أجل الفلسطينيين مشروع إنهاء الاحتلال الذي تم تقديمه الى مجلس الامن الاسبوع الماضي اكثر من مرة ليس لان النصاب لم يكتمل فيما يتعلق الحصول على تسع اصوات ليرفع المشروع الى الورقة الزرقاء أي البحث والتأهل للتصويت بل لان القيادة الفلسطينية تريد استكمال المشاورات الدولية والعربية بهذا الخصوص وتحصل على اكبر حشد دولي لصالح القرار وضمان عدم استخدام واشنطن الفيتو , ولم تكن القيادة السياسية تتوقع أن تفشل كل مساعيها التي استمعت للنصائح الامريكية والاوروبية لبعض الوقت لكن ما حدث في النهاية كان متوقعا , أن الامل في العدل والانصاف الامريكي قد داسه كيري بأقدامه بعد اللقاء الاخير مع السيد صائب عريقات والذي كان من أسخن اللقاءات بين الطرفين , لان الادارة الامريكية ارادت فقط أن يبقي الفلسطينيين منفذين للتعليمات الامريكية لا اكثر بل أن الأمريكيين يريدوا من الفلسطينيين التنازل عن معظم ثوابتهم و اولها الدولة المستقلة والقدس العاصمة وحق العودة , ما تمخض عن لقاء كيري عريقات الاخير من تصعيد في المواقف وصل الى حد التهديد بعقوبات اقتصادية كبيرة لوقف مضي الفلسطينيين باتجاه النضال الدبلوماسي وانهاء الاحتلال عبر الشرعية الدولية وبسبب رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية اسرائيل كشرط لإقامة دولة فلسطينية .
اليوم هددت واشنطن بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة اذا ما توقف الفلسطينيين وسحبوا مشروع القرار لكن كانت الاجابة أن الفلسطينيين ليس لديهم ما يخسروه وبالتالي كان رد الدبلوماسية الفلسطينية بأن يتم تقديم مشروع القرار الى مجلس الامن عبر الاردن صباح اليوم التالي لفشل لقاء كيري عريقات خلال الدورة السنوية للمجلس, وبالفعل تم تقديم مشروع الطلب , أنها قضية العام 2014 القضية الساخنة التي عاشتها الدبلوماسية الفلسطينية بين وعوادات امريكا التافهة ورغبة واشنطن إعادة المفاوضات من جديد دون اسس تفاوض اودون خطة سلام تبني على اساس مرجعيات السلام وبين تهديد أمريكي حقير بفرض مزيد من الحصار ومنع الدعم المالي حتى يستجيب الفلسطينيين لما تريده واشنطن واسرائيل , لعل هذا الاستسلام خيانة بوجهة نظري والخنوع لواشنطن وتهديداتها جريمة لان الفلسطينيين يعيشوا حياة فقر وضيق وحصار وحرب والم وفقدان للأرض بفعل الاستيطان ويعيشوا فقدان للبشر بفعل الاعدام المباشر الذي تمارسه اسرائيل وكان اخره الشهيد زياد ابو عين والشهيد عبدالله عدوان لذا يتوجب المضي قدما والاسراع في الانضمام لميثاق روما ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين , وما يتم فهمه حتى الان من الأمريكان أن الفلسطينيين يجب أن لا يناقشوا مسالة تقرير المصير وعليهم تنفيذ ما يطلب منهم فقط والا سوف يموتوا من الجوع , نعم اذا كانت تلك المعادلة الامريكية علينا أن نفضل الموت جوعا على الانصياع لمخططات واشنطن وحلفائها .
لم تكن تهديدات كيري لصائب عريقات تهديدات بهدف الضغط فقط بل انها حقيقية وعلينا الاستعداد للمواجهة القادمة لان الاخبار تناقلت حكاية الرسالة السرية التي نقلها الملك عبدالله الثاني ملك الاردن للرئيس ابو مازن وهي نفس محتوي الرسالة التي نقلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ايضا ومضمون الرسالة هي ذاتها, أن واشنطن تحزر الفلسطينيين من المضي قدما في مشروع إنهاء الاحتلال والتقدم لمجلس الامن بهذا المشروع والا فإن ادارة اوباما التي سحبت من تحت رأسها كل الوسائد فأنها ستلقن ابو مازن درسا قاسيا قد يصل الى حد الاقصاء بالطريق التي تعرفها واشنطن, وتخطط لها اسرائيل وبعض القوي الاقليمية بالمنطقة , مع انني اعتقد أن تغير القيادة بالطرق التقليدية التي نعهدها من تحشيد الجماهير ضد ذات الرئيس ابو مازن قد تحدث جلبة في الشارع الفلسطيني الا انها باتت مسالة حقيرة مكشوفة يعرفها الفلسطينيين ومن يتساوق معها يعتبر في النهاية في نظر كل الوطنيين ليس اقل من عميل خائن .
وصل المشروع الفلسطيني طاولة مجلس الامن بحد ادنى من التعديل الذي ترغب به اوروبا مع انه كان خطأً التعديل لتلبية الرغبة الاوروبية ,الا أن واشنطن رفضت المشروع حسب الناطقة بلسان وزارة خارجيتها , واصبح الفلسطينيين على خط المواجهة مع واشنطن واسرائيل التي تحتج بطريقتها وتعتبر أن أبو مازن أتخذ خطوات احادية الجانب بتقديم مشروع إنهاء الاحتلال وتحذره ايضا من الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية بعد ذلك , وبعد تصويت الامم المتحدة بأغلبية لصالح حق تقرير المصير أصبح وضع واشنطن أمام مشروع القرار الفلسطيني محرجا واستخدام الفيتو خطرا على مصالح امريكا بالمنطقة لذا فأن واشنطن اليوم قد تلجأ الى مقابلة المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال بمشروع امريكي اسرائيلي أخر أقل تكلفة لإسرائيل واكثر صدقا لرغبات اسرائيل الامنية والقومية وبدعم من حلفائهم على أن يقضي المشروع بإعادة الطرفين الى طاولة المفاوضات للتباحث في اقامة الدولة الفلسطينية وسبل تحقيق ذلك دون تحديد مرجعيات كالتي حددها المشروع الفلسطيني او حتى التي وردت في نص قرار الامم المتحدة الاخير والذي حدد مرجعيات عملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإيجاد حل دائم للصراع على اساس حل الدولتين استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق.