ليس غريبا على فرنسا أن يكون نهجها فكريا متجذرا من حيث التقسيم والنظرات العنصرية، تلك السذاجة فهذه الفوقية التي تدافع عنها تلك الجمهورية منذ زمن طويل لأن الآخر لديها لا يعتبر إنسانا بقدر ما هو في مرتبة الدونية أمام الفوقية الفرنسية، ولعل ذلك من بعض الاختلافات القائمة في الغرب بين فرنسا وغيرها من بعض الدول كما بريطانيا التي ليس لديها أولوية الفوقية بقدر المعيشة والأمن وغيرها من جوانب الحياة، ولكن هذا ليس مهما لنا كمسلمين وعرب؛ ما يهمنا هو آلية التعاطي التي انحدرت إلى مستوى أقل من الدونية التي تستخدمها فرنسا، فكان السلوك من أنظمة وزعماء الأمة سواء المنتهي الصلاحية منهم أو الديكتاتوري أو الانقلابي أو ملوك الخاوة؛ كلهم سلكوا طريقا تعود بالسلبية المرحلية والمستقبلية على المسلمين والعرب بشكل عام.
حينما تختلط الدبلوماسية بالهرولة والتبعية وعندما يوصف القهر بالإرهاب والظلم بالقانون الدولي والضحية بالجلاد هناك تكمن الخطورة في تعريف المعاني، ولعلي أرصد بعض الصور المضحكة للحال التي وصلت بالمتباكين على أصحاب الإرهاب الفكري الذين أساءوا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ ومنها:
* أجهزة أمنية تحمل علم دولة أخرى وتسير في مسيرة تضامنية مع من أساء للرسول الكريم الذي هو رسول ديانتهم بحسب دستورهم !!!!، ففي أي عرف أن يحمل العسكري علم دولة أخرى إلا إذا كانت الدونية أكلت كرامته وبات يعيش على فتات من يشتمون قدوته وزعيمه.
* هرولة من يدعون أنهم زعماء الأمة إلى فرنسا بحجة محاربة الإرهاب بينما الإرهاب الفكري الذي هو الفعل بذاته كان سببا لردة فعل جلبت اولئك للمسيرة الهزيلة التي كشفت زيف استقلال الدول وأظهرت الذل على فتات وكأنه رد جميل على حساب الشرف والكرامة والخطوط الحمراء.
* لولا الخجل تارة والخوف تارة أخرى لنشرت صحف عربية تلك الرسوم تضامنا مع الإرهاب الفكري وإرضاء للفوقية الفرنسية التي لا ترى من تدعمه بالمال إلا عبدا لديها.
* تقدح وتذم مقامات كما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فيعاقب الفاعل فتخرج الزعامات والرؤساء والنطيحة والمتردية للتضامن مع القادحين والمسيئين؛ بينما في بلدانهم هناك تهمة تسمى إطالة اللسان وقدح مقامات يكون فيها المتهم في خبر كان والسجن عنوان دائم له، أما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقدح ويذم ويساء له فيكرم المجرمون ويتم التعاطف معهم ومع عائلاتهم ومنتقد سلطات أو رئيس تنتظره العقوبات وغيرها من الإجراءات بتمويل فرنسي وغربي بشكل عام.. مهزلة !!!.
كنت أتمنى :
* أن تعقد مسيرة ضخمة لنصرة الرسول محمد عليه السلام في وسط فرنسا يشارك فيها زعماء العرب والمسلمين ردا على إعادة نشر الإساءة.
* أن يستدعى قادة فرنسا لمسيرة ضد الإرهاب الصهيوني ويكون مركزها القدس حيث إحراق محمد أبو خضير حيا وهي الجريمة الأبشع للمشهد القائم.
* أن تنظم أجهزة أمن السلطة مسيرة ضخمة في وسط رام الله لنصرة الرسول عليه السلام بعد أن تضامنوا مع فرنسا في وجه الإرهاب وتكرر الإرهاب بحق الرسول، أليس حريا أن تكون هناك مسيرة لرسولهم الكريم ورفع راية التوحيد بدل دوسها أو إزالتها من الشوارع ومسيرات استقبال المحررين؟!
* قالوا بأن الرسومات حق في التعبير؛ أليست المسيرات المتضامنة مع الرسول الكريم حق أيضا يا أمن الأردن وأمن أنظمة العرب أم أن الفتات الذي يعتاش عليه الأمن العربي شل الضمير فيه وأبقى على لغة الهمجية مع الشعب والابتسامة مع الممول ولو أهان الدين والوطن والكرامة!!!.
خلاصة :
ليس أولئك الأقزام من ندعوهم لنصرة المسجد الأقصى المبارك ومحمد صلى الله عليه وسلم فأسيادهم أبو لهب وغيره ممن حاربوا الرسول عليه السلام وجها إلى وجه ذهبوا إلى مزابل التاريخ ولكنها محطة أرادها الله تمحيصا وفضحا وتأسيسا لمراحل قادمة لا تحمل في طياتها من اقتات على فتات الغرب أو رحمة الاحتلال، علها صرخة تعيد للبعض منهم شيئا من الكرامة التي ضاعت بين أرقام الحسابات البنكية والعلاقات الدبلوماسية ليس لنصرة الدين؛ فالإسلام منتصر رغم أنف الحاقدين وإنما لنخفف من أعداد المقيمين في مزبلة التاريخ.