اذا كانت الأم بتكوينها وخوفها على أطفالها ترعاهم وتوفر لهم الحضن الدافئ تجمعهم حولها وتضلل عليهم بحنانها ودفء حضنها هي حال حركة فتح التي ما فتئت في سعيها الحثيث لاستكمال مهمتها التحررية وتتويج مشوارها المعطاء بالاستقلال مترجمة ذلك بالحفاظ على الشرعية التنظيمية القائمة على وحدة الفكر والتنظيم من أجل وحدة الوطن في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بنا من كل الجوانب محلياً وخارجياً، وابتليت حركة فتح على مر السنين بالانشقاقات والخروج عن الصف التنظيمي إلا أن مصيرها كان الفشل، والكثير ممن فكر بالخروج عن حضن الشرعية التنظيمية نتيجة اختلاف وجهات النظر سرعان ما عادوا الى هذا الحضن الفتحاوي الدافئ بعد ان تقطعت بهم السبل، وكالعادة تساهم فتح في رسم الابتسامة من جديد على وجوه ابنائها العائدين الى حضنها لمواصلة عطائهم دون شروط او قيود، ولما أبناء حركة فتح يؤمنون بأن فتح أول كل شيء وقبل كل شيء لأنها خيمة اليسار واليمين والقومي والإسلامي والديمقراطي، فتح هي الحضن الدافئ لآلاف المناضلين من ابناء الأمة وأحرار العالم، هي الصدر الرحب والعقل الواسع، فالتربية التنظيمية داخل حركة فتح تضع ما تملكه الحركة من امكانات متواضعة ومتعاضدة مع جميع الأطر التنظيمية لتضم لحضنها الآلاف من الذين يؤمنون بمشروعها الوطني الكبير واضعة نصب عينيها حماية أبنائها والحفاظ عليهم وتطوير امكانياتهم وقدراتهم العلمية والعملية، وعندما تكون المسؤولية حاضرة والمصلحة العامة هي الدافع والحافز لتنفيذ المهام والمسؤوليات المنوطة على أكمل وجه فان النتائج تكون إيجابية، فالتربية التنظيمية داخل حركة فتح قائمة على المحبة والأخوة والعطاء، والالتزام والانضباط أساس قوة استمرارية الحركة على مدار خمسين عاما من التضحيات الجسام.
وباعتقادي أنه من الطبيعي وجود اختلافات الرؤي داخل حركة فتح، لكن ثقافة أبناء فتح ترفض ان يكون هناك فرقاء يفجرون ويعاملون في خصوماتهم ما يجر الجميع الى عصر الجاهلية الأولى، وتؤمن بأن التنافس الراقي المحموم كل الفوائد للجميع وأن في التناحر البغيض فرقة ، وإذا البعض من اصحاب المصالح الشخصية يعيشون على وهم الوصولية الى مراكز القرار بسرعة البرق بمؤثرات خارجية، فإن أصحاب المواقف الشجاعة والرجولية والمبادئ القائمة على حب الفتح والمصلحة العليا، لم تؤثر فيهم تلك الإغراءات، والنأي بأنفسهم عن قبضة أصحاب المصالح والنفوذ، فالمستقبل أمام المخلصين اصحاب الانتماء الحقيقي للفكرة يخطون بخطواتهم نحو الشمس , نحو الضياء , لا يعرفون التقهقر , كالنحل الدؤوب لا يكلون ولا يملون ويهدونا الرحيق الساحر ، وتاريخ حركة فتح واضح لكل من يحسن قراءته، وساحة الحياة التنظيمية داخل حركة فتح واسعة للجميع ولا تتوقف من أجل شخص ولا تنحصر في شخص واحد، فالقيادة جماعية وقطار الفتح سيظل يسير ولن يتوقف حتى التحرير والاستقلال، واذا كانت كلمة الحق توجع البعض فلتكن وجعا على أوجاعهم، وستبقى الشرعية التنظيمية داخل حركة فتح هي الحضن الدافــئ التي تهزم خطر الضياع، فالمعدن الأصيل يبقى أصيلا ونقيا ولن تؤثر الشوائب في ذاته ونقاءه تماما مثل الماء.