علاقة حماس بإيران.. كالراغبة المتمنعة!

بقلم: إبراهيم عمر المصري

التقييم والتقويم.. مؤشرات صحة وحياة:
تعيش المنطقة الإسلامية والعربية حالة من السيولة وعدم الاستقرار بكافة مجالاته على نحو يراد منه ضرب الحراك الذي بدأ أولى خطواته في إعادة تشكيل المستقبل على أسس من السيادة والريادة.
ملامح هذه السيولة تؤثر بدورها على بيئة المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر، فتوتر التحالفات الإقليمية.. وخسارة الحواضن.. وضعف الدعم بأشكاله.. وانحراف الاهتمامات العربية الرسمية.. والتأثير على ساحات التأييد والدعم العربية الشعبية.. وتغيّر المعادلات.. وتشويه المبادئ.. وتشديد الخناق.. وتنكّر إخوان الوطن.. وعربدة أعدائه.. وأخرى أكثر من أن نحصيها هنا.
بالتأكيد، فإنه في مبادئ السياسة وأعراف الساسة أن واحدة من هذه العناوين كفيلة أن تجعل القيادة الواعية في الساحة الفلسطينية تعيد النظر في استراتيجياتها بما يحفظ لها أكبر قدر ممكن من المكاسب؛ فالغايات الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية في إطار ممكناتها اليوم لن تنجز بالضربة القاضية إنما بالمراكمة.
وبالتالي، فإن أفضل ما يمكن أن تقف عليه فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم هو الاجتهاد الحثيث في استخلاص العبر عن عمرها المنقضي في كافة مجالات اهتمامها، ما أنجزت منه وما لم تنجز.. ما أصابت فيه وما لم تفعل..، كما ودراسة حاضرها وفهم أبعاده جيدا بعقول متحررة وصدور متسعة، دون إغفال العمل باتجاه تشكيل المستقبل وليس التنبؤ به فقط.
إن عمليتي التقييم والتقويم يجب أن تتسع دوائرها لتشمل أعيان المجتمع بألوانه وطبقاته وفئاته؛ فهم عقول إضافية بأعين متحررة من القوالب التي تفرض نفسها مع وحدة التلقي وطول الممارسة.
ومن نافلة القول أن نذكر بأن كل ما نكتشفه من إنجازات تحققت لاحقا دون الأهداف المرسومة مسبقا يبقى في عداد المخدرات التنظيمية والهرطقات الإدارية ومعايير (دور ثاني!).
إن هذه الخطوات لازمة وضرورية قبل الشروع بتشكيل المستقبل الذي نريده؛ حتى لا نختفي من دائرة الفعل والتأثير إلى ردود أفعال مرحلية أو عاطفية أو غير مدروسة. وما دون ذلك، فإن من ينتظر أن تمطر السماء له تغييرا سيدوم صيْفه.
حماس وإيران.. استراتيجية التحالفات أم مرحلية الأيديولوجيا:
لقد تجاوزت حماس في ذكرى انطلاقتها الـ 27 رسائل إثبات وجودها ومحاولات اجتثاثها، وهذا جيد ما أيقنت بذلك وعملت بمقتضاه. وفيما أراه قد أصبحت في طور انتقالها إلى مرحلة الرشد والإدراك الواعي. والأعمار لا تقاس هنا بالسنين بقدر ما هي بحجم التجارب، وقد ساعد حجم التجارب التي مرت بها حماس أن تتجاوز في تطبيقاتها من أمضى عقودا من الممارسة السياسية والتنظيمية.
اللافت أن كلمة حماس في ذكرى انطلاقتها تناولت رسالة أساسية تنبئ بتقدم إيجابي في ملف التحالفات والعلاقات السياسية الدولية. فشكر إيران العلني عبر العنوان العسكري لحماس لا يمكن أن يفهم سذاجة بل عملة ذات قيمة متداولة في السوق السياسية.
وبالتالي، فإننا نلمح منه حدوث ترتيبات معينة قادت إلى تهيئة متطلباتها من خلال كسر الجليد القائم منذ مدة. لكن تبقى هناك أسئلة مهمة سننتظر إجابتها في قادم الأيام..
هل العلاقة مع إيران خطوة استراتيجية في حسابات المصالح أم ما زالت مرحلية ضمن حدود الأيديولوجيا؟
ما هي أولويات الفعل التي ستنبني على هذا الخطوة؟
هل ستقود العلاقة مع إيران إلى انفراجة في ساحة غزة المنخنقة؟
وكيف سيكون الشكل الجديد للتخفيف من معاناة الغزيين؟
وهل سيكون لذلك تأثيرات على مستقبل المصالحة الفلسطينية؟
هل ستبادر حماس –بما تعكسه من ثقل سياسي وميداني- لفرض رؤية جديدة أم سيكون الغزّيون جزءا من المشهد بحرية اتخاذهم القرار خلال المرحلة القادمة؟

للكاتب / إبراهيم عمر المصري – قطاع غزة، فلسطين - 15/12/2014م