واضح بأن نقطة الافتراق الرئيسية بين محوري مصر- السعودية والامارات العربية،والمحور القطري – التركي،المتمثلة بالإخوان المسلمين،قد أمكن التغلب عليها فيما يخص العلاقة المصرية – القطرية،وترميم العلاقات الخليجية- الخليجية،وقد لعبت السعودية والامارات العربية والبحرين والكويت دوراً هاماً في تسوية هذه القضية،وهي التي كانت سبباً في عدم تطبيع العلاقات الخليجية- الخليجية،حيث السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي سحبت سفرائها من الدوحة إحتجاجا على السياسة القطرية الداعمة والحاضنة للإخوان المسلمين،وكذلك عمليات التحريض التي قادتها وتقودها "الجزيرة" القطرية ضد السعودية والإمارات العربية تحديداً،الإمارات التي اتخذت خطوات قاسية ضد حركة الإخوان المسلمين حليفة قطر،حيث أخرجتها عن القانون واعتبرتها في سابقة عربية حركة" ارهابية" وطال القرار كل الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بها في الخارج.وكذلك العلاقات القطرية المصرية كانت سيئة جداً بسبب دعم قطر للاخوان في مصر وقيادة حملة تحريض ضد النظام المصري واحتضان حركة الاخوان المسلمين وقادتها الفارين من مصر ومدها بالمال والسلاح.
المتغيرات العربية والاقليمية والدولية،جعلت هذين المحورين يلتقون مجددا،بعد ان ادرك الجميع بان حركة الاخوان المسلمين لها مصالح واجندات تتناقض مع المصالح العربية،وجل اهتمامهم هو السيطرة على الحكم في العالم العربي،وبما يخدم مشاريعهم ومصالحهم،وليس مصلحة الامة العربية،ومن هنا مارست السعودية والامارات ضغوطا على قطر من أجل تجاوز ورقة الاخوان وتحقيق المصالحة الخليجية - الخليجية والمصالحة القطرية - المصرية.
هذه المصالحات العربية والتي أملتها مجموعة من العوامل،وفي مقدمتها شعور قطر بأن استمرار تمسكها بورقة الاخوان المسلمين،واستغلالها لها في التدخل والتخريب في الشؤون الداخلية العربية مصر- السعودية- الامارات – ليبيا – تونس وسوريا وفلسطين،من شأنه عزل قطر وتهميش دورها عربيا واقليميا،وكذلك ثبت بشكل ملموس فشل حركة الاخوان المسلمين بسبب سوء ادارتهم وعدم مهنيتهم وفشلهم في القيادة،وفئويتهم وانغلاقهم واقصائيتهم وعدم اعترافهم بالاخر والقدرة على التعايش معه،ولذلك من شأن استمرار العلاقة معهم أن تزيد من الخسارة القطرية وازدياد عزلتها،وهذا واضح من الفشل في مصر وتونس وليبيا وسوريا،وكذلك لم تعد ورقة الإخوان صالحة للإستثمار السياسي،حيث ان "المعلم" الأمريكي المالك للقرار،بدأ على ضوء الصمود السوري وعدم سقوط نظام الرئيس بشار الاسد في تغيير سياساته تجاه سوريا ومصر على وجه التحديد،فلم تعد امريكا تشترط للحل السياسي في سوريا رحيل الاسد وباتت اقرب لقبول الرؤيا الروسية – الايرانية - المصرية للحل السياسي في سوريا،وأيضاً باتت قطر على قناعة بأن متاجرتها وتمسكها بورقة الاخوان يعني فقدان تأثيرها على اكثر من قرار عربي وتحديدا على الساحة الفلسطينية لجهة المصالحة والإعمار والنفوذ.
