محمد سعد الدين مخربان " ابو طارق " كان مقاتل وقائد بارع ومحنك

بقلم: عباس الجمعة

أن تكتب عن الشهداء فبالتأكيد أن الأمر ليس باليسير ، وحينما يتعلق الحديث عن الشهداء الذين أفنوا حياتهم في الثورة ، فبالتأكيد الأمر أصعب وأصعب ، فالشهداء أمثال الشهيد النقيب محمد سعد الدين مخربان" ربحي " لا يمكن أن تخط الحروف ولا الكلمات أوصافهم ونضالهم ، فكان الشهيد مدركا لطبيعة الصراع عندما انتمى للثورة ، أدرك أن من سلبه حريته ، فكان القرار حاضرا لديه ، عندما ترك اعز الناس لديه في غزة لينتمي للثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها ، فالأفكار عنده لا تحتمل التأجيل والمبادرة عنده هي المحرك لكثير من أفعاله ، حيث كانت له بصمات واضحة في هذا المجال .
اسم محمد سعد الدين مخربان" ربحي " سيقف التاريخ أمامه طويلا متأملا ، رجل زهد في الدنيا وفي الحياة بكل مغرياتها كان طول عمره قويا عند الأزمات ، ساخراً من كل ما من شأنه أن يكون معطلا لقضايا شعبه ومستقبله، وإن كان للأساطير مكان في عصرنا فالرفيق محمد سعد الدين مخربان" ربحي " وبما قدم لشعبه من خلال إنسانيته بصموده وشجاعته وكبريائه وعلو شأنه ، مسيرة طويلة تحتاج لتوثيق سيرة مناضل قدم الكثير .
هكذا يرحل المناضلون الذين كان لهم دورا طليعيا في الثورة ، عملاً وفكراً ونهجاً وممارسة حيث كان من الكوادر الثورية في جبهة التحرير الفلسطينية تولى فيها العديد من المهام التنظيمية والعسكرية ، كان يتطلع الى دور جبهة التحرير الفلسطينية ، وعمل مع الكوادر في مدرسة صنع الإرادة الجبهوية ، فخاض معارك الدفاع عن الثورة والشعب وابدع في مجالات النضال ليؤكد أن الفلسطيني لا يستسلم، ولا يرتهن للقيود.
أبدع الشهيد في زرع الأفكار النضالية وكسب محبة الجميع، ، وأعاد ببراعته رسم الاستنهاض من خلال تمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية صحيح ترك الجبهة وانضم لحركة فتح ليؤكد بهذا الانتماء الحفاظ على هويته الوطنية في قالب رؤية مقنعة ، وفي كل عمل قام به ، وكان دائما ينتصر على المرض ، جذوة الحياة في عينيه تخبو رويدا رويدا، وأغمض عينيه وأسدلت الغطاء على الوجه الهارب من الحياة.
تعمق الشهيد في الحياة الاجتماعية ، لمس أوجاع الناس، وحقا كان محترفا في لمس أوجاع فلسطين، فعشقها ، لكنه لم يكن مريضا بل كان فدائيا صامدا، فبجانب الحس الإنساني الذي برع فيه لقد عُرف عنه كفاءته والقدرة الفائقة على العطاء والإخلاص لقد كان يناضل بالقلم والفكر والرصاص مثل الراحل قيمة نضالية وإنسانية .
ولم يكن حاله في ساحة النضال الأرحب مختلفا، كمقاتل أو كقائد بارع ومحنك ، وتعرفت عليه أكثر ، فكان دائما يتقدم الصفوف في كافة مناحي الحياة النضالية والإجتماعية والعسكرية ، كان مؤمن بعدالة قضيته ، متفائل بالنصر الأكيد الى أبعد الحدود ، وإذا سألته عن وضعه الصحي المتردي والأمراض العديدة الكامنة بداخله ، كان يجيبك " بأننا لسنا خالدون فوق الأرض والموت حق علينا ، وعلينا أن ندفع من حياتنا ثمناً لحرية فلسطين.
" ابا طارق " كان عملاقا ونموذجا رائعا ، كان رجلا في زمن عز فيه الرجال ، شامخا في زمن الإنكسار ،هو أرشيفا متحركا يختزن في ذاكرته تاريخ طويل من الذكريات والأحداث والتواريخ ، وأعتقد جازما بأنه ترك آثارا ايجابيا لدى كل من قابله وعايشه أو تعامل معه ، ليحتل رقعة واسعة في أفئدة كل من عرفه.
ختاما : فبرحيله نفتقد مناضلا صار على الخطى نحو شمس الحرية والاستقلال والعودة، كما سيفتقده اخوانه في حركة فتح وهيئة التوجيه السياسي بشكل خاص ، والثورة الفلسطينية المعاصرة بشكل عام ، حيث تعرفه الجبال والسهول والوديان والأزقة ، وغادرنا مع شعاع الشمس ومع زخات المطر، مع رياح غزة الذي احبها ورفح التي عشقها ، لكن نقول للشهيد ربحي كما كان اسمه في جبهة التحرير الفلسطينية بأن راية فلسطين هي العالية دائما، والرايات واليافطات، وصور الشهادة بالكوفية التي تحولت الى تراث نعتز بها وتميزنا عن بني البشر، بهذا الإصرار، وزغاريد العودة، ستبقى مرتفعه .
فلك المجد يا ابى طارق ومنا العهد والوفاء
كاتب سياسي