هو ليس رجل المفاجآت وتغيير المسارات وتبديل التحالفات وخذلان الصداقات ، دحلان رجل التراكمات وثبات المسارات والحفاظ على العلاقات والوفاء للصداقات ، وتلك صفات رجال الدولة التاريخيين.
هذا الشاب الأسمر الوسيم والذكي منذ البدء كان له حضور خاص وكاريزما فريدة لا أعرف إلى الآن تشخيصها في علوم الشخصيات إلا ما وصفته به أخيرا ولا أتجمل في عنوان هذا المقال " هو رجل دولة من طراز تاريخي فريد " .
صفات رجال الدولة التاريخيين إلتقطت في مسيرة دحلان صفة خاصة ونوعية جدا يكاد تاريخ الرجل يتميز بها وحده بين هؤلاء الرجال ألا وهي " الصد والدفاع عن الذات والفكرة منذ البدء " التي لازمته منذ لمع نجم هذا الشاب الطموح حتى قبل أن تطأ قدميه أرض غزة بعد اتفاق أوسلو وتقلب المناوئون والمعارضون بين الولاء والهتاف للرجل أحيانا والخصومة الفجة وتلاوة الأقاويل أحيانا أخرى دون فهم أو اقتراب حقيقي لصفات شخصية هذا الرجل فقال فيه الأصدقاء والأعداء ما لم يقله مالك في الخمر ..
دحلان ليس بجني ولا بساحر ولكنه أخذ بأسباب الطراز التاريخي الفريد من الرجال لتكتمل عنده صفات رجل الدولة فقد بدأ يعاني مبكرا من هجوم القريبين منه والبعيدين عنه والذي قد يكون نوعا من الغيرة والحسد من شطارة الرجل كما يقولون حين اكتشفوا صفاته وكاريزميته وذكاءه ، وخاصة ، ومجال العمل السياسي الذي يعمل به د حلان به الغيرة والحسد بين القادة أكبر بكثير منه بين نجوم الفن وعرض الأزياء للأسف الشديد ، ولكن هذا المجال من الغيرة في العمل السياسي يختلف عن الغيرة في مجال الفن الذي تغلب عليه المؤامرة والباطنية وأحيانا الدموية في علاقات القادة في صراعهم على المركز الأول والصف الأول.
الأصدقاء والمناوئون يحترمون في داخلهم قدرات الرجل والتزاماته حتى قال لي مرة أحد كبار أكبر الاحزاب " دحلان رجل عند كلمته " وإن اتفقت معه فلا مجال للتراجع وهو صادق ...
صقل دحلان تجربته بمحبة من يقترب منه فهو لا يخذل صديقا ولا يغدر بمناوئ بل له مواقف قوية من المتآمرين عليه وعدم فهمهم شخصيته وقدراته.
أدار عمله باقتدار في التنظيم والوزارة وحين كان مفاوضا أو مستشارا للأمن ، تعلم اللغة وأصبح بارعا فيها وهو محاور لبق ومفاوض قوي، أدار العلاقات الخارجية وهو في السلطة أو خارجها مع الزعماء والمسئولين الأجانب والعرب والإقليم وله منها الكثير الكثير وكأنه رئيس الدولة وويعمل بنوع من الدبلوماسية وكأنه وزير خارجية محترف ، أدار الأمن وكأنه وزير داخلية بارع وأدار التنظيم وكأنه ياسر عرفات وهيبته ، أدار العمل الاجتماعي وكأنه يساري ينحاز لفكره وفقراء شعبه ، وأدار العمل الأهلي وكأنه من مؤسسيه وبقناعة فوق الحدود وها نحن نراه يدير الصراع بينه وبين حماس وعباس بقدرة فائقة لا يتقنها غيره ... هذا الرجل الذي ناوأته حماس حد النخاع يتصرف كقائد وطني فتحاوي مسئول عن الجميع ، وصارعه عباس حد التغييب ولكنه باقتدار أفسد كل يوم مؤامرة من العيار الثقيل تنوء عن حملها الجبال ويخرج أقوى من ذي قبل.
له علاقات قوية في الإقليم ولا يغير مواقفه ولا يبيعها وهو مازال يتقدم الصف الوطني فيما يعود بالنفع على شعبنا وقضيتنا لا يمل ولا يكل ولا ينام ، أرادوا أن يخرجوه من فتح فكانت فتح في مجموعها معه إلا الضعفاء الخائفين من كاريزما الرجل ..
لم تبق شاردة وواردة إلا ألصقها الضعفاء بالرجل وغرق الجميع في أعمالهم وسوء نواياهم وإداراتهم وبقي نجمه يلمع وينتظره الناس كمنقذ لإخراجهم من سوء ادارة السياسيين ...
في العقد الماضي كان دحلان رجل الدولة الأول في فلسطين رغم كل المعوقات وهو رجل الدولة الأول في العقد القادم وليس له منافس رضي من رضي وتآمر من تآمر فالرجل رجل دولة بامتياز في فلسطين والمنطقة وليس لنا إلا القول افتحوا الطريق له لإنقاذ هذا الشعب المغلوب على أمره فالتآمر والمعوقات لن تغيب دحلان عن كونه رجل الدولة الأول ولكنها تدمر شعبا وقضية ... وعلى من يضع العثرات أن يرحم هذا الشعب.
هناك رجال لا ينتظرون التاريخ ليكتب سيرتهم بل يسعى التاريخ إليهم ليكتب لهم تاريخا ناصعا بإنقاذ شعوبهم من الضياع وهكذا شعبنا ينتظر دحلان..
12/1/2015م