لماذا لم يقبض المتقاعدون معاشاتهم؟ من الجهة الفلسطينية التي تتحمل المسئولية عن هذه الجريمة؟ هل المسئولية تقع على مجلس إدارة هيئة التقاعد الفلسطينية التي يرأسها السيد أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية للمنظة؟ أم هل تقع المسئولية على الحكومة التي يرأسها رامي الحمد الله؟ أم هل تقع المسئولية على السيد عباس الذي يرأس الجميع؟
إن عدم قبض المتقاعدين معاشاتهم حتى يومنا هذا جريمة بكل المقاييس الحياتية والإنسانية، وهي خيانة للأمانة، واستخفاف بالعقد القانوني الموقع بين الموظف وصندوق التقاعد، ويكشف عن فوضى مؤسساتية كانت إحدى نتائجها إفراغ صندوق المتقاعدين من مدخراتهم التي جمعوها من عرق السنين، إن خلو الصندوق من المال ليكشف عن نظام إداري ونظام مالي ونظام قضائي فلسطيني لا يفكر بمستقبل هذا الشعب المطحون، ويكشف عن نظام سياسي فلسطيني مستبد بحياة الناس، ويتلاعب بمصيرهم، ويستخف بكل المؤسسات،
لقد تسلمت السلطة الفلسطينية صندوق هيئة التقاعد من اليهود سنة 1994، وهو معبأ بالمال، لم ينقص شيكلاً واحداً من مدخرات المتقاعدين، لقد كان اليهودي المحتل أميناً على صندوق التقاعد، لقد كان الصهيوني عادلاً مع المتقاعدين، واحترم نفسه، واحترم قانونه، وسلم للسلطة كل المبالغ المالية المستحقة المتقاعدين، لأن العدو يخضع للقانون، ولأن العدو يحرص على الشفافية المالية حتى مع أعدائه، لقد سلم العدو الإسرائيلي أفراد عائلتي أنا المدعو فايز أبو شمالة مبلغ سبعة ألاف شيكل سنة 1985، بعد أن أصدر حكماً بسجني ثمانية عشر عاماً، وبعد أن اعتبرني ـ من وجهة نظرة ـ مخرباً، هذا هو سلوك العدو الإسرائيلي الذي نقول عنه نازياً وصهيوناً، فالصهيوني لم يجرؤ على سرقه ما المتقاعدين، في الوقت الذي سرقها الوطنيون!.
فأين أموال المتقاعدين، يا أيها الفدائيون؟ أيها الوطنيون الفلسطينيون المناضلون الثابتون على قسم تحرير فلسطين؟ من الذي أهان المتقاعدين وقصم ظهرهم، من الجهة التي بددت أموالهم؟ وبأي حق تتركونهم ينتظرون الصدقات، وهم الذين اعتقدوا أن أموالهم ومدخراتهم محفوظة، وتراقبها جهات قانونية، وهم من آمن أن أموالهم في مأمن من أيدي الناهبين المرتشين الفاسدين المقامرين بمصير الشعب، ومن الذي سولت له يده أن تمتد، وتسرق أموال الناس الذين تركوا لكم الوظائف والمناصب والكراسي، وسلموا أمرهم لمعاشاتهم.
لقد جاء في القانون الفلسطيني أن صندوق هيئة التقاعد له مجلس إدارة يكون مسئولا أمام مجلس الوزراء والمجلس التشريعي فيما يقوم به من أعمال. فهل نستنتج من إفلاس هيئة صندوق التقاعد أن تعطيل عمل المجلس التشريعي كان متعمداً، كي يصير التلاعب بمقدرات الشعب الفلسطينية، دون رقيب، ولاسيما بعد أن أثبت هذه التجربة أن مجلس الوزراء لا يقدم ولا يؤخر، وقد جاء تعيين السيد أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة في هذا الموقع لاعتبارات غامضة، رغم اعتراض النقابات الكبرى الثلاث اتحاد المعلمين واتحاد نقابات المهن الصحية ونقابة العاملين في الوظيفة العمومية، الذين رفعوا مناشده للرئيس عباس بتاريخ 12/5/2014 عبروا فيها عن غضبهم، وطالبوه بعدم تعين المجدلاني، وقالوا: إن صندوق التقاعد يمس حياة ومستقبل كل معلم وموظف، ناهيك عن عدم وجود ممثلين المعلمين والموظفين والعاملين في الصحة في عضوية مجلس إدارة صندوق التقاعد.
فما العمل؟ ما الطريق الذي يمكن أن يسلكه المتقاعدون لكي يحصلوا على معاشاتهم، إنها أموالهم المدخرة التي يجب أن تدار من قبلهم بشكل مستثقل عن السلطة وعن ميزانية السلطة، وعن رئيس السلطة وقراراته؟ ما العمل في مثل هذه الحالة؟ هل التوجه بشكوى إلى القضاء الفلسطيني ستفيد المتقاعدين؟ وأين هو الجسم النقابي الذي يمثل المتقاعدين؟ وفي حالة وجوده، هل بمقدوره أن يفعل شيئاً أمام تجبر وتفرد وتكبر القيادة السياسية؟.
قد يتهرب البعض من مسئوليته ويقول: لقد تمت سرقت صندوق المتقاعدين منذ زمن ياسر عرفات، ولو كان هذا صحيحا!، فما الذي منعكم من تصحيح الخطأ على مدار عشر سنوات؟ لماذا سارت الحكومة التي فرضها الغرب على ياسر عرفات للإصلاح المالي والإداري، لماذا سارت على الدرب نفسه، وواصلت سرقة الصندق؟
اقترح على المتقاعدين أن يشكلوا وفداً كبيراً جداً، يتوجه إلى المنظمات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر الدولي، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات حقوق الإنسان، وأن يتقدموا بشكوى إلى سكرتير عام الأمم المتحدة ضد السلطة الفلسطينية التي سرقت أموالهم.
في هجومه على النائب محمد دحلان، قال محمود عباس سنة 2014 لبعض المقربين منه: جاءني محمد دحلان سنة 2005، وقال لي: لقد طلبت من خالد سلام أن يرفع لنا 150 مليون دولار من صندوق الاستثمار، ويضيف محمود عباس مستغرباً: انظروا إلى الطريقة التي يفكر فيها دحلان بالتعامل مع المال العام.
لقد نسي الحضور أن يسألوا محمود عباس: هل أخذت نصيبك يا سيد عباس من مبلغ 150 مليون، أم تركته لدحلان؟؟ ولماذا أطبقت فمك يا سيد عباس تسعة سنوات كاملة؟