .
وهنا كيف يمكن أن يكون المخرج لأزمة القطاع ؟؟ .
أولا : استلام حكومة التوافق لكافة مسئولياتها وبسط سيطرتها وولايتها علي كافة ارجاء القطاع حتي تتحمل المسئولية الكاملة .
ثانيا : انهاء الانقسام بكافة تبعاته ونتائجه وبسط سيطرة السلطة الوطنية وحكومة التوافق علي كافة المعابر بما فيها معبر رفح البري .
ثالثا: الخروج النهائي عن كافة المناكفات والتصريحات والحملات الاعلامية التي تزيد أوضاعنا سوءا .
رابعا : أن تتولد قناعة لدي الجميع أن سكان القطاع لن يستطيعوا الانتظار طويلا في ظل ظروفهم البائسة والقهرية والتي وصلت الي لقمة عيشهم ومسكنهم ومشربهم وأوضاعهم الصحية .
خامسا : أن نحصر خلافاتنا واجتهاداتنا داخل أطر ومؤسسات السلطة الوطنية وداخل الحوارات الوطنية الشاملة وليس عبر الاعلام والتصريحات غير المسئولة .
سادسا : أن يكون لدي الجميع قناعه ثابته بأنه لم يعد هناك مجال للاستفراد والتفرد وفرض الاجندات الخاصة علي الحالة الوطنية العامة .
سابعا : حكومة التوافق برئيسها ووزراءها يجب أن يتواجدوا ويعملوا من داخل القطاع وأن يتحملوا مسئولياتهم كاملة وان نخرج من دائرة قذف الكرة مرة هنا ومرة هناك .
ثامنا : أن تتوقف الآراء والتصريحات وكأن الانقسام قدر وان الخروج منه شبه مستحيل وأن نجعل التباين والاجتهادات الاستراتيجية في اطار المؤسسات الشرعية .
تاسعا : الاقتناع أن حل المعضلات والمشاكل والازمات لا يمكن أن يحل دفعه واحدة لأن تدافع الطلبات والمطالب سيفشل هذه الحكومة وأي حكومة قادمة في ظل الامكانيات المتوفرة والمساعدات المتقطعة وغياب المصادر المالية الخاصة التي نستطيع من خلالها حل كافة مشاكلنا .
عاشرا : يجب أن نحدد ونتوافق علي مصالحنا الوطنية العليا وأن تكون مصالح فصائلنا في اطار مصالحنا الوطنية وأن لا تتعارض معها وأن يكون اطار المصالح العليا ملزم لنا جميعا .
الحادي عشر : أن ننهي كل ما يعكر الاجواء وأن نغلق سوق المزايدات والاتهامات والتطاول وأن نحترم بعضنا البعض قيادة وفصائل حتي نحافظ علي صورتنا أمام الجميع .
الثاني عشر :لست منظرا ولن أكون مخططا ....بل أنني كمواطن اولا وأخيرا اعبر عن مشاعر الكثيرين بكل تواضع من أجل أن نري أطفالنا تبتسم ..وشبابنا يعمل ...وفتياتنا يعيشون بظروف أفضل ..وحتى يجد الاباء والامهات محصلة سنوات طويلة من الجد والاجتهاد والامل برؤية أبنائهم بظروف أفضل ...تمنياتي تمنيات كل مواطن وانسان تربي علي هذه الارض وله كل الحق بالمطالبة أن يكون الجميع في موقف المسئولية ...وأن الا يستمروا في اختلاق الازمات.
فكفي بالله عليكم ....لأننا أصبحنا بصورة أساءت لنضال شعب عظيم لا زال علي مسيرة العطاء والتضحية والنضال والجهاد من أجل حرية وطنه واقامه دولته المستقلة بعاصمتها القدس ...فلا تخذلوا الشهداء والجرحى والاسري والامهات الثكلى وأطفالهم الذين حرموا أباءهم ...كونوا بقدر المسئولية الوطنية... حتي يستجيب الله لنا دعواتنا ..وأن تنتهي هذه الغمة ...وأن نصبح علي وطن واحد موحد ...يحفظ للجميع حقوقه ويوفر للجميع أداء واجبه ...وأن لا نستمر بالمسئولية الضائعة ....وتحميل كل منا للأخر مسئولية ما ألت اليه أوضاعنا ...لأنكم جميعا مسئولين امام شعبكم ...وأمام رب العزة الذي سيحاسبكم عما تفعلون .

الكاتب : وفيق زنداح