الديموقراطية واحترام الديانات

بقلم: هاني زهير مصبح

الديموقراطية كما نعرفها ونمارسها تقول لن يكون هناك سلام في العالم من دون فهم وضع ومكانة الدين به. لقد شهد العقد الماضي الكثير من الأساطير الملائمة التي غطت على أهمية الدين. كان الكثيرون يعتقدون أن مكانة الدين ستتراجع مع تقدم المجتمعات، لكن هذا لم يحدث .
ولكن للأسف يطل علينا العالم الديموقراطي في بعض البلدان التي تنادي بحرية الأديان والعبادات وتنادي باحترام المعتقدات الدينية تطل علينا بقرارات مجحفة في حق الديانة الإسلامية وطقوسها الدينية من مراسم الدفن وغيرها وكان من اللافت للانتباه بأن مؤتمر التسامح الديني لقد عقد في قلب ونواه بلد الإسلام المملكة العربية السعودية في العام 2008م التي منها بدأ انتشار الدين الإسلامي حيث دعي المؤتمر وأعلن مبادرات كثيرة لتطوير التسامح والتفاوض والتعايش مع الديانات الأخرى أينما كانت وأينما وجدت واحترام طقوسهم ومشاعرهم كما تحدث عن ذلك في تقارير عدة وأشار التقرير الذي أعلنت فيه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، إلى أن رابطة العالم الإسلامي، في السعودية، عقدت مؤتمرا لكل المسلمين، قبيل مؤتمر التسامح الديني الذي عقد في مدريد في شهر يوليو (تموز) 2008، وحضره خادم الحرمين الشريفين الذي اشادت بدوره.
ونوه التقرير أيضا بمؤتمر الدوحة للأديان الذي ظل يعقد سنويا منذ عام 2002، وبـ «رسالة عمان» التي أعلنها الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن في عام 2004. وبعد ذلك بثلاث سنوات، خطاب وقع عليه 138 زعيما إسلاميا من كل أنحاء العالم إلى بابا الفاتيكان. وذلك بعد خطاب سماه التقرير بـ«خطاب مثير للجدل» كان قد ألقاه البابا في 2007
فنحن كمسلمون نستغرب ما يحدث في إسبانيا هذه الأيام القرار المجحف الذي أتخذه عمدة مدريد بحق المسلمون هناك في جنوب مدريد بإغلاق المقبرة الإسلامية الوحيدة في غرينيون على قرار عمدة هذه البلدة (جنوب مدريد) التي تقطنها 9400 نسمة، أنطونيا دياز غاريدو.
وهي المقبرة الوحيدة في ذلك المكان والأكبر علي مستوي إسبانيا من حيث المساحة وهذا قرار جائر مخالف لكل الأعراف والمواثيق التي تكفلها الديموقراطية وحرية الأديان وحقوق الإنسان وكافة القوانين .
فيجب احترام الدستور الإسباني لسنة 1978، خاصة المادة 2 المتعلقة بالحرية الدينية، واتفاقيات سنة 1992، التي وقعت بين الدولة الإسبانية وممثلي المسلمين بهذا البلد .
نحن المسلمون نحترم كافة الأديان الأخرى ونحترم طقوسهم وتعاليمهم وعلي سبيل المثال هناك الكثير من المقابر الخاصة بالمسيحيين موجودة في فلسطين مقابر قديمة ومقابر مازال يدفن فيها أموات غير المسلمين فيها وهم أقليات من الديانة المسيحية وغيرها ولكن حرية الأديان والقانون كفل لهم ذلك ومنها مقبرة الإنجليز في غزة رغم تعاقب الحكومات ومختلف المعتقدات إلا أن الديموقراطية وحرية الأديان وطقوسهم مازالت تحترم حقوقهم ودون أي مساس من أحد .
فهل يعقل ما يحدث للمسلمين في إسبانيا في مدريد البلد الديموقراطي بأن تغلق مقبرة المسلمين الوحيدة وهناك جثت لموتي مسلمون تنتظر السماح لها بالدفن وفق الشريعة الإسلامية فمازال حتي الآن هناك ستة جثامين لأموات مسلمين، بينهم مغاربة، يوجدون حاليا في مستودع الأموات بمسجد "إمي 30" بالعاصمة الإسبانية في انتظار دفنهم من قبل أسرهم، وذلك منذ إغلاق هذه المقبرة.
يذكر أن سيدة إسبانية من أصل مغربي هي من وهب هذه البقعة الأرضية البالغة مساحتها 7000 متر مربع للحكومة الإسبانية لدفن الجنود المغاربة الذين قتلوا في ساحة المعركة قرب مدريد خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
وتعتبر المقبرة الإسلامية بغرينيون، من بين الأكبر بإسبانيا، وهي مفتوحة للمجموع الجالية الإسلامية، ليس فقط بهذه الجهة ولكن أيضا من كاستيا لامانتشا وقشتالة ليون. ويدفن الموتى وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية، موجهين إلى مكة المكرمة وملامسين للأرض.

فأين هي الديموقراطية التي ينادي بها الجميع وأين هي حريات الأديان فهل يعقل أن تمنع الديموقراطية في أكثر البلاد احتراما لحقوق الإنسان ذلك الاتحاد الأوروبي الذي أبهر العالم بديموقراطيتيه واحترامه لحقوق الإنسان والذي أبهرنا بقوانين الانسانية واحترام الذات فهل ما يحدث في مدريد هي زلة او كبوة ولكل جواد كبوة ونتمنى أن يتم معالجة الأمر وعودة الأمور إلي نصابها وتعود حرية الأديان في كل مكان كمان نعرفها الجميع وألا يمنع المسلمون من دفن موتاهم وفقا لشريعتنا الإسلامية .
بقلم الكاتب الفلسطيني/ هاني زهير مصبح