التكافل الانساني على الطريقة الهندية

بقلم: عطية ابوسعده

اليوم وبعد التواصل الكبير بين التجاذبات العالمية وبعد التوحد من حيث التفاهمات الاعلامية واساليب الإتصال الاجتماعي المختلفة وتعدد وسائل التواصل بين اسقاع الارض بالشكل الذي يتيح لك معرفة التواريخ المجتمعية واساليب الحياة اليومية للبشر اينما وجدت وبكبسة زر تستطيع معرفة وبشكل مباشر ما يحدث من صراعات ومن اختراعات ومن تطورات علمية او طبية في اي بقعة من بقاع الارض الامر الذي جعل الكثير العادات والتقاليد تتغير بشكل متسارع وسريع وتتغير ملامح التماسك الاسري وتصبح علاقات التواصل الجسدي والروحاني في عداد التاريخ …..

كنّا بالامس القريب وهنا اتحدث عن واقعنا الفلسطيني وأخص فيها المناسبات الرسمية كعيد الفطر وعيد الاضحى .. كنا نتكبد عناء التواصل نسافر برا ونتنقل بين الديار والاحياء وبين المدن والأرجاء للتواصل مع الاهل والاحبّة والتبريكات بهذه المناسبة او تلك .. كانت الحياة صعبة وشاقة وفيها الكثير الكثير من العناء سواء من حيث الحصول على لقمة العيش أو اساليب التواصل المناسباتي ولكنها وتلك حقيقة كانت جميلة بمعانيها وحلاوتها وصدق مأتاها .. ايّام كانت فيها القلوب صافية .. إن التواصل المباشر بين الاجساد والارواح له معاني كثيرة في سلوكيّات البشر واساليب حياتهم .. اما اليوم فالامور تختلف كثيراً فالتواصل اصبح عبر رسالة مشفّرة تحوي بين طيّاتها كلمات رنانة تخلو بين اسطرها الكثير من الاحاسيس وماتت بين احرفها معاني التواصل الروحاني والجسدي ..اليوم اصبحت العلاقات الاجتماعية مرتبطة ارتباط كلي ببضعة ازرار ملونة ألوان الطيف الصيفي يتخللها القليل من رذاذ مياه متناثرة بين الاحرف ….

بالأمس وبين ردهات اوقات الفراغ الكثيرة والقاتلة التي يعاني منها الكثير من ابناء الثورة الفلسطينية المتقاعدون او المقعدون جبرا وانا واحد منهم .. تركت العنان لنفسي بالتمتع على بعض فنون خيال الافلام الهندية الواسع صاحبة الرقم القياسي في إضاعة الوقت ومبالغات العاطفة والتي كانت في قديم الزمان تروق للكثير منّا وما زالت كما الاغاني الكلثومية التي يطال سقفها السماء ولكن … في أيّامنا هذه ضاقت نفوس البشر من بعض علامات الصبر التي قال عنها سيدنا عمر بن الخطاب: أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً .. وقال علي بن أبي طالب: الصبر مطيَّة لا تكبو وقال أيضًا: “ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قُطِع الرأس بار الجسم، ثم قال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبْر له”. وقال الحسن: “الصبر كنز من كنوز الجنة لا يُعطيه الله إلا لعبد كريم عنده”. وقال عمر بن عبدالعزيز: “ما أنعم الله على عبد نعمةً فانتزعها فعاضه مكانه الصبر إلا كان ما عوَّضه خيرًا مما انتزعه. قال ابن المبارك: مَن صبر فما أقلَّ ما يصبر، ومَن جزع فما أقل ما يتمتَّع ….

لكن الانسان في ايّامنا هذه تخلى طوعاً عن اثقال الصبر ومعانيها واصبح لا يمتلك من الحلم سوى المعنى ..حتى الرفاهيّة في الاغاني تقزّمت مفرداتها وضاعت معانيها وان تخطّت الدقائق الخمسة أعتبرت طويلة ومملة وذلك لعدم قدرة المؤلف أو الملحن على التواصل مع البشر وتاثر تاثيرا مباشرا بمتغيرات الزمن وسرعة التواصل … نعود في كتابتنا هذه الى اصل الموضوع ألا وهو التكاتف على الطريقة الهنديّة والتي هي موضوعنا في هذه المقالة والتي اتضحت لي بعض معالمها من خلال احدى الافلام الهندية والتي كان لها الاثر الكبير والتفكير المعمق باسلوب طرح هذه الفكرة وشرح كيفية تطبيقها على واقعنا الفلسطيني .. طريقة مميزة من حيث المعنى ومميزة من حيث الاصالة ومميزة من حيث الانتماء للاهل وللعائلة أولاً وللمجتمع برمته ثانياً .. الفكرة بسيطة جدا من حيث المضمون وطريقة التنفيذ وفي حال تنفيذها لما بقيت الاحقاد بين الاخ واخيه بين الاب وابنائه بين الجار والجار بين الغني والفقير بين المثقف والجاهل بين المتعلم والأمّي بين المتمكن بكسر الكاف والمتمكن بفتحها …..

فكرة مستوحاة من شعائرنا الاسلامية .. التكافل بين الناس .. ولكن هنا الفكرة مبسّطة بعيدة عن التشعّبات المعقّدة .. يقوم القادر او المقتدر على مساعدة ثلاثة اشخاص او اكثر او اقل حسب الإستطاعة بالمساعدة ويطلب منهم ايضاَ المساعدة بما يمتلكون .. وهنا ساضرب لكم مثلا على ذلك .. اي أنه إن كان هناك رجل مقتدر ماليا على سبيل المثال وقام بمساعدة ثلاثة اشخاص فقراء او يحتاجون لبعض المال لتطوير مشروع ما و هم معلم ونجار وفلاح .. ويطلب المقتدر من هؤلاء الثلاثة مساعدة الآخرين كل حسب امكاناته فالمعلم يعلم ثلاثة مجانا والنجار كذلك والفلاح ايضا …

من خلال هذه الفكرة تكون المساعدة متنوعة ومنتشرة بين كافة الشرائح الاجتماعية تنتشر من خلالها الرحمة والمحبة وإعادة الروح للتواصل بين الناس والتكافل والتقدم بالمجتمع ..فكرة بسيطة ولكنّها ممكنة لو تمت اشاعتها بين الناس لما كان هناك فقيرا أو جاهلا أو محتاج أو ذليل .. فهل هناك من يساعدني وينشرها .. ربما تصل .. وربما تصل معانيها .. وربما لم تصل او ربما يصل بعضها ولكن المهم هو الاجتهاد وطرح الفكرة وانا على يقين ان هناك الكثير من البشر ممن يقومون بذلك ولكن بدون حسابات او تفكير بهذا المعنى المطروح …..

الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي