كم هو صعب أن تفارق الجماهير الفلسطينية وخاصة الفتحاوية, قائدا في أحلك ظروفها وفي أشد أزماتها، وحين تكون في أوج الحاجة له, وكم هو عسير أن نوضع في مفترق طرق خطير, بدون أن يكون لدينا ذلك الملهم الذي نترك له حبل القيادة بدون أن نفتش أو نعي أنفسنا بالتفكير مليا في كيف ومتى وأين, عند أبا طارق " زياد أبو عين " كانت الإجابات المختلفة للمسائل كلها, ومنه كانت تصح جميع الحلول وتتضح كل المسائل والدروب, وفي فقده وجدنا أن ظلام الوطن الفلسطيني قد يطول، لولا ذلك الإرث الذي تركه والبناء الذي خلفه والوصية التي جعلها عنوانا لمستقبلنا القادم, نعم أبت أجفان أبا طارق أن تغمض إلا وهو يضعنا في سفينة حركة فتح التي تنجينا من الهلاك وتلقي بنا على شواطئ السلام غير أبهة بالمصاعب والمحن, كيف لا وهذه الفتح كانت هي التي إحتضنت الوطن وحملت همومه في تلك المرحلة الصعبة والحرجة التي كاد فيها كل شيء أن ينتهي ويصبح تاريخ الوطن بأجمعه ضربا من الأمس البعيد! نعم فكلنا نجد في فتح القادمة وهذه النخبة الخيرة من أبناء الوطن وقادته سفينة نجاة تهدينا السبيل إلى الطريق الصحيح، وتصحح لنا مسارات القادم وتوضح السبيل نحو مستقبل مشرق ننشده جميعا.
لقد فقدنا زياد أبو عين وطويت صفحة مليئة بالنضال وبالجهاد والعز والفخار, ومضى فارس من فرسان التحرر الوطني ضد الاحتلال والاستبداد والاستعباد والطغيان, وسندفن معه تلك الريح الطيبة التي تذكرنا بالراحلين الأوائل من طراز أبو عمار وأحمد ياسين والشقاقي وأبو جهاد وأبو على مصطفى والقاسم وفيصل وعطايا أبو سمهدانه وابو العباس وحيدر عبد الشافي, أولئك المخلصين الذين انتصروا للوطن فجاهدوا فيه حق جهاده وما بدلوا تبديلا والعاقبة للمتقين المؤمنين بوطنهم والموقنين بعزة هذا الوطن والقادرين على صون عزته وكرامته.
أبا طارق لقد جاء الرحيل في زمن يصعب فيه الفراق وفي منعطف تتكاثر فيه الخناجر وفي متاهة تضيع فيها الركبان, فكيف ونحن نفقد رجلا عرفته الملمات وشهدت الخطوب بمواقفه, حين فقدنا الأحبة في حركة فتح وقفت أنت في الميدان تعلن إنتصارك على حاقيديهم وتدافع عن شرف الجماهير وممتلكاتهم وأرضهم الطيبة من قطعان المستوطنين, وها أنت ترحل الآن, وها هم النخبة الطيبة والصحب الخيرون يتبارون ليكون كل منهم زياد أبو عين وليكون الجميع قادة وبناة للوطن الكبير, وداعا يا قائد فلسطين, فنعم الفارس أنت, ونعم الفارس من خلفت من ورائك, عزاءنا الوحيد ان الرحم الفلسطيني ولود, وستبقى مسيرتك أبا طارق ناصعة بيضاء ونبراسا لكل الثائرين الأحرار.
إعلامي وكاتب صحفي