يهودية الدولة شأن رهيب جداً

بقلم: فايز أبو شمالة

قانون القومية؛ أو قانون يهودية الدولة الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية، لا يعد شأناً إسرائيلياً داخلياً، كما توهم بعض السياسيين الفلسطينيين، قانون يهودية الدولة يلامس عصب حياة العرب والفلسطينيين، وله علاقة بقضاياهم السياسية من خلال ما سيحدثه هذا القانون من تحولات استراتيجية في الوعي والتفكير والتدبير، ولاسيما إذا ما أقرته الكنيست الإسرائيلي وصار قانوناً.
وإليكم أبرز معالم قانون يهودية الدولة مع التعليق على بعض البنود:
1- الهدف: تعريف دولة إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.
وهذا التعريف لا يحصر الدولة على اليهود المقيمين فيها دون غيرهم من الشعوب، بل يضفي هذا القانون صفة الشعب على اليهود أينما تواجدوا، ويعطيهم الحق لأن يكونوا جزءاً أصيلاً من هذه الدولة، حتى ولو كان اليهودي صينياً أو كندياً أو هندياً.
2- المبادئ الأساسية: أرض "إسرائيل" هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي ومكان إقامة دولة "إسرائيل".
أما دولة "إسرائيل" فهي الوطن القومي للشعب اليهودي الذي يحقق فيه الشعب اليهودي حقه في تقرير المصير وفقا لتراثه الثقافي والتاريخي.
على الفلسطينيين والعرب الانتباه إلى أن المبادئ الأساسية تفرق بين "أرض إسرائيل" وبين "دولة إسرائيل"، وهذا يعني أن الدولة الراهنة بحدودها السياسية المعروفة لا تمثل حلم اليهود، الذين يحلمون بأرض إسرائيل، وهي الأرض التي تمتد وفق التاريخ اليهودي إلى شرق نهر الأردن، وتمتد شمالاً حتى الجنوب اللبناني، وتمتد جنوباً حتى قادش بارنيع في سيناء المصرية.
إن ورود جملة "أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي" تعني أيضاً نفي من هو غير يهودي عن هذه الأرض، وبالتالي إلغاء الوجود العربي والفلسطيني، الذي لن يكون جزءاً من التراث الثقافي والتاريخي اليهودي صاحب الحق في تقرير المصير.
ولكن الأخطر من كل ما سبق في المبادئ الأساسية هو التالي: دولة "إسرائيل" ديمقراطية، تقوم على أسس الحرية والعدالة والسلام في ضوء رؤى أنبياء "إسرائيل"
إن حصر الحرية والعدالة والسلام في رؤى أنبياء إسرائيل فيه تجن على حقوق الآخرين، لأن رؤي أنبياء إسرائيل كما جاءت في كتابهم "التناخ" تحمل من الأحقاد والكراهية والحض على التدمير والقتل والذبح والاغتصاب ما تشيب له الولدان. وتكفي هنا الإشارة إلى الفقرة التالية من سفر "ميخا" الإصحاح الرابع الفقرة 12 ليدرك القارئ خطورة رؤى أنبياء إسرائيل، يقول أنبياء إسرائيل: قومي ودوسي يا بنت صهيون؛ لأني أجعل قرنك حديداً، وأظلافك أجعلها نحاساً، فتسحقين شعوبا كثيرين، وأحرم غنيمتهم للرب، وثروتهم لسيد كل الأرض.
واقرءوا الفقرة 8 الاصحاح الخامس من سفر "ميخا" أيضاً، حين يقول: وتكون بقية يعقوب بين الامم في وسط شعوب كثيرين كالأسد بين وحوش الوعر، كشبل الأسد بين قطعان الغنم، الذي إذا عبر يدوس ويفترس، وليس من ينقذ.
أما البند السابع في قانون يهودية الدولة فيقول: ستعمل الدولة على الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي والتقاليد للشعب اليهودي وتكريسها وزراعتها في البلاد وفي الشتات.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا البند يسهم في ترسيخ تعاليم الديانة اليهودية في عقول وقلوب سكان البلاد حتى ولو كانوا مسلمين أو مسيحيين.
بعد ذلك يأتي الحديث عن القانون اليهودي، بحيث تصير الشريعة اليهودية هي مصدر إلهام للكنيست الإسرائيلي، وهي مرجعية القوانين في إسرائيل، وهذا يؤكد أننا نواجه دولة تقوم على أسس دينية لها القداسة والانقياد للسلف اليهودي.
ولعل الخطر الأكبر من قانون يهودية الدولة ما جاء بشأن الأماكن المقدسة، حيث جاء البند 12 ليقول: يجب أن تخضع الأماكن المقدسة للحراسة ضد التدنيس، أو أي أضرار أخرى، وضد كل ما من شأنه التعدي على حرية وصول المصلين إلى أماكنهم المقدسة، أو على مشاعرهم تجاه تلك الأماكن.
لا شك أن المسجد الأقصى هو المقصود بالأماكن المقدسة، بالتالي فإن هذا القانون يضمن للمصلين اليهود حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، وسيحاسب القانون اليهودي كل من يمنعهم، أو يعترض على ممارساتهم طقوسهم باعتباره تدنيساً لمشاعر المتدينين اليهود.