في فلسطين الإنفجار قادم لا محالة

بقلم: أكرم أبو عمرو

قد يأتي اختياري لهذا العنوان لتكرار استخدامي مصطلح انفجار في سياق إعدادي لدراسة حول الانفجار السكاني في قطاع غزة والذي من أهم أسبابه هو ما نواجهه من حصار خارجي وحصار داخلي طال أمده ، حصار خارجي يقوم به أعدائنا ، أما حصارنا الداخلي فهو من صنع أيدينا من خلال صراعاتنا وعدم توافقنا واتفاقنا وحروبنا السياسية والإعلامية ضد بعضنا البعض ، ما ينعكس حتما على مختلف مناحي حياتنا لتجعل أمور حياتنا صعبة لا تسر عدوا ولا صديق .

اعتقد أن أي مواطن فلسطيني عادي لا يحتاج إلى كثير من العناء لكي يتعرف على طبيعة الأمور ، وهو بالطبع في كثير من الأحيان لا حول ولا قوة له إلا بالله أولا ، ثم بالصبر والدعاء إلى الله لتفريج الهم والغم ، لكن الغريب في قياداتنا ومؤسساتها ، وهنا لا استثني أحدا ، منهم بدءا بمنظمة التحرير الفلسطينية والرئاسة مرورا بالأحزاب والفصائل إلى الاتحادات والنقابات وحتى منظمات العمل الأهلي ، فالجميع يعرف طبيعة الوضع الذي يعيشه شعبنا ، الجميع يعرف السبب والمسبب ، وان كان البعض يرجع أسبابة حسب رؤيته الفكرية والعقائدية إلا انه في قراره نفسه يعرف السبب الحقيقي ، ففي الوقت الذي نشهد فيه تغيرا دوليا ايجابيا تجاه قضيتنا ، هذا التغير بالتأكيد سوف يقربنا من تحقيق أهدافنا ، إلا أننا وبشكل مقصود أحيانا وغير مقصود نحاول تجاهل هذا التغير ، ولا نقدم على خطوة ايجابية تعمل على مساعدة هذا التغير ليمضي إلى الأمام .

قد يقول قائل عن أي تغير تتحدث ، أقول إليكم مقارنة بما يحدث في العالم بشأننا وما نفعله نحن في نفس الشأن :

- امميا هناك الاعتراف بدولة فلسطين كدولة بصفة مراقب بقرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2012 ,

- أوروبيا ، هناك قرارات باعتراف عدد من البرلمانات الأوروبية بدول فلسطين ، بريطانيا وفرنسا واسبانيا ، وقبلهم كانت السويد قد اعترفت بدولة فلسطين ،وهناك اتصالات ومشاورات بين بعض الدول الأوروبية خاصة فرنسا وبريطانيا لطرح مشروع لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي خلال فترة زمنية محددة ، صحيح أن الأنباء الأولية عن هذا المشروع تشير بأنه لا يلبي طموحات شعبنا لكن المهم أن هناك حراكا قد بدا .

- أمريكيا ، هناك بوادر موقف أمريكي قوي ضد الاستيطان والوقوف في وجه الحكومة الإسرائيلية في هذه الناحية .

- إسرائيليا ، انهيار حكومة نتنياهو ، وان كنت من الذين يعتقدون اعتقادا جازما أن سبب انهيار هذه الحكومة هو الصراعات الحزبية الإسرائيلية والتنافس على السلطة ، لكن المتتبع للحراك السياسي الإسرائيلي يجد أن مسالة قانون القومية الجديد ، وسياسات نتنياهو المتطرفة تجاه شعبنا وما سببته من مواقف دولية معارضة للممارسات الإسرائيلية ، الأمر الذي دفع إلى مواجهته لانتقادات حادة من معارضيه داخل إسرائيل ، كانت وراء انهيار هذه الحكومة .

أما فلسطينيا ، فما زال الانقسام هو سيد الموقف ، بعد تعثر كل الجهود لانهائة وآخرها تشكيل حكومة الوفاق الذي مضى عليها نحو ستة أشهر ولم تفلح حتى في إذابة الجليد بين الطرفين المتخاصمين ، وما زال التراشق الإعلامي على أشده بين كل من حركتي فتح وحماس حول كثير من القضايا ، الرواتب والإعمار الخ ، الزوبعة القوية التي احددثتها تفجيرات غزة الأخيرة وما أعقبها من بيانات مزعومة ومنسوبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" ، والفرقعة الإعلامية التي أحدثها مؤخرا برنامج تلفزيوني .

وعلى الرغم من هذه المتغيرات فلا نتوقع أن تعيد لنا حقوقنا المسلوبة ، وتقيم لنا دولة فلسطينية على طبق من ذهب، بل تحتاج إلى جهد فلسطيني منطلقا من الوحدة الفلسطينية ، ووحدة الكلمة ، وحدة الهدف ، بجب الإمساك بهذا المتغيرات ونحاول استغلال الفرص لدعمها وتطويرها ، لان العالم لا يأبه للصامت الساكت ، وها هي الفرص تاتنينا إلى تحت أقدامنا ، خاصة وان الحياة السياسية في إسرائيل لا يشغلها إلا التنافس الانتخابي الذي سيستمر بضعة أشهر ، وهنا لا يمكن لنا الانتظار حتى نرى ملكا إسرائيلي جديدا بسياسة متطرفة أو اشد تطرفا ، ولدينا الإمكانات والمعطيات الكفيلة بمساعدة العالم لكي يقف إلى جانبنا ، .

في ظل هذه المتغيرات التي نشهدها ، نرى البعض منا يجري عكس هذا التيار ، فمن منهم من يطلق عبقريته الإعلامية ليفتح ثغرات لم يتعود عليها شعبنا حين يدعو أبناء هذا الوطن للمغادرة إذا لم تعجبهم بعض الظروف ، كيف يقال هذا مع شعب ما زال ثابتا متمسكا بتراب وطنه ، وهناك من يقوم بشخصنة العديد من القضايا ، ويلقي باللائمة لأسباب الفقر والبطالة والحصار على شخصيات معينة ، والبعض الأخر ما زال يعيش ويسعى لاستمرار حالة الانقسام ، ولكن رغم كل المعاناة التي يواجهها شعبنا ، ورغم كل الآلام التي أصابته فهو يقف صابرا ، وبالتأكيد ليس عاجزا ، من يمشي في شوارع غزة ، ويتجول في أسواقها وحواريها يجد آن صبر المواطن شارف فعلا على النفاذ ، ليس في قطاع غزة فقط بل في الجزء الشمالي من الوطن الذي يواجه الاعتداءات اليومية من سلب لللاراضي وتوسع استيطاني واعتداءات على المقدسات ، إن إدراك المواطن الفلسطيني بما يجري من حوله من سياسات تذهب به إلى المجهول ، هذا المواطن الذي صبر كثيرا وتحمل كثيرا وأعطى كثيرا من دمه وماله وجهده ومعاناته لن يسكت ولن يقبل الاستمرار على الوضع ، لذلك سيأتي يوم واحسبه قريبا ، وينفجر الشعب في وجهوكم أيتها القيادات إذا لم تسارعوا لتصويب وتصحيح المسار