حزب الله والاختبار الصعب

بقلم: فايز أبو شمالة

على مفرق الصدق يقف حزب الله، فبين الاكتفاء بالتصريحات الرسمية عن الرد الحتمي والموجع على العدوان الإسرائيلي، وبين القيام بالرد فعلياً توجد مسافة ساعات أو عدة أيام على أبعد تقدير، فإن تجاوزها الرد، ذبلت أوراق الانتقام، وأنطفأت نار الحقد الذي يجب أن تحرق العدو الإسرائيلي؛ الذي استخف بدم العرب والمسلمين حد السفك على عتبة أطماعه.
الوقت لا يمر لصالح حزب الله، وتأخير الرد لا يخدم الصورة التي رسمها السيد نصر الله عن الحزب، لأن إسقاط الرد السريع من الحساب معناه سقوط حزب الله من عين مؤيديه العرب، ويوقعه في دائرة الطعن من معارضيه، فالرد العسكري هو الاختبار الذي يحدد مسار الحزب في قلوب وعقول العرب بشكل عام، ويرسم معالم المرحلة، إذ لا عذر، ولا مبرر يسمح لحزب الله بعدم الرد السريع، ولاسيما أن تصريحات السيد حسن نصر الله التي سبقت الغارة الإسرائيلية عكست استعداد الرجل، وقدرته على تغيير وجه المنطقة، فكيف يصمت إزاء هذه الإهانة التي جاءت بعد يومين مع تصريحاته النارية العلنية، إن الصمت، والاكتفاء بالرد الكلامي لا يعني ألا تفريغ الفكرة التي قام عليها حزب الله من محتواها، ولا يعني إلا مواصلة العربدة والقوة الإسرائيلية القاتلة؛ التي لم تجد بعد عربياً يتصدى لها، ويهشم صلفها.
ستظل الأنظار شاخصة إلى جنوب لبنان، وستظل الآذان تترصد الخبر، وستظل الروح هائمة فوق شمال فلسطين، تنتظر الرد، ولاسيما أن حركة حماس المحاصرة لم تصمت عام 2012، وسارعت بكل ما توفر لديها من قوة بالرد على اغتيال قائدها العسكري محمد الجعبري، ودخلت حرباً عنيفة، وقصفت تل أبيب لأول مرة في تاريخها، فكيف بحزب الله الذي يمتلك من القوة ما يسحق عظم إسرائيل، ويفشل مخطط نتانياهو؟
لقد اختار نتانياهو المواجهة، وحدد زمن التصعيد مع حزب الله وفق هوى إسرائيل، ولاسيما أن استطلاعات الرأي الأخيرة لا تصب في صالح نتانياهو شخصياً، وإن كانت تصب في صالح اليمين اليهودي المتطرف بشكل عام، لذلك لا يبدو غريباً أن يلجأ نتانياهو إلى الهجوم المدبر ضد قيادات حرب الله، وذلك من منطلقين:
الأول: جر حزب الله إلى المواجهة التي اختار نتانياهو زمنها، وتضمن له تأجيل موعد الانتخابات أولاً، وتضمن له التعرف المبكر على القوة العسكرية التي يمتلكها حزب الله ثالياً، ومن ثم دراسة آلية الرد عليها قبل أن تتطور إلى قدرة قاتلة للدولة العبرية.
ثانياً: في حالة عدم الرد، وابتلاع حزب الله الإهانة، فذلك يعني خروج نتانياهو كرجل إسرائيل القوي، وصاحب قرار الحرب والدفاع عن الإسرائيليين في كل زمان ومكان وفق تصريحاته.
حزب الله يقف اليوم على ناصية الفعل، ولا مناص له إلا المواجهة، وممارسة الحرب التي لن تكون غزة ولا الضفة الغربية بعيدة عنها، إنها حرب العرب ضد اليهود.
ملاحظة: لقد اغتالت إسرائيل عماد مغنية، ولم تتلق الرد، وهي اليوم تغتال جهاد بن عماد مغنية، فإن لم تتلق الرد السريع، فإنها ستغتال حفيد حفيد عماد مغنية دون أي رد.