كلمات مسافرة لروح الإعلامي اعمر اغيرغاوا

بقلم: عبير عبد الرحمن ثابت

أصحاب الكلمات لا يموتوا بل هم يأخذوا ومضة من الزمن ليستريحوا فى كبد السماء ، فى خضم المعركة الدائرة على الساحة الفلسطينية منذ بداية احتلال فلسطين وتهجير أهلها والجزائر تقاوم جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين سواء بالدعم المادى أو المعنوى ، وكانت جريدة المواطن وما زالت تحارب بكلماتها على صدر صفحاتها تلونها بملاحق خاصة بالأسرى والقدس واللاجئين وكافة المواضيع التى تهم القضية الفلسطينية ، لتقول لأسرانا الأبطال وأرواح شهدائنا وعائلاتهم وكل فلسطين لا تهنوا ولا تحزنوا نحن معكم .
وفى هذا المعترك الكبير الذى نحن كفلسطينيين بأَمس الحاجة لكل صاحب قلم صادق ووفى لفلسطين وشعبها يغادرنا الإعلامى اعمر اغيرغاوا مدير نشر جريدة " le citoyen "أحد رواد الصحافة والإعلام في الجزائر والوطن العربي ، لينضم لقافلة شهداء الكلمة وليلحق برفاقه من كتاب وشعراء مقاومين جزائريين وفلسطينيين.
لقد ترجل الاعلامى العريق وترك خلفه أمانة الكتابة عن القدس والأسرى ومعاناة فلسطين ، قرر المغادرة تحت صوت من أحبوه مطالبينه بعدم الرحيل ولكن الوقت آن ودقت ساعة الخلاص لتنهى سنوات كفاح وعمل ومثابرة أمضاها فى خدمة بلده الجزائر وبيته جريدة المواطن بكل تفانى واخلاص
لم يغادر الاعلامى اعمر إلا جسداً فهو لم يزل بفكره وثقافته ماثلاً بين رفاقه مشعلاً طريق النجاح لهم ، هو لم يمت بل باق بإرثه الاعلامى ومطبوعاته ومواقفه الشريفة تجاه فلسطين وشعبها ، إنه حى فى قلوب كل من عرفه واقترب من تعابير شخصيته المتزنة .
لن ننعيه فى سطور فشعورنا بوجوده ما زال قائما فى جريدة المواطن ، هو فخر لكل الجزائر فى علياء مع الشهداء والصديقين ، فقد كان الجندى المجهول يعمل دون صوت ، كان كالسحابة تنزل خيرها دون ضجيج ، أشرق بشمس أعماله على الجزائر ورفع اسمها إلى عليين
عاش متواضعاً دمثاً راشداً وحكيماً يدير أموره دون اضطراب ، نسج فكراً ناضجاً متفتحاً ولم يحتكر الحق ولم تقيده آرائه بسلاسل بل كان مرناً متجاوباً مع كافة الطروحات المختلفة .
غادرنا الاعلامى اعمر إلى خالقه فى يوم الاثنين الموافق 1ديسمبر 2014 ، لكنه ترك خلفه الكثير من تلامذته التى ستكمل مشواره الاعلامى، فالمجد لصاحب الكلمة الصادقة وقلوبنا تعتصر ألماً على الكتابة عنك اليوم بدل الكتابة معك فى جريدة المواطن العريقة ، لن نعزى إلا أنفسنا على غيابك أيها الإعلامى الكبير فقد خسرتك فلسطين والجزائر ، ونرفع أكفنا اليوم وأنت بحضرة البارئ تضرعا له أن يهبك الجنة والفردوس الأعلى برفقة الشهداء والصديقين
صاحب الكلمة الصادقة اعمر اغيريغاوا... قلوبنا أدمتها الغيابات المتتالية والوجدان لم يعد يتسع فقدان الأخوة الأعزاء ، اعذرونا فغيابكم حسرة فى زمان عابر ، عففنا أنفسنا عن رثائكم فكبرياءكم ما زال فينا شامخاً، سكنت الجزائر وفلسطين سكنتك ، كنت مناضلاً مدافعاً فى كل المواقع ، لم يخيف قلمك المبدع لا موت ولا ضغائن وقد آمنت أن الموت قادم والفراق حق ، وأنت الآن برعاية الاله لك منا كل دعاء بالرحمة والمغفرة .. ومن فلسطين لروحك سلام .


د.عبير عبد الرحمن ثابت
أستاذ العلوم السياسية