خطوة المصالحة المصرية-القطرية وبغض النظر عن خلفياتها ومنطلقاتها،فهي خطوة في الإتجاه الصحيح،وقد تساهم في بناء موقف عربي موحد،ومصر هذه المصالحة،تمكنها من التفرغ لترتيب اوضاعها الداخلية،وتتيح لها الفرصة لإستعادة دورها العربي والإقليمي والدولي بمعاونة خليجية،حيث المصالحة تكف يد قطر عن دعم الإخوان في مصر،واولى بشائر المصالحة،تغير نبرة "الجزيرة" ومصطلحاتها،بدلاً من نظام المنقلب السيسي،نظام السيسي المنتخب ووقف التحريض على النظام المصري،وإغلاق بوق الجزيرة مباشر التحريضي،وتقيد حركة قادة الإخوان في قطر،وتسليم معلومات عن النظام السابق وغيرها.
أما ما يتعلق بالشأن الفلسطيني العام،فهذا قد يعطي دفعة للنظام المصري،لكي يلعب دوراً بارزاً مع بقية الدول العربية،فيما يتعلق بملف الصراع مع الإحتلال الذي يراهن على إنفراط وتفكك النظام الرسمي العربي،والموقف العربي الموحد،قد يشكل عامل ضاغط على اطراف الصراع والإنقسام في الساحة الفلسطينية(فتح وحماس) لكي تخطو خطوات عملية من اجل إنهاء حالة الإنقسام المدمرة،وتحقيق مصالحة وطنية ومجتمعية،وحل كل القضايا المتصلة بملف الإنقسام من مصالحات مجتمعية وقضية الرواتب والمسؤوليات الأمنية،وصلاحيات حكومة الوفاق الوطني،وتمكينها من ممارسة دورها وصلاحياتها في القطاع،والمسؤولية عن الإعمار والمعابر وكل القضايا المتصلة بذلك.
أما على صعيد قطاع غزة،فنحن ندرك بأن جزء كبير من أزمة علاقة حماس بالنظام المصري،مرتبطة بالعلاقة التنظيمية والسياسية ما بين حماس والإخوان المسلمين،ودور حماس في دعمهم ومساندتهم في مصر،والعلاقة الحمساوية – القطرية،تلك الخلافات والعلاقات،التي تسهم في توتر العلاقة ليس الحمساوية – المصرية فقط،بل الفلسطينية- المصرية ككل،فتحقيق المصالحة من شأنه ان ينعكس ايجابا على اهلنا وشعبنا في قطاع غزة لجهة فتح معبر رفح البري،واستئناف إدخال مواد البناء الخاصة بالمشاريع القطرية للقطاع حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين التي توقفت مع إغلاق المعبر على خلفية الأحداث بسيناء، ولا ننسى أن قطر تعهدت بدفع مبلغ مليار دولار في مؤتمر إعمار قطاع غزة، وبذلك سيكون لها دور مهم ومباشر في إعمار قطاع غزة. وكذلك المصالحة ستخفف كثيراً من حالة الإحتقان وعدم الثقة،ما بين النظام المصري وحركة حماس،حيث ستعمد قطر لممارسة ضغوط على قيادة الحركة في الدوحة من أجل تصحيح العلاقة مع النظام المصري،ومن شأن ذلك أن يدفع قدماً نحو تحقيق مصالحة ما بين النظام المصري وحركة حماس،تخدم مصلحة النظام وشعبنا الفلسطيني.
والمصالحة قد تهيء الأجواء،من أجل أن تقدم السلطة على خطوات جدية نحو الإهتمام بالأوضاع والهموم الإقتصادية والإجتماعية لشعبنا في قطاع غزة،وخصوصاً أن اموال الإعمار التي جرى التعهد في مؤتمر القاهرة بدفعها،لم يصل منها سوى القليل القليل،ومعاناة الناس هناك في تفاقم وازدياد،حيث ترتفع معدلات البطالة والفقر وغيرها.
حماس عليها أن تجري على ضوء المصالحة المصرية- القطرية مراجعة وتقييم جديين لسياساتها وعلاقاتها مع حركة الإخوان المسلمين،وعليها ان تغلب مصالح الوطن والشعب،على الآيدولوجيا والعلاقة بالإخوان،وإلا ستجد نفسها في دائرة عزلة حركة الإخوان المسلمين.
القدس المحتلة – فلسطين
25/12/2014
0524533879
[email protected]